والتي تتجه نحو الانسحاب من الاتفاق النووي المثير للجدل .
ويرى متابعون للشأن الدولي انّ الاجراءات الامريكية التي تنوي اتخاذها لضرب النفوذ الايراني في المنطقة العربية لن تقتصر على الانسحاب من الاتفاق النووي – رغم انه سيكون خطوة خطيرة في العلاقات بين البلدين – بل تسعى الى تبني اجراءات عقابية اخرى ضد طهران من بينها تصنيف الحرس الثوري الايراني كتنظيم ارهابي ، وأيضا محاولات الحد من دور ايران في العراق وسوريا . اذ طالب البيت الابيض على لسان وزير الخارجية الامريكي امس الحكومة العراقية بإعادة الفصائل المسلّحة المدعومة من إيران إلى ديارها وهو ما رفضته حكومة بغداد رفضا قاطعا.
واقع العلاقات بين واشنطن وطهران
في هذا السياق وبخصوص واقع العلاقات الايرانية الامريكية واسباب الخلاف الراهن بين الجانبين قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني علي مراد لـ«المغرب» انه بحسب ما أعلنه الرئيس الامريكي ترامب الاسبوع الماضي في استراتيجيته الجديدة تجاه ايران، يبدو واضحاً تركيز الامريكيين على محاولة احداث شرخ في الداخل الايراني، عندما لم يقدم على الانسحاب من الاتفاق النووي، وقراره بأن ايران لم تلتزم بروح الاتفاق بحجة نشاطات الحرس الثوري والتجارب الصاروخية الباليستية .. مضيفا « وبطلبه من الكونغرس ان يراجع الاتفاق يحاول رمي الكرة في ملعب المشرّعين وبالتحديد الجمهوريين، كونهم من المتحمسين لتقويض نفوذ ايران في المنطقة».
واشار محدّثنا انه ابتداء من يوم امس الاول بدأ الكونغرس بمناقشة 4 مشاريع قوانين وقرارات تُفرَض بموجبها عقوبات جديدة على الحرس الثوري على خلفية البرنامج الصاروخي الباليستي وما يصفونه بأنه دعم الحرس للنشاطات الإرهابيّة بالإضافة الى قوانين لفرض عقوبات جديدة على حزب الله وفق تعبيره.
واعتبر الكاتب اللبناني ان واشنطن تحاول ان تقول للشعب الايراني انكم على وشك خسارة الاتفاق النووي وكل العقوبات التي تم رفعها بموجب الاتفاق بسبب نشاطات الحرس الثوري، وبالتالي دفعهم الى تغيير النظرة تجاه الحرس في الداخل على قاعدة ان مستقبل الايرانيين يعرقله الحرس بإصراره على انتهاج سياسة صدامية مع الامريكيين على حد قوله .
واشار «لكن من الواضح ان الايرانيين استفزهم خطاب ترامب وإجراءاته، مع تعمده استعمال مفردات ارضائية لحلفائه الخليجيين عندما استعمل توصيف «الخليج العربي» فكانت ردة الفعل عكسية نتج عنها ما يشبه الالتفاف حول مؤسسة الحرس الثوري وحالة غضب في صفوف مختلف الاطياف داخل ايران تجاه الأمريكيين».
الحرس الثوري الايراني
وبخصوص هذا التوجه الامريكي لتصنيف الحرس الثوري ارهابيا وتداعيات ذلك على الداخل الايراني اجاب محدّثنا « برأيي ان دعم الحكومة الايرانية للحرس سوف يتضاعف، فالميزانية والمشاريع التي يديرها الحرس الثوري في الداخل سوف تنتعش كرد على الامريكيين. بالإضافة الى تطوير البرنامج الصاروخي وقد نشهد قريباً تجارب صاروخية باليستية غير مسبوقة، وهذا كله يندرج في اطار الرد على استراتيجية ترامب. صحيح ان ترامب قذف الكرة في ملعب الكونغرس لكنه قال انه سيلغي الاتفاق في حال فشل الكونغرس باتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق، بمعنى ان ترامب والجناح الصقري في ادارته يهدف الى التمهيد تدريجياً للانسحاب من الاتفاق في نهاية المطاف».
واشار مراد الى انه في حال حصول ذلك فإن الايرانيين حكماً سيردون ضمن استراتيجية مدروسة اعدوها مسبقاً، اما ترامب فلا يبدو انه قد اعد استراتيجية واضحة للتعامل مع عواقب خياره بإنهاء الالتزام الامريكي بالاتفاق.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني «واضح من خلال الترحيب الاسرائيلي والسعودي باستراتيجيته المزعومة ان ترامب اراد ارضاء كل من تل ابيب والرياض، ولكن من المستبعد ان يقدم ترامب على انتهاج ما تريده تل ابيب والرياض من الانقضاض على حلفاء ايران في المنطقة، وهنا اعني شن عدوان على حزب الله (سواء في سوريا او لبنان) والسبب واضح: اي استهداف امريكي للحزب سوف يعني اشتعال حرب ستحدث تدميراً هائلاً في اسرائيل. لذلك ارى ان خيارات ترامب وحلفائه في المنطقة محدودة في المرحلة الراهنة وسوف تنحصر اجراءاته بالعقوبات والتضييق المالي على الحرس الثوري وحركات المقاومة المُتحالفة مع الحرس.»
النفوذ الايراني في الشرق
وحول محاولات امريكا ضرب النفوذ الايراني في المنطقة خصوصا في سوريا والعراق اكّد محدّثنا ان واشنطن تسعى عبر السعودي والاماراتي الى جذب العراقيين الى معسكرها وإبعادها عن طهران ، مضيفا ان محاولاتها سوف تفشل في نهاية المطاف مع ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في ماي القادم، لم ينس بعد العراقيون الدور الخليجي والسعودي تحديداً في استهدافهم وبالتالي فكرة استهداف نفوذ ايران داخل العراق سوف تفشل على حدّ تعبيره.
وتابع «اما في سوريا فهناك توازنات مختلفة بعض الشيء اذا ان روسيا تملك اليد الطولى وقد تسرب ان الملك السعودي سلمان طلب من بوتين خلال زيارته الاخيرة الى موسكو «وضع رأس حزب الله على الطاولة» مقابل استثمارات وعقود سعودية ضخمة والرئيس بوتين رفض مناقشة الموضوع مع ضيفه، برأيي ان محاولات اضعاف ايران وحزب الله في سوريا ايضاً صعبة التحقيق مع وجود تحالف قوي بينهما وبين موسكو، وهذا ما تعكسه الاصوات المرتفعة في تل ابيب في هذا الصدد، نتنياهو ايضاً فشل في تغيير موقف سوريا من ايران وحلفائها في سوريا والرسالة الصاروخية التي اطلقتها دمشق قبل اسبوع باتجاه طائرة اسرائيلية بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الروسي لتل ابيب كانت واضحة».