الهجوم الذي اتضح انه ثري امريكي الجنسية ، خاصة وان الاستخبارات الامريكية دحضت ادعاءات تنظيم «داعش» الارهابي التي اكد فيها وقوفه وراء الحادث.
ومطلق النار الذي كان متمركزا في طابق مرتفع من فندق مطل على الحفل الموسيقي، كان أمريكيا عمره 64 عاما يدعى ستيفن كرايغ بادوك، وهو محاسب متقاعد ثريّ. وانتحر قبل أن تقتحم الشرطة غرفته في فندق «ماندالاي باي».وأعد مطلق النّار لعملّيته بعناية اذ تمّ العثور على 23 قطعة سلاح بحوزته من عيارات مختلفة بينها بنادق هجومية، يعتقد أنه نقلها في أكثر من عشر حقائب، بحسب ما افاد رئيس شرطة المدينة جوزيف لومباردو.وبعض البنادق كان يحمل جهاز تصويب، وكان المسلح يخبئ في سيارته مادة نترات الأمونيوم وهو سماد يمكن استخدامه لصنع متفجرات.كما عثر لاحقا في منزله في بلدة ميسكيت على مسافة حوالي 120 كلم من لاس فيغاس على ترسانة كاملة تضم 19 قطعة سلاح إضافية وآلاف الذخائر والمتفجرات.
وبعد تبني تنظيم داعش الارهابي ووصفه منفذ الهجوم بانه احد جنود مايسمى «الدولة’’ اعتنق الاسلام قبل عدة أشهر ويدعى بحسب بيان التبني «أبو عبد البر الأمريكي هذا البيان الصادر عن التنظيم الارهابي قابله نفي حاد لهذه الفرضية من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الـ’’ف بي أي’’ .
وتأتي هذه المجزرة لتضاف لعدد من الهجمات الاخرى التي شهدتها امريكا وكان اغلبها يصنف على انها اما هجمات ذات دافع عائلي او ان منفذها مختل عقلي ، على غرار حادثة اطلاق النار الذي استهدف في جوان 2016 ملهى ليليا في مدينة اورلاندو وخلف 49 قتيلا الا ان هذا الهجوم تبناه انذاك تنظيم داعش ايضا.
وتعليقا على الهجوم قال الكاتب والمحلل السياسي المختص في العلاقات الدولية د . رامي الخليفة العلي لـ«المغرب» انّ الإشارة الأولى التي يمكن استقراؤها من هجوم «لاس فيغاس» هو أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية ركّزت خلال السّنوات الماضية على ما يمكن تسميته بالإرهاب الخارجي، مما أدّى إلى إهمال الخطر الإرهابي الداخلي، خصوصا أن الولايات المتحدة مترعة بالحركات اليمينية المتطرفة والجماعات المتشددة، سواء على أساس عرقي أو ديني.
وتابع الخليفة العلي «أضف إلى ذلك انتشار السلاح والقوانين الأمريكية التي تسمح بذلك، فالذين يموتون نتيجة إنتشار السلاح أكثر بكثير من أولئك الذين يقعون ضحايا هجمات إرهابية مرتبطة بجماعات إرهابية كداعش والقاعدة. وأخيرا ضعف الإجراءات الأمنية مما سمح للمهاجم بإدخال اسلحة وذخيرة إلى غرفته في الفندق، وأتاح له ارتكاب هذه المجزرة بهذا العدد الضخم من الضحايا».
وبخصوص التضارب المتعلق بالجهة الضالعة في الهجوم بين تبني «داعش» الارهابي ونفي السلطات الامريكية اجاب محدّثنا انّ هذا التضارب مرتبط بالوضع الذي يعيشه تنظيم «داعش»، فالتنظيم يتعرض لضغط عسكري كبير سواء في سوريا أو العراق، وبالتالي هو يبحث عن أي نصر، لذلك يسارع إلى تبني أي عمل عنيف يحدث في الغرب، حدث ذلك في هجوم مرسيليا الأخير وكذا في هجوم لاس فيغاس.واشار «بالرغم من أن بصمات «داعش» غير متوفرة في هذا الهجوم، خصوصا أن معلومات التحقيق تشير أن المهاجم انتحر قبل وصول قوات الشرطة وهذا يتناقض مع أيديولوجيا التنظيم. طبعا حدوث عمل إرهابي ليس من مصلحة ترامب لأن ذلك يشير الى فشل الإجراءات التي اتخذها منها منع عدد من رعايا دول إسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة. وبالتالي علينا انتظار ما يكشف عنه التحقيق».
وعن تداعيات هذه المجزرة على الداخل الامريكي، اجاب الكاتب والمحلّل السياسي رامي الخليفة العلي انّ هذه المجزرة سوف تؤدي إلى إعادة فتح النقاش حول انتشار السلاح وسهولة امتلاكه. ولكن من غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى وضع ضوابط حول انتشار السلاح، لسببين الأول أنه يتعارض مع التعديل الثاني من الدستور الأمريكي، والثاني القوة الكبيرة التي يتمتع بها اللوبي المساند لتجارة الأسلحة، مما يجعل جميع أبناء الطبقة السياسية بحاجة ماسة إلى مساندته. لذلك سوف ينتهي هذا النقاش كما انتهى قبل عدة سنوات عندما فشل الرئيس السابق باراك أوباما في وضع قيود على امتلاك الأسلحة الفردية وفق تعبيره .
امريكا والمشاكل الداخلية
في نفس السياق قال د. سومر صالح نائب مدير المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية لـ«المغرب» انّ سيناريو لاس فيغاس امس الاول قد يكون سيناريو مشابها لأحداث 9 سبتمبر 2001 ، اي خلق او استغلال حدث ارهابي في الداخل الامريكي لتبرير عملية عسكرية امريكية في مكان ما يخدم مصالح الولايات المتحدة الامريكية . وأضاف محدّثنا أنّ رواية «داعش» حول أبو عبد البر الأمريكي ضعيفة ومشكوك فيها .
وعن التداعيات المحتملة لهذه الحادثة قال الكاتب والمحلل السياسي السوري انّ ‘’الشعب الامريكي منشغل بامرين اولا الضرائب المتزايدة وحجم المديونية الامريكية المتزايد ايضا...وهنا ستكون ردة الفعل الامريكية مهمة لجهة هذين الامرين فأي محاولة لاستغلال ماحدث لزيادة نفقات الامن والدفاع في غير مكانها ستواجه بمزيد من عدم الرضا من الشارع الأمريكي، واي تهاون من ادارة ترامب مع الامن الداخلي ستفاقم من مشكلاته الداخلية ..لذلك ستكون هذه العملية كالسكين المسلط على رقبة ترامب...ونجاحه في تجاوز هذه المشكلة متوقف على سلوكه ..ومايزيد من مصاعب ترامب ان منفذ الهجوم هو امريكي الأصل..لذلك ستلجأ السلطات الاميركية الى نفي اي صلة للعملية بداعش او القاعدة وتحويلها الى اختلال عقلي وماشابه».
وعن تكرّر هذه الحوادث كثيرا في امريكا اجاب محدّثنا ان ذلك راجع لسببين ، «الاول وفق تعبيره مرتبط بطبيعة المجتمع الامريكي العنفية الطابع، والسبب الثاني هو عدم وجود رغبة امريكية في الاستثمار المباشر نظرا لصعوبة وتكاليف الحروب في مرحلة افول القطبية الامريكية التي تركز على الجانب الاقتصادي والتحالفات العسكرية ، فحوادث اطلاق النار جرت كثيرا وكانت فعلا ضمن اطار الجرائم الداخلية الامريكية وليس ضمن استراتيجيات الارهاب الداعشي «الخيول المسومة» و«الذئاب المنفردة» وفق تعبيره .