قال الكاتب العراقي منتظر ناصر في حوار لـ«المغرب» أنّ نتائج استفتاء انفصال اقليم كردستان عن العراق غير مقبولة سواء داخليا او اقليميا او دوليا نتيجة مخالفته للدستور والاعراف المعمول بها دوليا . واضاف ناصر ان الحكومة المركزية في العراق لديها اوراق قوية للضغط وإفشال مخطط تقسيم العراق.
• لو تقدّمون لنا قراءتكم لنتائج استفتاء انفصال اقليم كردستان ؟
اولا بالنسبة للنتائج يجب القول اولا ان هذا الاستفتاء لم يجر بطريقة قانونية ولا دستورية، وهو مخالف للدستور وايضا مخالف لأبسط قواعد اجراء الانتخابات المعمول بها في استفتاءات العالم ، مع العلم ان المفوضية العليا التابعة لإقليم كردستان تابعة للحزب الكردستاني الحاكم برئاسة مسعود بارزاني .
هذا الاستفتاء ليس مهنيّا نتيجة غياب مراقبين دوليين وحتى محليين لمراحل الاستفتاء ، بل ان حركة «كلاّ للاستفتاء» التي انشأها رجل الاعمال الكردي شاسوار عبد الواحد لم يُسمح لها اصلا بفتح مراكز في «اربيل» ولا في «دهوك» الواقعتين تحت سيطرة حكومة بارزاني ولم يسمح للناشطين في هذه الحركة ايضا بإجراء مراقبة دقيقة على عملية الاستفتاء .
وحسب فيديوهات وشهادات موثقة وتقارير اعلامية هناك تاكيدات بوجود العديد من الخروقات في مراكز الاقتراع . وهو ماحدث مثلا في مدينة «حلبجة» التي تعرضت للقصف والظلم ابان حكم النظام البعثي ايام صدام حسين وحسب شهادات نواب أكراد من داخل هذه المدينة قالو ان 50 بالمائة من متساكنيها احجموا عن التصويت . كما ان هناك انباء ان نسب المشاركة كانت ضعيفة في السليمانية وكركوك . بالتالي فان كل هذه المعطيات تقول ان لا قيمة لنتائج الاستفتاء.
• كيف ترون تأثيرات هذا الانفصال على الداخل العراقي ؟
هذا الاستفتاء سوف لن تكون له قيمة او مخرجات تفيد استقلال الاقليم عن العراق نتيجة عدة اعتبارات، اولا المعطى الدولي والإقليمي الرافض لهذا الاستفتاء ، فعمليا الاستفتاء كان من اجل الاستقلال وبما ان العالم كان رافضا لمجرد فكرة اجراء الاستفتاء فانه بالتالي لن يكون معترفا باي نتائج ناتجة عنه خاصة وان العملية في حد ذاتها مرفوضة منذ البداية .
الحكومة المركزية في العراق لديها اوراق قوية للضغط وإفشال مخطط تقسيم العراق. اذ يجب الوضع في عين الاعتبار انّ هذا الإقليم محاط بتركيا وايران ، والعراق لديه تنسيق عالي المستوى سياسيا وعسكريّا واقتصاديا مع هاتين الدولتين .
اولا الاقليم موارده الحقيقية هي النفط المهرب عبر تركيا واردوغان قال ان بلاده سوف تتعامل مع بغداد حصرا حول ملف النفط، وهذا سيكون تصحيحا للخطأ الذي ارتكبه سابقا بتعامله مع بارزاني فيما يتعلق بتصدير النفط . ثانيا غلق الاجواء والمنافذ الحدودية هذا اذا تم سيدخل الاقليم في ازمة اقتصادية خانقة نتمنى ان لاتمس المواطن العراقي الكردي بأي اذى بسببها .وفي أسوأ الاحوال الورقة الاقتصادية هي غلق المنافذ الحدودية بشكل تام.
هناك اوراق اخرى للضغط سواء عبر غلق المنافذ الحدودية او تسلم بغداد لإدارة مطارات اربيل والسلميانية ، وبهذه الخطوت ستكون سيادة اقليم كردستان ناقصة وهذا لم يكن يحصل لولا عملية الاستفتاء .
• على الصعيد السياسي كيف ستكون التداعيات الداخلية لانفصل كردستان؟
على الجانب السياسي هناك ضغط كبير للتأكيد على مسالة مهمة وأكدها العبادي- في المرحلة السابقة اي قبل 2017 لم يكن احد يعترض باي شي يقوم به كردستان لان الحكومة العراقية ضعيفة ، سواء فيما يتعلق بالمنافذ او المواقع التي تديرها حكومة الاقليم ، بعد الاستفتاء بغداد اصبحت اكثر قوة فعوض ان يضعف الاستفتاء العراق زادها قوة .
في البدء كانت الحكومة العراقية تتحدث عن خجل فيما يتعلق بمسالة اقليم كردستان لكن اليوم تتحدث بقوة وبمنطق القانون والدستور وبموقف مدعوم دوليا، ففي ظل السياسة الهادئة والقوية التي تعامل بها رئيس الحكومة حيدر العبادي مع مسالة الانفصال تمكّن الأخير من كسب تأييد المُجتمع الدّولي الرّافض لهذا الاستفتاء. فرغم المطالب الملحة التي اصدرها البرلمان العراقي للعبادي بخصوص إرسال قوات الى كركوك وضغوطات إلاّ انه لم يتنازل ،وتعامل بهدوء وقال حرفيا ان الاجراءات التي سيتم اتخاذها لن تكون لمعاقبة الأكراد بل سيتم من خلالها معاقبة المتسببين بهذا وهم الساسة وأولهم مسعود بارزاني، وقال ايضا متوجها بكلامه لبرزاني «كما تقبل ان تكون شريكا لي في حكم العراق يجب ان تقبل بي كشريك في حكم الاقليم «، هناك منطق قوة وحكمة تتعامل بها بغداد ربما قد تنتج عنها تنازلات من الجانب الكردي بدأت بالفعل تظهر الى العيان مثلا استمعنا الى مقترح من اربيل ان تكون هناك ادارة مشتركة مع بغداد لإدارة المطارات وهي اول خطوة في باب هذه التنازلات.
• ماذا بخصوص الموقف التركي من الاستفتاء وكيف ترون الخطوة القادمة لأنقرة؟
مسعود البارازاني كان حليفا او ‹›عميلا›› لاردوغان لسنوات طويلة بعد 2003 وظهير قوي له وهذا ليس تحليلا بل واقع معلوم ، فالأخير زار انقرة اكثر من زياراته لبغداد . لكن بارازاني اتكأ على الدعم الإسرائيلي وتصور ان هذا كاف لإقامة مشروع الدولة ، كما ان هناك قراءات تؤكد ان دولا عربية دعمت ايضا بل ومولت حتى عملية الاستفتاء نكاية بتركيا .
• بالنسبة لتركيا لا يمكن لها ان توافق على اقامة اي دولة كردية على حدودها لانها ضاقت بها السبل بجيوب من حزب العمال الكردي فكيف لها ان تقبل بدولة محاذية لها بكل مايمكن ان يمتعها ذلك من اسلحة ونفوذ ؟
انقرة ارسلت رسائل حادة اللهجة ضد قيام اي دولة كردية ، كما ان هناك تنسيقا عاليا بين الحكومة العراقية والتركية اولا بشان السيطرة على المنافذ الحدودية منفذ ابراهيم الخليل ومنفذ الخابور وهما واقعان تحت سيطرة عناصر البيشمركة التابعة لبارازاني،وربما سنسمع في الساعات القادمة السيطرة العراقية عليهما .
كما ان هناك تنسيقا بخصوص عائدات النفط ، هناك ايضا معلومات عن ان تركيا ستقدم الى بغداد كشفا بكل النفط الذي استوردته من كردستان في وقت سابق وسيتضمن ذلك حسابات المسؤولين الاكراد. كل هذا يدل على ان تركيا تحولت مؤخرا الى مطبخ سياسي وعسكري لمواجهة الاستفتاء ومعارضته.
• اي دور لعبته امريكا وكيف كان موقفها من هذه التطورات ؟
امريكا موقفها كان معلنا منذ اليوم الاول، ادارة البيت الابيض اصدرت اربعة بيانات متتالية حول قضية واحدة في اقل من شهر، وهذه البيانات تتحدث فيها بشكل تصاعدي فالبيان الاول كان رافضا للاستفتاء الثاني جاءت فيه دعوة لبارزاني الثالث رفض بشدة والأخير كان إدانة شديدة اللهجة واعتبر خلاله ان تمسك بارزاني بإجراء الاستفتاء مخيب للآمال . كل هذا دليل على انّ موقف واشنطن ثابت من الاستفتاء .صراحة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية ينشدون استقرار المنطقة نوعا ما لان شظايا الارهاب وصلت الى اوروبا بسبب عدم استقرار الوضع في الشرق الاوسط لذلك ليس من مصلحتها ان تخلق بؤرة جديدة للنزاع بالتالي دوامة من العنف لا نعلم متى ستنتهي .لا مصلحة اروبية ولا امريكية في استقلال كردستان الكل يعرف ان حق تقرير المصير هو حق للشعوب المستعمرة وليس للأقليّات لان فتح الباب لأي اقلية لإنشاء دولة سيفتح الباب امام بروز دويلات متصارعة وسينعكس على امن المنطقة وامن العالم .