النواب بأغلبية ساحقة (419 صوتا مقابل 3) لفائدة مشروع القرار الذي أحيل على مجلس الشيوخ الذي كان قد صادق الشهر الماضي على قرار مماثل بأغلبية 98 صوتا مقابل اعتراضين. و خلف القرار انتقادات وغضبا من بعض الدول الأوروبية ومن المفوضية التي اعتبرته أحادي الجانب على خلاف العقوبات السابقة التي تم التفاوض في شأنها لضمان وحدة الصف و نجاح الضغط على موسكو.
قابل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا القرار بغضب شديد بالرغم من أن الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض أكدت أنه لا يعترض على الخطوة و أنه«ينتظر النص النهائي على مكتبه». غضب ترامب يرجع إلى إدخال بند في القرار يسمح للكونغرس التدخل في صورة قرر الرئيس الأمريكي تخفيف العقوبات على روسيا. وهو ما يحد من صلاحياته الدبلوماسية و يجعله رهينة موافقة النواب في صورة تطبيع العلاقات مع روسيا.
غضب أوروبي
لاقى قرار الكونغرس استياء ألمانيا التي تخشى أن يؤثر ذلك على شركاتها التي تتعامل مع موسكو في شبكات مد أنابيب الغاز إلى أوروبا. و أعلنت الخارجية الألمانية عن قلقها من العقوبات التي فرضها الكونغرس الامريكي ضد روسيا ، وطالبت واشنطن بضرورة التنسيق مع برلين في شأن إصدار أي قرار يتعلق بـموسكو خشية أن تتعرض المصالح الألمانية الروسية لأي ضرر نتيجة تلك القرارات. وأعلنت وكالة الانباء الالمانية أن وزير الخارجية الألمانية، جابريل سيغمار صرح بأن الولايات المتحدة لا تملك الحق في إجبار الشركات الألمانية عن نوعية التعامل أو مع من تتعامل من شركاء الأعمال الأجانب، لاسيما روسيا. وطالب سيغمار بضرورة «التنسيق الوثيق بين أمريكا والاتحاد الأوروبي في مسائل العقوبات ضد موسكو» و أضاف قائلا: «لا يجب أن تصبح الصناعة الأوروبية مستهدفة من قبل تلك القرارات».
واعتبرت فرنسا أن مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي الثلاثاء لفرض عقوبات جديدة على روسيا وإيران وكوريا الشمالية «مخالف للقانون الدولي» لأن النطاق الجغرافي لهذه التدابير يمتد خارج الأراضي الأمريكية.وذكرت مصادر صحفية قول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن «هذا القانون حال اعتماده سيسمح باتخاذ إجراءات ضد الأشخاص الطبيعيين الأوروبيين بسبب أوضاع ليست لها صلة مع الولايات المتحدة».وأكدت المتحدثة الفرنسية أن بلادها «عارضت نصوصا مماثلة في الماضي» . وذكرت الخارجية الفرنسية أنه لم يصدر أي تنسيق أو إعلام من الجهة الأمريكية في الغرض، كما حصل بمناسبة فرض العقوبات الأولية و أن كل قرار أحادي الجانب يخر ق القوانين الدولية. وتخشى فرنسا أن يطال القرار شركات فرنسية وألمانية تعمل في إطار مشاريع مد شبكة تزويد أوروبا بالغاز الروسي.
وتذكر تقارير أمريكية أن بعض اللوبيات النافذة في الكونغرس تفرض ضغوطات على النواب لكسر الاتفاق الأوروبي الروسي المتعلق بتزويد أوروبا بالنفط الروسي . وتهدف تلك الأوساط إلى طرح الغاز الصخري الأمريكي كبديل للغاز الطبيعي الروسي. و كانت جمعيات أوروبية متخصصة في المحافظة على المحيط قد رفضت استخراج الغاز الصخري و استيراده للبلدان الأوروبية. و لا تزال منظمات اللوبي الصناعي تتدخل في صنع القرار الأمريكي تحت غطاء مقاومة الخطر الروسي.
رد روسي محتمل
قال قسطنطين كوساتشيوف، عضو في مجلس الاتحاد بالبرلمان الروسي، الأربعاء، إن روسيا يجب أن تعد «ردا موجعا» على العقوبات الأمريكية الجديدة عليها. وكتب على صفحته على فيس بوك: «بعد التصويت بالإجماع في مجلس النواب الأمريكي على حزمة عقوبات على روسيا وإيران وكوريا الشمالية لن يكون هناك انفراج. في الحقيقة أصبح تفاقم التدهور في التعاون الثنائي لا مفر منه.» نوعية التحذير الروسي متأتية من شخصية رسمية غير بارزة وهو مؤشر يدل على أن فلاديمير بوتين لا يريد الدخول في حرب اقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية . بل إنه يفسح المجال لمواصلة الحوار مع فريق ترامب ولو أن الحكومة الروسية قررت إلغاء الاجتماع المبرمج الأسبوع القادم بين الفريقين المفاوضين الروسي والأمريكي.
في نفس الوقت يستعد الإتحاد الأوروبي لطرح القضية على النقاش يوم الأربعاء القادم في إطار الاجتماع المبرمج في بروكسل لدراسة حيثيات القرار في صورة ما وافق عليه مجلس الشيوخ و اتخاذ القرارات المناسبة في الغرض. علما و أن مثل هذا القرار يدخل أوروبا في حالة حرب اقتصادية مع الولايات المتحدة من شأنه أن يضعف القدرات الصناعية الأوروبية و يمنع المؤسسات الأوروبية المتعاونة مع روسيا من المشاركة في مناقصات في الولايات المتحدة الأمريكية والحصول على تمويلات من قبل البنوك الأمريكية.