واشنطن. وصوت لفائدة «الإصلاح» 55 سيناتورا مقابل 23 معارضا. وهي الخطوة الثانية بعد أن أقر البرلمان قانونا ،يوم 12 جويلية، يفرض تعيين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من قبل البرلمان.
كانــت الحكومة البولونية المحافظـة، والتي تعتبر من «المتحــفظين على المشروع الأوروبي» قد أقرت السنة الماضية مبدأ تعيين المسؤولين على أجهزة الإعلام العمومي من قبل الحكومة وهو ما تفسره بروكسل بالتخلي عن مستلزمات دولة القانون و عن المبادئ الأساسية التي تعتبر قاسما مشتركا بين الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي.
انتقادات حادة
طالبت المفوضية الأوروبية بولونيا، في تقرير تم تسريبه للصحافة، ب «تعليق» قرار البرلمان الذي يهدف «إلى تسييس القضاء البولوني بمفعول فوري و بإعطاء البرلمان و الوزراء صلاحية التحكم في القضاة ، و في تعييناتهم و في مسيراتهم و في مهامهم». وأمهلتها ثلاثة أشهر لدراسة وضعية «احترام دولة القانون» بالرجوع إلى حزمة من المقترحات التي تقدمت بها للحكومة البولونية. و صرح نائب رئيس المفوضية فرانس تيمارمانس قائلا: «نحن قريبون من استخدام البند السابع من إتفاقية الإتحاد» التي تسمح بسحب حق التصويت لدولة بولونيا في المجلس الأوروبي.
من ناحيتها صرحت واشنطن، التي تعتبر نفسها «حليفة» لبولونيا أنها «قلقة» من إقرار تشريع « يبدو أنه يحد من السلطة القضائية و يمكن أن يضعف دولة القانون في بولونيا». و أضاف بيان الخارجية الأمريكية «نحن نرجو من كل الأطراف أن يتأكدوا من أن الإصلاح القضائي لا يمس من الدستور البولوني ومن الإلتزامات القضائية الدولية ويحترم مبادئ استقلالية القضاء والفصل بين السلطات.»
وكان رد بولونيا أن رفض رئيسها المحافظ أندري دودا استقبال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك البولوني الجنسية الذي كان يريد التعبير عن انشغال المجلس بالقوانين الجديدة و حث السلطات البولونية على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على دولة القانون. و لن تدخل القوانين المعنية حيز التنفيذ قبل توقيعها من قبل الرئيس البولوني في غضون 21 يوما بعد المصادقة عليها. و كانت المعارضة البولونية قد نظمت مظاهرات في كل المدن البولونية وخرج 240 الف متظاهر في العاصمة لمطالبة الرئيس دودا بعدم التوقيع على تلك القوانين الحادة من استقلال القضاء.
عملية لي الذراع
إمكانية أن ينفذ الإتحاد الأوروبي تهديداته ضد بولونيا تبقى ضئيلة نسبيا لآن استخدام البند السابع يتطلب موافقة الدول الأعضاء بالإجماع. لكن المجر صرح علنا أنه لن يصادق على ذلك و أن المفوضية الأوروبية تتدخل في مسائل سياسية ليست من مشمولاتها. و تستغل الحكومة البولونية هذا الوضع للمضي قدما في مشروع التحكم في القضاء بتعلة مقاومة الفساد. ويسمح القانون الجديد بإحالة كل أعضاء المحكمة العليا على التقاعد و استبدالهم بقضاة جدد موالين لمواقف الحكومة التي تتحكم في غرفتي البرلمان.
من ناحيتها أشارت المفوضية الأوروبية أنها لا ترغب في تصعيد الأزمة. و لكنها تمتلك آليات ضغط مهمة منها المساعدات المالية التي تتمتع بها بولونيا. و تعتبر بروكسل أن بولونيا، التي هي ديمقراطية ناشئة خرجت من دكتاتورية النازية و الحكم السوفييتي، تريد التمتع بالإعانات المالية دون الالتزام بمبادئ و قيم الإتحاد. وهو ما يفتح أزمة بين الطرفين تشارك فيها أيضا البلدان الشرقية الأخرى التي تحررت من متطلبات اتفاقية شنغان و قبول اللاجئين الوافدين من الشرق الأوسط. وأقدمت بعض الدول الشرقية على نصب حواجز على امتداد حدودها مع بعض البلدان الأوروبية وهو مخالف للمعاهدات الأوروبية. ويتوقع أن تتأزم الأوضاع في صورة تمسك بولونيا بموقفها خاصة و أن الإتحاد قادم على إعادة هيكلة نفسه اعتبارا لتبعات أزمة «البريكست».