إثر الانتهاء من عملية الفرز قامت مؤسسات سبر الآراء بنشر تطلعات الناخبين التي أسفرت على نتائج تظهر تقدما واضحا لإيمانويل مكرون بنسبة 60 % مقابل 40 % لمارين لوبان. بالرغم من التقدم الواضح لمكرون فإن الأرقام المتعلقة بلوبان تشير إلى وصولها إلى ضعف ما حصل عليه أبوها عام 2002. وهو دليل على تحول عميق في الرأي العام الفرنسي الذي أصبح لا يبالي بشيطنة الجبهة الوطنية وذلك بعد أن تكررت العمليات الإرهابية منذ 2015 من قبل إرهابيين ينتمون لتنظيم داعش الارهابي تمكنوا من التحرك بين مختلف البلدان الأوروبية بدون عناء. وهو ما جعل خطاب الجبهة الوطنية المعادي للهجرة والإسلام يجد صدى لدى فئات واسعة من الجمهور الفرنسي تصل اليوم إلى 40 %.
مخزون انتخابي ضئيل لليمين المتطرف
عدد المساندين لإيمانويل مكرون أظهر أن جل الزعماء السياسيين الفاعلين في الساحة الفرنسية يعملون على منع مارين لوبان من دخول قصر الإيليزي. لكن المعطيات التي قدمتها مؤسسات سبر الآراء تشير إلى قدرة المرشحة على زيادة 18 % من الأصوات لمخزونها في الدورة الأولى. فمن أين تأتي هذه المساندة؟ انطلاقا من تصريحات بعض زعماء اليمين يمكن أن نعتبر أن مجمل الأصوات التي سوف تلتحق بمارين لو بان متأتية من حركة الديمقراطيين المسيحيين التي هي جزء من التحالف مع الحزب الجمهوري. وقد صرحت زعيمتها التاريخية كريستين بوتان بدون غبار مساندتها لترشيح لوبان. جزء من حزب نيكولا دوبون إينيان الذي يشاطر لوبان موقفها من أوروبا سوف يلتحق بها.
واشارت مؤسسات سبر الآراء أن جزءا من ناخبي جون لوك ميلونشن سوف يساندون لوبان وهي نسبة عالية يمكن أن تصل الى 18 %. إضافة إلى ذلك بعض زعماء اليمين من مناصري نيكولا سركوزي لم يعلنوا مساندتهم لإيمانويل مكرون وهو ما يمكن أن يسهل تنقل الأصوات نحو الجبهة الوطنية. مجموع هذه الإحتمالات تعطي مارين لوبان قرابة 40 % من الأصوات يوم 7 ماي المقبل.
خروج اليسار الحاكم من الرادار السياسي
أعلن زعماء الحزب الإشتراكي وفي مقدمتهم الرئيس فرنسوا هولاند مساندتهم للوزير السابق إيمانويل مكرون. ولو أن بعض رموز «المنتفضين» داخل الحزب الاشتراكي امتنعوا عن التعبير عن مساندتهم للوزير الذي حاربوه عندما كان يترأس وزارة الاقتصاد. وهو ما يفسر عدم تجاوز مكرون 60 % من احتمالات الأصوات يوم 7 ماي. هذا الموقف عجل به قرار مكرون تقديم لوائح مستقلة باسم حركته في كل الدوائر الإنتخابية لتشريعية جوان المقبل وهو الخطر المحدق بمصير الحزب الإشتراكي.
الإنتخابات الرئاسية تخفي معركة أخرى تتعلق بالحصول على أغلبية في البرلمان. ففي صورة نجح مكرون في تقديم 577 شخصية بارزة للانتخابات يمكنه أن يحصل على أغلبية حكومية تقصي بالفعل الحزب الإشتراكي من الحكم. فيمكنه في ذلك السيناريو أن يتحكم في السلطة الرئاسية و في السلطة البرلمانية مما يفتح الباب أمام إعادة هيكلة المشهد السياسي الفرنسي. وهذا يتعلق كذلك باليمين الجمهوري الذي أعلن مساندته لمكرون. فهو منقسم أكثر من قبل خاصة بعد فشله في دعم ترشح ألان جوبي كبديل لفرنسوا فيون المتلبس بشبهة فساد. قرار ساركوزي عدم القبول بألان جوبي هز أركان الحزب الذي انقسم بين مساند و معارض لزعيمة الجبهة الوطنية خاصة أن خطاب فرنسوا فيون ركز على البعد المحافظ للحزب على حساب الشق الديغولي الإنساني.
في آخر تصريح للمرشح إيمانويل مكرون جاء أنه «عازم على تكوين أوسع تجمع ممكن، يذهب من جون إيفل ودريان إلى غزافيي برتران» أي من أنصاره في الحزب الاشتراكي إلى مسانديه في حزب الجمهوريين. وهو تجمع طريف بين سياسيين من اليسار و الوسط و اليمين يجتمعون حول برنامج إصلاحي أوروبي. موقف جون لوك ميلونشن الرافض للإعلان عن مساندة أي المرشحين أربك اليسار و شق حزبه بين مساند و معارض لقراره. وهو ما لا يخدم طموحاته في أخذ مكان الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية القادمة.