أو الخلايا النائمة للتنظيم في الدول الأوروبية بالتوازي مع استمرار ظاهرة نزوح المقاتلين من العراق وسوريا إلى الأراضي الليبية، واستغلال شبكة المعلومات الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في الترويج لإيديولوجية التنظيم وتجنيد عناصر جديدة.
ومع ذلك الاهتمام المكثف من دوائر صنع القرار الاوروبى سواء داخل الاتحاد الأوروبي ومؤسساته أو داخل كل دولة ببحث سبل مواجهة التدفقات المتزايدة من اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين، فان الاجتماعات التي استضافتها بروكسل في النصف الأول من مارس 2016 سواء قمة الاتحاد الأوروبي/ تركيا ( 7 مارس) أو قمة زعماء وقادة الاتحاد الأوروبي ( (17 مارس) كشفت عن عجز مؤسسات الاتحاد الأوروبي عن بلورة موقف موحد في هذا الخصوص، أخذا في الاعتبار أن وزيري داخلية كل من ايطاليا وألمانيا قد أرسلا خطاباً مشتركاً إلى المفوضية الأوروبية في 2 مارس 2016 لحثها على حماية الحدود الخارجية لمنطقة «الشنغن» بطريقة فعالة.
إذا كان ما سبق ذكره هو حال التنسيق الأوروبي في ما يخص تدفقات المهاجرين واللاجئين وحماية الحدود الخارجية، فما بالنا بمستوى التنسيق في تبادل المعلومات والتدابير الوقائية للتعامل مع التهديدات الإرهابية داخل حدود منطقة شنجن ؟، فقد كشفت الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة البجيكية، بروكسل، مؤخراً قصورا في حجم ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي تتبادلها الدول الأوروبية عن العناصر «الجهادية» العائدة من ساحات القتال في صفوف «داعش» وتحمل جنسيات دول أوروبية، وهنا تظهر تساؤلات مشروعة حول حجم انخراط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في عملية تبادل المعلومات؟ وهل ان كافة الدول تشارك في ذلك أم ان هناك دولا تحجم عن المشاركة ؟
كما أظهرت واقعة بروكسل التباطؤ الذي يتسم به عمل مؤسسات الاتحاد الأوروبي عند مناقشة وإقرار إجراءات وتشريعات لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، فعلى الرغم من إقرار المجلس الأوروبي لآلية تسجيل بيانات المسافرين PNR ، فإنها مازالت قيد البحث في البرلمان الأوروبي . وفى محاولة لاحتواء الأضرار الناجمة عن اعتداءات بروكسل عقد وزراء العدل والداخلية في الاتحاد الأوروبي اجتماعاً مشتركاً في 24 مارس الجاري صدر عنه توصيات تهتم بالاستمرار في تطوير تدابير وقائية فعالة للتعامل مع التهديدات الإرهابية، بما في ذلك تحسين إجراءات التنبؤ بإشارات تتعلق بانتشار التطرف على المستوى الوطني، خاصة وأن مرتكبي هجوم بروكسل عاشوا في أوروبا وتعرفوا على القيم الديمقراطية الغربية، إلى جانب أهمية الانتهاء من التشريعات الأوروبية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وإجراء نقاط تفتيش أمنية بصورة دورية على الحدود الخارجية لمنطقة شنجن.
فمن الأرجح أن الدوائر السياسة والإعلامية الأوروبية مازالت تصر على إتباع منهج خاطئ بالتمييز بين الجماعات الإرهابية من خلال التفرقة بين تيارات راديكالية أكثر عنفاً وأخرى معتدلة، على الرغم أن تلك التنظيمات تجمعها إيديولوجية وفكر واحد ومشاركة في الأهداف وتنسيق عملياتي على الأرض .في حين أصبح من الضروري إيلاء أولوية خاصة لمسألة الهوية والاندماج المجتمعي في السياسات التي تتبعها الدول الأوروبية لمكافحة الفكر المتطرف ، حيث أن تكرار الأحداث الإرهابية داخل العواصم الأوروبية يشير إلى وجود بعض الافراد لديهم شعور بالاغتراب الثقافي نظراً لانحدارهم من أسر ذات خلفية إثنية وأسر مهاجرة مختلفة عن التيار الرئيسي في المجتمع.