أبرز مؤشرات إنتهاء الأزمة السورية: «المعارضة» تفاوض و«أمريكا» تخسر أوراقها

تستعد أطراف الأزمة السورية لمفاوضات السلام في العاصمة الكازاخستانية «استانة» المحدد لها منتصف الشهر الحالي بعدة تحركات، وتغييرات لها دلالاتها على الساحة السورية، سنحاول من خلال هذا المقال الربط بين الأحداث المختلفة لنتتبع من خلالها ما نعتقده ظهور بوادر

تدل على قرب انفراج في الأزمة السورية الراهنة، وتتمثل تلك البوادر في السعي الحثيث الذي تبديه أطراف خارجية وداخلية للذهاب بالأزمة السورية تجاه خيارات الحل السلمي وإيقاف الحرب الدائرة هناك.
ويمكن ترتيب تلك البوادر على النحو التالي:

أولاً: المبادرة الروسية القاضية باجراء محادثات سلام سورية- سورية برعاية روسيا وايران وتركيا على ان تتم توجيه الدعوة لهذه المحادثات الى وفد النظام السوري وممثلين عن المعارضة السورية وبعض الفصائل المسلحة التي تميل الى السلام ووضع نقطة نهاية للحرب . وتم إختيار العاصمة «استانا» لتكون مقراً لهذه المحادثات، ولعل هذا الأمر له دلالات خطيرة تنبئ بتحولات تاريخية في عملية انفصال الشرق عن الغرب واتخاذ مكان له عوضاً عن جنيف الغرب، وإتخاذ ‘الاستانة’ جنيفاً للشرق.

ثانياً: تصريحات الخارجية التركية بأن تركيا مستعدة للعب دور فعال لإيقاف الحرب والخروج من الأزمة السورية، وتتمثل أهمية تلك التصريحات كونها تأتي إثر زيارة قام بها وزير الخارجية التركي لروسيا، مع ما سبقها من لقاء بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي بوتين، ولا يخفى بأن تركيا باتت مؤهلة في اللحظة الراهنة للعب الدور الهام بحكم علاقتها مع المعارضة المسلحة في سوريا، فضلاً عن التقارب التركي العراقي ولاسيما بعد إتصال أردوغان برئيس الحكومة العراقية العبادي.

ثالثاً: الإستدراة التركية التي تعتبر من أهم العلامات على قرب انتهاء الأزمة السورية، فتركيا، كان لها التأثير السلبي الأكبر في الحرب على السوريين نظراً لتوفيرها الدعم اللوجستي والسياسي للتنظيمات الإسلامية المسلحة التي تقاتل في سوريا، إذ صرحت أكثر من مرة أنها ستلعب دوراً فعالاً في المسألة السورية، وأنها حريصة على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، عندما أصبحت أكثر قبولاً بالقانون الدولي عبر ما صرح به كبار القادة الأتراك في الإلتزام بمقررات مجلس الأمن الخاصة بالأزمة السورية.

رابعاُ: كسر شوكة المعارضة المسلحة باسترجاع حلب وتشتيت قواها فضلا عن حصرها في مناطق معينة، وانهيار معنوياتها وزيادة خلافاتها وانقساماتها، إضافةً إلى تراجع عزيمة المسلحين وضعف قدرتهم على مواصلة القتال انطلاقاً من أن أملهم في تحقيق المكاسب الميدانية قد تلاشى وأنه لن يكون بمقدورهم الصمود أمام هجمات الجيش السوري وحلفائه، وتراجع قدرة الدول الداعمة لهم على مواصلة دعمها.

خامساً: بعدما كان الغرب يعتقد بأنه يلعب في مسرح بعيداً عنه ظناً منه أن النيران التي اشتعلت في منطقتنا العربية ولاسيما في سوريا لن يصل لهيبها إليه، لكنه تلقى الصدمة تلو الآخرى التي اقضت مضاجعه، بعمليات إرهابية لم تعرفها البلدان الغربية من قبل، وهنا بدأ الغرب يفكر بطريقة أكثر عقلانية وبعيدة عن العبثية، بأن العالم أصبح قرية صغيرة وأي حريق في هذه القرية سيصيب الجميع، ولاسيما بعدما امتلكت المجموعات الإرهابية أدوات تقنية متطورة وخططا أمنية تضاهي في بعض الأحيان أرقى الأجهزة الأمنية العالمية.
وبناءً على ذلك يمكننا القول: أن الغرب سينخرط بشكل جدي في القضاء على الإرهاب في منطقتنا والإسهام في عملية استقرارها، وسيتخلى عن عنجهيته التي مارسها علينا لعقود عدة مضت، وسيؤمن بمبدإ الشراكة وتقاسم المصالح المشتركة مع دول المنطقة ولا سيما الدول المتموضعة على شرق المتوسط، وبأن أمنه الإستراتيجي مرتبط بشكل مياشر وغير مباشر بإستقرار تلك المنطقة..

سادساً: على الرغم ان من أقترح مؤتمر الأستانة ورعاه هم الروس إلا انهم لم يمارسوا الدور الذي كانت تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في إقصاء وتهميش بعض الأطراف ذات الصلة بالأزمة السورية، وذلك بمبادرة الروس الى دعوة جميع الأطراف الى الإنضمام الى هذا المؤتمر، فعلى سبيل المثال وجه الروس دعوة الى مصر والسعودية وقطر للإنضمام الى جهود السلام لحل الازمة السورية، وإنطلاقاً من ذلك من المتوقع أن تدعو موسكو أطرافا أخرى مثل الجزائر وبهذه الرؤية يمكن للروس أن يحققوا تسوية سلمية مستدامة للأزمة، تكون فيها جميع الأطراف رابحة.

في سياق متصل أصبح هناك توافق روسي إقليمي حول الحل في سوريا، ويمكن إيجازه بمسألتين أساسيتين أولهما،ان الرهان على الحل العسكري قد انتهى وبدأ الرهان على الحل السياسي.
مجملاً.....إن كل هذه العوامل والمعطيات تمهد الطريق أمام إنهاء الأزمة السورية، في إطار ذلك أعتقد المراقبون للأحداث في الوقت الحاضر أن الأزمة السورية بدأت تأخذ طريقها إلى الحل ونعتقد أنها بداية النهاية لحل عقدة الشرق الأوسط ، وأختم هذا المقال بالتساؤل،هل ستكون محادثات استانا تحقيقاً لأمال الشعب السوري بوقف الحرب المعلنة عليه او سيحاول الغرب وأذياله جعلها محطة على طريق تنفيذ أهدافه ؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115