وقد عقدت شرائح ليبية واسعة آمالا عريضة على هذه الانتخابات لإخراج البلاد من لعنة الحرب الأهلية والأزمات الداخلية والخارجية.
طوال الأشهر الماضية شكّلت معضلة عدم التوافق على قاعدة دستورية انتخابية احد اهم الملفات التي القت بثقلها على المشهد الليبي، واعادت الأوضاع الى مربع العنف وعدم الاستقرار . فدون قاعدة دستورية لن تكون هناك انتخابات شفافة ونزيهة توصل ليبيا الى برّ الأمان. وقد فشل مجلسي النواب ومجلس الدولة في التوافق على قاعدة دستورية انتخابية بعد عدة اجتماعات للجنة مشتركة بينهما، تلتها اجتماعات لرئيسي المجلسين. وتتعلق الخلافات الأساسية بشروط الترشح للرئاسة، وخاصة منها ما يخص ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي قد هدّد بالتدخل في حال فشل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في إقرار قاعدة دستورية وعجزت السلطة التشريعية عن تحديد رزنامة واضحة للانتخابات. وأكد المنفي، خلال لقائه أعيان وشباب من شرق البلاد قبل 10 أيام، أن المجلس الرئاسي «مستعدّ لإنتاج قاعدة دستورية إذا استمر عدم التوافق بين المجلسين»، مشيرا إلى أن الرئاسي «أكثر طرف يدعم الانتخابات، وأنه مستعد لأي خطوة تذهب بالبلاد نحوها».
يوم امس اعاد المنفي تجديد كلامه بالاستعداد للتعاون من أجل إنجاز القاعدة الدستورية، مؤكداً أن المجلس الرئاسي ما زال مستعداً للتدخل متى تطلب الأمر ذلك. و ذلك خلال لقاء المنفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في نيويورك، على هامش انعقاد أعمال الدورة العادية الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبحسب مكتب الإعلام بالمجلس الرئاسي، بحث الطرفان آخر تطورات الأوضاع في ليبيا، فيما أكد الأمين العام خلال اللقاء، على «اهتمامه الكبير بالملف الليبي، ودعمه الكامل لجهود المجلس الرئاسي في تحقيق الاستقرار اللازم لإنجاز الاستحقاق الانتخابي».كما هنأ المنفي، الأمين العام على اختياره السنغالي «عبدالله باثيلي»، ممثلاً خاصاً للأمين العام في ليبيا، مبدياً استعداده للتعاون الكامل معه لتحريك العملية السياسية، وخصوصاً إنجاز القاعدة الدستورية.
وقد أثارت تصريحات المنفي حفيظة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح ، الذي اكد على عدم أحقية المجلس الرئاسي في وضع قاعدة دستورية انتخابية. ودعا صالح المجلس الرئاسي للاطلاع على اختصاصاته، متهما إياه بـ«الانحياز لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وعدم الالتفات لمنح الثقة للحكومة الجديدة»، في إشارة لحكومة فتحي باشاغا.
وفي خضم هذا الانقسام المؤسساتي فشلت بعثة الامم المتحدة في إجراء انتخابات في ليبيا رغم كل جلسات الحوار بين الفرقاء برعاية اممية . ويرى العديد من المتابعين ان دور الأمم المتحدة كان سلبيا طوال الأعوام الماضية في الأزمة الليبية خاصة انها تعثرت في تحقيق وتنفيذ كافة بنود خارطة الطريق ، وفي تضميد جراح الليبيين الذين دفعوا ثمنا باهظا بسبب الصراع السياسي المتصاعد بين حكومتين الأولى حكومة فتحي باشاغا المعين من قبل مجلس النواب والثانية حكومة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
اليوم تتعمّق هذه الخلافات بشأن القاعدة الدستورية وتزداد المخاوف من تجدد التصعيد العسكري في ليبيا ومن عودة العنف خاصة بعد الاشتباكات المسلحة التي وقعت قبل اشهر بسبب دخول باشاغا للعاصمة آنذاك قبل الانسحاب منها، وكادت ان تضع ليبيا مرة أخرى في فوهة بركان العنف والتصعيد العسكري .