ستؤسس لقطبية مزدوجة في المشهد السياسي بين قوى محافظة متدينة وأخرى حداثية تميل إلى النموذج العلماني.
• ماهي قراءتكم للمشهد السياسي الرّاهن في المغرب والانتخابات البرلمانية الجارية ؟
في قراءة أولية لهذه النتائج يبدو واضحا أنّ الناخب المغربي لم يعاقب حزب العدالة و التنمية الإسلامي المتواجد في السلطة منذ خمس سنوات. ربما لسببين متناقضين. الأول أن هذا الناخب مرتاح من الأداء الحكومي لعبد الإله بن كيران ومن حصيلته الاقتصادية والاجتماعية. أما السبب الثاني فربما نجده في قناعة هذا الناخب أن حزب العدالة والتنمية الذي حكم في إطار تحالف جمع حزب الأحزاب قيادة صلاح الدين مزوار التقدم والاشتراكية بقيادة نبيل بن عبد الله .
بالتالي النتائج الأولية تدل انّ الناخب المغربي لم يحمل حزب العدالة والتنمية المسؤولية عن النواقص والفشل والهفوات التي وقعت فيها ولايته و أدت إلى غضب شعبي عارم تم التعبير عنه خلال عدة تظاهرات شعبية. حتى الفضائح الأخلاقية والجنسية التي طالت بعض القيادات الإسلامية لم يكن لها تأثير كبير على خيارات الناخب المغربي .
إذن نتائج تعكس عدم عتاب وارتياح للحصيلة. في المقابل الاختراق الذي حققه حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة الياس العمري يستحق التنويه كون هذا الحزب حديث العهد واستطاع أن يفرض نفسه في المشهد السياسي المغربي كقوة تجسد تيار العصرنة لمواجهة الاديولوجيات الظلامية . أما العبرة الثالثة التي يمكن أن نستخلصها وهي انهيار اليسار التقليدي الذي كان يجسده الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بزعامة إدريس لشكر. كل ذلك أسّس لقطبية مزدوجة في السياسة المغربية بين قوى محافظة متدينة وأخرى حداثية تميل إلى النموذج العلماني.
• كيف كانت الظروف التي جرت فيها الانتخابات البرلمانية ؟
بشكل عام جرت هذه الانتخابات في ظروف طبيعية وعادية مع حياد تام لوزارة الداخلية كما يؤكد ذلك المراقبون الدوليون الذين تابعوا سير هذه الانتخابات. ويمكن أن نستخلص من هذه التجربة الانتخابية الثانية منذ تنزيل دستور عالم ألفين و احد عشر الذي ولد في خضم إرهاصات الربيع العربي ..هذه التجربة تعكس نضج النموذج الديمقراطي المغربي وحيويته ..حتى وان كان البعض يتمنى أن تؤسّس هذه التجربة الثانية لعملية تداول سلمي وسياسي على السلطة على شاكلة ما يقع في اعرق الديمقراطيات الغربية.
• يرى خبراء أنّ النتائج لن تكون مفاجئة باعتبار حزب العدالة والتنمية هو صاحب الأغلبية في البرلمان ، ماتعليقكم ؟
المفاجأة جاءت من تواجد اعتقاد قوي لدى الأوساط السياسية المغربية قبل اندلاع حملة الانتخابات من ان لدى الشارع السياسي المغربي نية وعزم على معاقبة عبد الاله بن كيران وحزبه بسبب الهفوات والتناقضات التي ميزت وجودهم في الحكومة وبسبب ما يسمى باستنفاد ممارسة السلطة التي يعاني منها كل حزب طال حكمه. لكن تبين فيما بعد انه بالرغم من ذلك استطاع حزب العدالة والتنمية ان يجند قاعدته الانتخابية وان يبقي شعلة التفاؤل في صفوفه متقدة بآمال التغيير .
• كيف ترون دور المعارضة في المشهد السياسي المغربي ؟
التحدي الكبير الذي يطرح حاليا على حزب العدالة والتنمية هو كيفية التوصل إلى تحالفات حزبية لتكوين أغلبية برلمانية وحكومة قادرة على القيام بمهامها. ففي حال جدد الملك محمد السادس تكليفه لعبد الإله بن كيران مهمّته بتشكيل الحكومة... هل سيلجأ إلى نفس الوصفة السياسية التي سمحت له بالبقاء في السلطة عبر التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب التقدم والاشتراكيّة؟ أم سيغيّر طبيعة حلفائه ويقترح التحالف مع حزب الاستقلال بزعامة حميد شباط. معروف أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي حصل على المرتبة الثانية رفض الدخول في تحالف مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي وانه سيقوم في حال شكّل بن كيران حكومة ثانية بدور المعارضة .