وتنظيم عمليات قصف واسعة ضد كييف وعدد من المدن الأوكرانية وذلك إثر تفجير جسر القرم. ولوحظ في الأيام القليلة الماضية عودة الجيش الروسي الى التقدم في مناطق خرسون لاسترجاع مواقع كان قد خسرها في الحملة المضادة الأوكرانية. وكانت الحكومة الأوكرانية قد أعلنت أن سلاح الجو الأوكراني قد أسقط أكثر من 50 % من الصواريخ الموجهة ضد العاصمة كييف وأهداف أوكرانية أخرى وأن روسيا استخدمت درون من طراز «شهيد – 126» من صنع ايراني.
من جهة أخرى تم الإعلان عن تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين روسيا وبيلاروسيا مما أدخل شبح اتساع النزاع في المنطقة. لكن بيلاروسيا إلى حد الآن لم تمنح أكثر من مساعدة لوجستية لموسكو بعد أن سمحت للجيش الروسي بإطلاق بعض الصواريخ تجاه أوكرانيا من التراب البيلاروسي. وأمام هذا التصعيد أعلنت العواصم الغربية هذا الأسبوع عن رفع مستوى تزويد أوكرانيا بالعتاد العسكري والذخيرة، وخاصة بالأنظمة المضادة للهجمات الجوية الروسية.
مساعدات عسكرية استراتيجية
ولم تقتصر المساعدات العسكرية على الولايات المتحدة الأمريكية التي خصصت إلى حد الآن 40 مليار دولار لتمويل الصفقات العسكرية لفائدة كييف. اذ ان منظمة الحلف الأطلسي قامت بمجهودات متتالية لحشد الدعم من قبل دول شرق أوروبا التي كانت في الإتحاد السوفييتي والتي لها تجهيزات عسكرية يمكن للأوكرانيين استخدامها مباشرة وكذلك من قبل 50 دولة اجتمعت يومي 12 و13 أكتوبر مع وزراء الدفاع للحلف لدراسة سبل تجميع العتاد العسكري. وأوضح الأمين العام للمنظمة جان ستولتنبرغ خلال الاجتماع الإستراتيجية المتبعة قائلا: «سوف نقوم برفع مستوى الذخيرة والعتاد وبدعم حاجيات الصناعات العسكرية، على المدى الطويل، لتمكينها من رفع الإنتاج في إطار مخططات المنظمة وتحسين الصمود وحماية المنشآت الحيوية.»
وذكرت بعض التقارير العسكرية أن نسبة الذخيرة في أوكرانيا من السلاح السوفييتي الذي تستخدمه قد قلت وأن إمكانية مواصلة استعمال الأسلحة القديمة سوف تصبح محل تساؤل في حال انتهائها. وقد عملت منظمة الحلف الأطلسي على تزويد أوكرانيا بالذخيرة المصنعة في قبرص من قبل مصانع أسست سابقا بالاشتراك مع روسيا من أجل صنع الذخيرة للعتاد السوفييتي. وتملك قبرص أنظمة من صنع روسي مثل أنظمة الصواريخ «طور» و«بوك» القادرة على اسقاط الطائرات والصواريخ والدرون الروسية. ولكن قبرص فرضت تعويضها، في هذا الإطار، بعتاد عسكري غربي متطور يساعدها على الصمود ضد التهديدات التركية المتكررة في حالة عدوان. عليها وهو ما جعل الدول الغربية تدخل في مرحلة ثانية من تزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة متطورة الصنع تساعدها على مواصلة الحرب والصمود أمام الهجوم الروسي.
وقد أكد الرئيس الفرنسي في حديث للقناة الثانية الفرنسية يوم الأربعاء 12 أكتوبر أن بلاده سوف تواصل منح أوكرانيا بالعتاد العسكري وترفع من نسق تزويد كييف بالأسلحة «من أجل حماية البلاد من الهجمات بالدرون والصواريخ». وأعلن البنتاغون في نفس اليوم عن رفع الميزانية المخصصة لأوكرانيا بنسبة 750 مليون دولار من أجل تزويدها بأسلحة متطورة جديدة. وتعاقبت التصريحات في العواصم الغربية لتظهر وقوفها مع أوكرانيا ضد ما اعتبرته «جرائم حرب» و «ضم الأراضي في الدونباص».
عتاد «دفاعي» حديث
وأظهرت الأشهر الماضية أن التجهيزات العسكرية الأوكرانية غير قادرة على رد الهجوم الروسي. وهي تتمتع بنظام «س 300» الروسي الصنع المستخدم كغطاء جوي للتصدي للصواريخ. لكن هذا السلاح يمكن كييف من حماية تقدر بـ50 % ضد الصواريخ الروسية الجديدة. لذلك أقدمت واشنطن على منح أوكرانيا نظاما دفاعيا حديثا أرض- جو يستخدم حاليا لحماية مدينة واشنطن ويصل مداه 45 كلم. وقال متحدث عن البنتاغون أن اثنين من تلك الأنظمة تم نقلها لأوكرانيا من جملة 8 مبرمجة وأن الوزارة قررت منح كييف 2000 قذيفة «رام» (155 ملم) تحمل 9 ألغام مضادة يمكن استعمالها لضرب الدبابات.
وأعلنت ألمانيا عن تمكين أوكرانيا من نظام دفاع جوي من طراز «أيريس – تي أس أل أم» لم يستخدم بعد في ساحات القتال. وكانت برلين قد منحت كييف ألغاما من نوع «أ تي 2» زرعت في طريق الدبابات الروسية وقضت على مئات منها في الأشهر الماضية. أما كندا فقد بدت منذ شهر أفريل في تحويل قذائف «إكسكاليبور» المستعملة على قاذفات من طراز 155 مم وهي حاملة لأجهزة إلكترونية حديثة (جي بي أس) تمكنها من ضرب أهدافها بكل دقة. وأكد البنتاغون أن أوكرانيا تلقت 880 ألف قذيفة من هذا النوع و2500 مجهزة بنظام «جي بي أس».
ورغم ان المجهود الفرنسي في الحرب، متواضع مقارنة بما تقدمه واشنطن ومنظمة الحلف الأطلسي، الا انه حاسم في عمليات الجيش الأوكراني. وقد رحبت وزارة الدفاع الأوكرانية بمدافع «قيصر» الفرنسية التي كانت حاسمة على الميدان لدقتها العالية. وبعد مد كييف ب 18 مدفعا، أعلن الرئيس الفرنسي عن 8 مدافع ستحول في الأسابيع القادمة. وكانت باريس قد منحت كييف عشرات المدافع المحمولة على عربات وصواريخ محمولة على الأكتاف مضادة للدبابات من طراز «ميلانو» أظهرت قدراتها في العراق وفي سوريا.
كل هذا العتاد الحربي هدفه، حسب ما صرح به إيمانويل ماكرون، هو تمكين أوكرانيا من الدفاع عن أراضيها. وإن يركز الموقف الفرنسي عن ضرورة «الرجوع إلى طاولة النقاشات» وعن رفض استخدام السلاح النووي في صورة هجوم مماثل على أوكرانيا، فإن الموقف الأمريكي – الذي يتماشى وموقف منظمة الحلف الأطلسي – يهدف إلى مواصلة دعم أوكرانيا مع فرض عقوبات متزايدة على موسكو من أجل إطالة مدة الحرب. ويعتقد الخبراء الأمريكيون أن الأشهر القادمة، مع رفع مستوى الدعم العسكري، سوف يفرض على موسكو حالة من توازن القوى على الأرض يستحيل أمامها أن «تنتصر» نهائيا. وهو ما يضفي، حسب نفس المحللين، إلى اضعاف روسيا من ناحية وحسم النزاع من جهة أخرى، وذلك في سيناريو محتمل لعدم استخدام السلاح النووي. لكن تصريحات الرئيس الروسي المتكررة وانذاراته باستخدام محتمل للقنبلة النووية «في صورة هجوم على الأراضي الروسية» أدخل العالم في حالة ترقب مخيف لا يعرف إن كان ذلك من ضرب المناورة أو نية واضحة لخوض حرب لآخر رمق.
أمام التصعيد العسكري الروسي، البلدان الغربية ترفع من مستوى تسليح أوكرانيا: ستولتنبرغ: «الحلف الأطلسي ليس طرفا في النزاع، لكن دعمنا لأوكرانيا أساسي
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 10:43 20/10/2022
- 821 عدد المشاهدات
أخذت الحرب على أوكرانيا منعرجا جديدا بعد أن أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن التعبئة النسبية للقوى الروسية بتجنيد 300 ألف مقاتل من الاحتياطيين