بريغنصون قبل انعقاد قمة البلدان السبعة الكبار المبرمجة في مدينة بياريتز الفرنسية أيام 24 و 25 و 26 أوت و التي لا تشارك فيها روسيا منذ عام 2014 إثر ضم القرم من قبل موسكو. وهي زيارة لفرنسا تأتي بعد اللقاء التاريخي في قصر فيرساي عام 2017.
يحاول ماكرون، الذي استرجع بعضا من عافيته بعد الأزمات الإجتماعية المتتالية هذه السنة، البحث عن الوصول إلى توازن في العلاقات الدولية بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة أحادية الجانب تضع المصالح الأمريكية فقط في قلب سياسات البيت الأبيض و تفرض عقوبات على الدول المنافسة مثل الصين و دول الإتحاد الأوروبي والهند و كندا و المكسيك و تعاقب تركيا و إيران لعدم الانصياع للقرار الأمريكي.
مواضيع متعددة سوف تطرح في اللقاء، حسب قصر الإيليزي، تخص في المقام الأول قضية أوكرانيا وتشمل ملفات سوريا و إيران وليبيا. و ترغب باريس في استغلال انتخاب فولوديمير زيلينسكي كرئيس جديد لأوكرانيا لفتح حوار جديد لتطبيق اتفاقات مينسك في إطار حوار نرمانديا الذي تشارك فيه كل من روسيا و أوكرانيا و فرنسا وألمانيا. وهي فرصة أمام بوتين لدعم الموقف الروسي تجاه أوروبا إذا ما قبل إطلاق سراح أعوان البحرية الأوكرانية الموقوفين من قبل روسيا. في المقابل يفتح ذلك بابا أمام ألمانيا و فرنسا لإعادة ترميم العلاقات مع روسيا التي هي الامتداد التاريخي الطبيعي للإتحاد الأوروبي و الذي تمكنه من التصدي للنفوذ الأمريكي. و يرغب ماكرون في التوصل إلى «حل سلمي» في مدينة إدلب السورية أين سجلت القوات النظامية تقدما عسكريا على حساب القوات المقاتلة من المرتزقة الإسلاميين المدعومين من البلدان الغربية و من تركيا. الملف الثالث الأساسي يتعلق بموقف إيران المتوجه نحو التخلي عن الاتفاق النووي بسبب تواصل العقوبات المسلطة ضد طهران.
فتح حوار ضروري
و لا يعتقد الخبراء في العلاقات الروسية الفرنسية أن يجد ماكرون أذانا صاغية في الملفات المطروحة للنقاش خلال اللقاء بين الرجلين. إستراتيجية بوتين الرامية إلى تركيز نفوذه في منطقة الشرق الأوسط و على حدود الفدرالية الروسية تعتبر خطا أحمر بالنسبة لموسكو. و قد نجح في الأشهر الماضية في تقديم بيادقه تجاه تركيا بعد صفقة الصواريخ «س 400» بالرغم من المعارضة الأمريكية و دعم العلاقات مع طهران. أما في خصوص الملف السوري فالهجوم على إدلب يشارك فيه الطيران الروسي يوميا على مدار 24 ساعة. و تشير آخر الأخبار أن النفوذ الروسي توغل في ليبيا بعد أن دعم علاقاته مع المشير حفتر بإعانة مباشرة من الحكومة المصرية. وهو ملف حساس بالنسبة لباريس و لا يريد ماكرون أن تدخل موسكو على الخط في ليبيا لإفساد توجهاته في دعم المصالح الفرنسية. لذلك يعتقد قصر الإيليزي أن المصالح الوطنية لا يمكن المحافظة عليها عبر التصادم بل بفتح سبل للحوار المباشر مع الزعماء. و يبدو، حسب المراقبين، أن باريس أصبحت لها يقين أن بوتين، بالرغم من المشاكل الداخلية و المعارضات الجديدة لسياساته في جل المدن الروسية، هو في قلب التوازنات الإقليمية و الدولية القادمة.