للعقيد أرنو بلترام الذي وهب حياته في الهجوم الإرهابي الذي قام به شخص من أصل مغربي رضوان لكديم و المنتمي لتنظيم «داعش» الإرهابي. خلال التكريم أكد ماكرون على تمسك فرنسا بمقاومة «الإرهاب» و«الظلامية الهمجية» ورد ضمنيا على الانتقادات الموجهة له من قبل المعارضة السياسية واعدا باحترام روح الفقيد ومثاله «دون تخاذل ودون تشنج».
حرص الرئيس ماكرون الذي استدعى الرئيسين ساركوزي و هولاند و كل أعلام الدولة و الحكومة والمسؤولين في كل الأحزاب على تمكين المواطنين، في خطوة غير معهودة، من حضور موكب التأبين لدعم الوحدة القومية ضد خطر الإرهاب الإسلامي. وشمل خطاب ماكرون كل الضحايا في العملية و رجال الأمن السابقين الذين سقطوا في عمليات إرهابية والعجوز اليهودية ميراي كرول التي تم اغتيالها مؤخرا .
«توعد بالحركات الإسلامية»
كان خطاب ماكرون منتظرا في شان مقاومة الإرهاب بعد الانتقادات التي عبر عنها عدد من الشخصيات السياسية من اليمين و اليسار في شأن الإجراءات الحكومية لردع الإرهابيين. ولأول مرة منذ انتخابه عبر ماكرون بوضوح عن نية مقاومته للإرهاب وندّد بـ «الظلامية» وبتفشي «الإسلاموية» في المجتمع الفرنسي وطالب «كلّ مواطن» بالتخلّي «باليقظة وبالسلوك المدني». وأضاف :«لا، نحن لا نقاوم المنظمات الإرهابية و جنود داعش وأئمة الكراهية و الموت فقط، نحن نقاوم أيضا الإسلاموية الدفينة التي تنتشر عبر وسائل الاتصال الجماعي.. وتمسح الأدمغة وتعفنا بالتقرب اليومي» من المواطنين.
هكذا حدد الرئيس ماكرون مساحة المقاومة التي ينوي إتباعها لصد ظاهرة العنف. وهو يشير مباشرة لوضع «الضواحي» و الحياء الشعبية التي أصبحت مرتعا للجماعات الإسلامية العنيفة و للحركات السلفية وللجمعيات الإخوانية التي تؤلب قلوب المسلمين على مبادئ الجمهورية الفرنسية وقيمها الإنسانية. خارطة طريق جديدة أرسلها ماكرون لأجهزة الأمن وللحكومة حتى تتحرك للقضاء على تلك الظاهرة التي استفحلت في المجتمع و أصبحت تجند ، كما هو الشأن بالنسبة لزوجة الإرهابي رضوان لدكيم، رجالا ونساء من أصل مسيحي تتم أسلمتهم على الطريقة السلفية لضمهم لجند الخلافة.
جدل في الأوساط السياسية والفكرية
مباشرة بعد العملية الإرهابية في كركاسون وتراب ، انطلق زعماء المعارضة الذين يريدون استرجاع بعض الحضور على الساحة السياسية في استغلال الحادث للطعن في سياسة ماكرون تجاه الحركات الإرهابية خاصة بعد أن أعلنت الشركة أن الإرهابي ينتمي إلى قائمة «س» التي تخص الأشخاص المراقبين من قبل أجهزة الأمن لكونهم «ينتمون إلى حركات إرهابية». و اقترح الوزير الأول السابق مانويل فالس أن يتم وضع المشبوه فيهم - وعددهم يفوق 20 ألف – في مراكز احتفاظ في حين اعتبر رئيس الجمهوريين انه يجب إرجاع العمل بحالة الطوارئ. وتعددت الاقتراحات في نفس الاتجاه لمقاومة حركات الإسلام السياسي و السلفية. وهي أول مرة يلتقي فيها زعماء من اليمين و اليسار في دعم مثل هذه الإجراءات و لو خالفت متطلبات الدستور. مما يشير إلى الغليان الذي أصبحت فيه الأوساط السياسية المعبرة عن جزء كبير من الرأي العام الفرنسي.
وسبق أن أطلقت مجموعة من المفكرين و الكتاب (100 توقيع) قبل اندلاع الهجمة الإرهابية بيانا نددوا فيه بـ«الانعزالية الإسلامية» التي هي سياسة تشجع عليها أطراف إسلامية من مختلف المذاهب تركز على عدم احترام قوانين البلاد و مبادئ الجمهورية وتحاول «فصل» المسلمين من باقي المواطنين عبر اللباس والأكل و المظهر و التظاهر بالتدين و عدم مخالطة غير المسلمين والانزواء في أماكن وحارات «خاصة» بالمسلمين. وشارك في العريضة عدد من الكتاب والمفكرين «العرب» وفي مقدمتهم بوعلام صنصال و فوزية زواري ووليد الحسيني. وتشير الحفاوة التي شهدتها فرنسا في تكريم «الشهداء» الفرنسيين إلى تعاظم مسألة وضع الإسلام في المجتمع إلى حد أن الدولة أصبحت محجوجة و أن عليها أن تقدم إجراءات استثنائية لردع الحركات الإسلامية في الداخل.