في أجواء متوترة مع الإتحاد الأوروبي في شأن مفاوضات الطلاق مع الإتحاد. الهدف الرئيسي المعلن لهذه الزيارة هو تحضير انطلاقة الاقتصاد البريطاني على أسس جديدة تبدأ بتطوير المبادلات مع الصين التي تربطها ببريطانيا علاقات عريقة في شتى الميادين.
تريزا ماي التي تشكو من بعض العراقيل الداخلية والخارجية، وأساسا مع الإتحاد الأوروبي، تحاول ضمان العلاقات التقليدية لبلادها مع كبرى الدول. من ذلك أن التقت بالرئيس الأمريكي على هامش منتدى دافوس السويسري. وها هي تحل يوم الثلاثاء 30 جانفي في بيكين في زيارة بثلاثة أيام مصحوبة بخمسين من رجال الأعمال والجامعيين البريطانيين يمثلون كل قطاعات الاقتصاد والأعمال التي لها وزن في تطوير التجارة والاقتصاد البريطاني.
زيارة إستراتيجية
منذ 2010 تطورت صادرات بريطانيا نحو الصين بنسبة 60 % وهو ما شجع تريزا ماي على ارساء استراتيجيا اقتصادية تكون فيها الصين أحد الركائز الأساسية. من ذلك أن صرحت الحكومة البريطانية أن هدفها هو أن تصبح الصين أحد أهم المستثمرين في بريطانيا مع حلول 2020 أي مع بداية فترة ما بعد «البريكسيت» ومن المتوقع أن تستمر العلاقة مع الإتحاد الأوروبي إلى نهاية 2019 مع إمكانية تمديد المرحلة الانتقالية حسب رغبة الأوروبيين. لكن النواب البريطانيين يضغطون على تريزا ماي في اتجاه التحرر الكامل من الفضاء الأوروبي بسرعة للشروع في نسج إستراتيجية وطنية تفتح الباب أمام علاقات ثنائية مع الإقتصادات الصاعدة في العالم وفي مقدمتها الصين.
وأكد ليام فوكس، وزير التجارة العالمية ، لجريدة «ذي اندبندانتس» أن التبادل بين البلدين وصل إلى 59 مليار جنيه إسترليني وأن الصادرات إلى الصين ارتفعت بنسبة 25 % في سنة 2017. وهو يشير إلى التطور المذهل الحاصل داخل المجتمع الصيني الذي ، حسب قوله، «سوف تشهد طبقته الوسطى تطورا إلى حدود 600 مليون مواطن عام 2020 وهو ما يفوق عدد المواطنين داخل الإتحاد الأوروبي» مما يرفع عدد فرص الاستثمار و الأعمال بالنسبة للشركات البريطانية. هذه الإستراتيجية تدخل في منافسة مباشرة مع أوروبا وتختلف نوعيا على الموقف الأمريكي الداعي إلى «حرب اقتصاديّة» مع الصين التي يعتبرها أهم خطر على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
سياسة «العصر الذهبي»
أعلنت تريزا ماي قبل سفرها أن «الزيارة سوف تدعم «العصر الذهبي» في العلاقات البريطانية الصينية. عمق علاقاتها تعني أنه سوف يكون لنا حوار صريح في كل المسائل». من ذلك أن بريطانيا لا تريد أن تتخلف عن مشروع «طريق الحرير الجديدة» والتي عبر الأوروبيون عن رغبتهم في المشاركة فيها. لكنها التحقت بموقف إيمانويل ماكرون الداعي إلى احترام المبادئ الكونية من قبل الصين في علاقاتها مع البلدان المشاركة في المشروع. وترغب بريطانيا، في هذا الإطار، في فتح ترابها أمام الاستثمارات الصينيّة في الميادين الواعدة اقتصاديا مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والخدمات.
لكن الملف الاقتصادي لن يطغى على المسائل السياسية التي تتصدر الشأن الدولي و في طليعتها الموقف من كوريا الشمالية. وقد أشارت الوزيرة الأولى البريطانية إلى اختلافها مع السياسة المتسامحة لبيكين وهي ترغب أيضا في دعم المطالبة بإرساء نظام ديمقراطي من قبل مواطني هونغ كونغ، التي انسحبت منها بريطانيا منذ 20 سنة و سلمتها للصين احتراما للمعاهدة الدولية بينهما. وإن كان الجانب الاقتصادي يخدم مصالح الجانبين فإن المحللين في بريطانيا لا يعتقدون أن الصين سوف تغير من موقفها تجاه كوريا الشمالية أو توسع نفوذها في إفريقيا الذي يصاحب استثماراتها الكبيرة في البنية التحتية و الزراعة والتكنولوجيا.