حكومة ائتلافية بعد إخفاق المحاولة الأولى مع الليبراليين، صوت مؤتمر الحزب الاشتراكي بالموافقة على 28 صفحة من نص الاتفاق بأغلبية 362 صوتا مقابل 279.
لم تكن المفاوضات سهلة بين الطرفين خاصة أن مارتن شولتز قرر إثر خسارته في الانتخابات عدم مواصلة تجربة “الائتلاف الكبير” بين الحزبين الأولين في ألمانيا. لكن ظروف دخول ألمانيا في مرحلة من عدم الاستقرار وتحت ضغوطات الرئيس الألماني غير شولتز موقفه و دخل في مفاوضات مع أنجيلا ميركل انتهت بالتوصل إلى اتفاق أولي ومبدئي على كتابة نص جديد لتشكيل الحكومة.
صمود أنجيلا ميركل
لم ينجح مارتن شولتز في إقناع أنجيلا ميركل بتغيير سياساتها، خاصة المتعلقة بالمالية و الصناعة و التجارة. لكنه أحرز تقدما في تمرير توجهات جديدة حول المشروع الأوروبي، يتوافق مع المقترحات الفرنسية التي عبر عنها الرئيس إيمانويل ماكرون. موقف المستشارة يبقى صلبا بالرغم من الصعوبات الظرفية بعد الانتخابات التشريعية. فهي قد حققت نجاحات في الموازنة العامة ضمنت لها رصيدا فاق 45 مليار يورو يمكن لأي حكومة أن تستخدمه لتنفيذ مشاريعها و حماية مصالحها داخل و خارج الفضاء الأوربي.
الجانب الثالث في الائتلاف هو حزب “سي أس يو” المحافظ الذي قبل الدخول في الحكومة على شرط إعادة تغيير سياسة الهجرة. وهو ما أفضى إلى القبول بسقف 200 ألف مهاجر سنويا مع التقليص من عدد المهجرين الملتحقين بعائلاتهم. و نجحت أنجيلا ميركل ، عبر بعض التنازلات غير الجوهرية بالنسبة لحزبها ،في إرضاء الحزبين بالرغم من اختلافهما العقائدي. وهو في حد ذاته مؤشر إيجابي على باقي المفاوضات القادمة.
حكومة في ربيع 2018
الاتفاق الحاصل هو خطوة حاسمة و لكن غير نهائية في طريق تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة. يبقى أمام الأطراف المتعاقدة عدة أشهر للتوصل لكتابة كل البنود المتفق عليها انطلاقا من 28 صفحة أولية. تشكيل الحكومة في ألمانيا يخضع لاتفاق كل الأطراف حول مشروع حكومي يترجم في كتاب يحتوي على كل الإجراءات المبرمجة والتي تلتزم بها كل وزارات الحكومة. من المتوقع أن تنتهي فترة التفاوض النهائية في الربيع القادم و أن تشرع في عملها في شهر أفريل القادم.
الحكومة الجديدة سوف يكون لها بعد أوروبي مؤكد يرتكز على الثنائي الفرنسي الألماني و يهدف إلى إعادة صياغة المشروع الأوروبي بعد خروج بريطانيا العظمى منه. وعملت أنجيلا ميركل على أن يحتوي نص الاتفاق إشارة إلى العلاقة مع الشريك الفرنسي لإصلاح أوروبا في الميدان المالي وفي الدفاع عن النظام الأوروبي ضد الأزمات. هذا البعد الأوروبي الذي ينخرط فيه الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني سوف يكون المحك الأساسي للسياسات الأوروبية في الأشهر والسنوات القادمة. لكن المفاوضات القادمة لتشكيل الحكومة سوف تأخذ وقتا حتى تفصح عن المبادئ العامة المتفق عليها بين شركاء لا يتفقون في الأساس إلا على مبادئ قليلة. لكن إدراج السياسة الألمانية أكثر من قبل، وبصفة معلنة، في صنع المشروع الأوروبي المتجدد سوف يشكل تحديا كبيرا لكل الأطراف المشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة.