ليقدم هذه الزيارة ويلمح الى جوهر التقرير الذي سيقع تقديمه للبرلمان الاوروبي بشأن الملف التونسي.
زيارة تمتد على ثلاثة ايام، من 11 الى 13 افريل الجاري، التقى فيها الوفد البرلماني برئيس الجمهورية وبرئيسة الحكومة ووزراء اضافة الى لقائه بقادة المنظمات الاجتماعية والأحزاب كما التقى الوفد برئيس مجلس النواب المنحل ونائبيه.
زيارة انتهت بإصدار بان ختامي حمل الاستنتاجات والخلاصة التي توصل اليه الوفد بشأن الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، بيان حمل عنوانا صريحا بالدعوة الى حوار وطني شامل للخروج من الوضع الاستثنائي الى الوضع الطبيعي الذي يطالب الوفد بان يكون عودة للديمقراطية .
عودة للديمقراطية رسم البيان عناصرها من وجهة نظر الوفد الأوروبي هيئة عليا مستقلة للانتخابات مهنية ومستقلة. برلمان له شرعية انتخابية موازية لشرعية الرئيس تقوم على ذات الدستور. في اطار توازي الاجراءات. وكل هذا يمر عبر حوار وطني شامل يضم الرئاسة والمنظمات اضافة الى الاحزاب.
بيان اعتبر فيه الوفد ان الوضع العام، السياسي او الاقتصادي أو الاجتماعي خطير في تونس، والخروج منه مرتبط بالحوار بين الفرقاء في تونس، حوار اعلن الوفد على لسان الاتحاد الاوروبي انه سيكون دافعا الى ان تقدم المجموعة الاوروبية دعما ماليا وفنيا اكبر لتونس للخروج من ازمتها الهيكلية سواء تعلق الامر بالمفاوضات مع الاتحاد الاوروبي او بالإصلاحات الاقتصادية.
هذا البيان الذي جدد الموقف السابق للاتحاد الاوروبي لم يتضمن موقف واضحا وصريحا من خطوة الرئيس القاضية بحل البرلمان، ولكن وفي اجابات الوفد الزائر على الاسئلة التي طرحت عليه، وقعت الاشارة الى انهم ابلغوا الرئيس في لقائهم به بان الديمقراطية تستوجب وجود برلمان منتخب، وانه يجب ان لا ينتظر «تصفيق» على خطوته المتمثلة في حل البرلمان.
هذا الموقف قدمه رئيس الوفد «ميكائل غاهلير» الذي تطرق الى سياسة البرلمان الاوروبي تجاه الوضع في تونس، حيث اعتبر ان البرلمان الاوروبي والاتحاد الاوروبي حريصان على مساعدة السلطات التونسية لتجاوز كل العقابات، سواء السياسية بدفعها وتشجيعها للعودة الى الديمقراطية ودعمها المالي للدولة في ظل ازمتها الراهنة التي تفاقمت جراء
الحرب الروسية الاوكرانية.
لكن هذا الدعم المح بشكل غير مباشر انه مرتبط بشروط لم يفصح عنها الوفد ولكنه ضمنها بعبارات دبلوماسية في البيان او في التصريحات التي ادلى بها أعضاؤه وأول هذه الشروط حوار سياسي جامع ينهى حالة الاستثناء وهذا الحوار يتناول كل الملفات دون شروط مسبقة. اضافة الى ضرورة ان ينتهى هذا الحوار بتوافق تونسي تونسي للخروج من الاستثناء الى الوضع الطبيعي.
شروط كانت منسجمة مع قراءة الوفد البرلماني للمشهد في تونس، اذ وفق ما قدم من تصريحات تمزج بين الغة الدبلوماسية الرافضة للصدام مع السلطات التونسية وبين التحذير المبطن او المباشر من تداعيات الانفراد بالحكم. يقيم الوفد الوضع في تونس على انه «انفراد بالحكم من قبل الرئيس» وهذا الانفراد يهدد اللاستقرار السياسي الذي بدوره سينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي وعلى تراع الاستثمار والدعم الاوروبي لتونس.
قراءة تتضمن ايضا تحميلا غير مباشر للأحزاب والقوى السياسية برمتها مسؤولية الوضع في تونس، اذ يشير أندريا كوزولينو الى ان الوضع في تونس يتطلب تغييرا وتجديدا للطبقة السياسية التي سبق وقال اعضاء الوفد ان لديها شكوك حول جدية الرئيس في الذهاب الى حوار فعلي وليس حوار شكلي.
حول مدى تطابق التصورات بين الوفد الاوروبي والرئاسة سؤال تجنب رئيس الوفد الاجابة عنه بشكل صريح، فبالنسبة اليهم الرئيس قال ان الحوار انطلق مع الاستشارة الالكترونية وهم الان يراقبون باقي مراحل الحوار قبل تحديد الموقف، كما ان الوفد تابع تطورات خارطة الطريق التي قدمها الرئيس في 13 ديسمبر وهم يراقبون تقدمها لتصل لنهايتها بانتخابات تشريعية مبكرة، يأملون ان لا يقع اقصاء اي طرف منها كما يأملون ان تكون اعلانا لعودة تونس للديمقراطية البرلمانية ، اي ان تذهب البلاد الى انتخاب برلمان جديد له صلاحيات وشرعية.
زيارة انتهت بموقف ديبلوماسي حذر يقر بالامر الواقع اذا تعلق الامر بحل البرلمان او مسك الرئيس لكل الصلاحيات ولكنه يحث على التغيير والحوار والعودة لديمقراطية تخدم الشعب التونسي وتحقق انتظاراته، اما ما لا يعلن صراحة عن مضمون هذه الزيارة ويقدم اما ايماءا او تلميحا هو عدم ثقة الوفد في ان يعقد حوار وطني جامع يخرج البلاد من ازمتها بسبب تمسك الرئيس بقراءته السياسية ومواقفه.