على ارض الواقع في علاقة بالحكم ونظمه او في علاقة بالأحزاب ووظائفها وهيكلتها.
هناك تقاطع بين الفاعلين السياسيين التقليديين. سواء من دعم منهم الرئيس في خطوة تفعيل الفصل 80 او من عارضه. ويتمثل ذلك في رفضهم لموقف الرجل من الاحزاب ونهاية دورها في المشهد التونسي، حتى وان كانت منطلقات كل طرف مختلفة عن منطلقات الاخر لكن ما يجمعهم الخشية من ان يعلن الرئيس عن نهاية زمن الاحزاب ومحاربتها والتي تنطلق من تصريحات الرئيس نفسه التي تحدث فيها عن نهاية دور الاحزاب وأشكال التنظم التقليدية.
لكن هذه المخاوف تنامت في الاسابيع الفارطة نتيجة ضبابية المشهد وعدم وضوح نوايا الرئيس، وهذا لا زال قائما. وتخفف من حدة اكراهات المشهد التونسي داخليا وخارجيا، بما يحول دون ان يطارد الرئيس التنظيمات الحزبية او يعلن عن حلها. اذ ان الداخل التونسي والدول الداعمة لها، تلتقيان في طلب صريح يوجه الى الرئيس بعدم المغامرة والذهاب الى النظام المجلسي، وهو جوهر الفكر السياسي لسعيد والية تنزيل الديمقراطية المباشرة التي سوقها في حملته الانتخابية وفي خطاباته اللاحقة.
في الحقيقة نلاحظ ان السياق والمناخ القائم في تونس يحول دون نهاية زمن الاحزاب، ويبدو ان الرئيس بات مدركا ذلك كذلك المحيطون به وهو ما قد يقودهم الى تغيير خيارات المواجهة والذهاب الى ممارسة السياسة عبر «الأدوات التقليدية» اي عبر تأسيس أحزاب.
فالرئيس والمقربون منه يدركون انهم في حاجة لهيكل تنظيمي يسمح لهم بمواجهة الاحزاب التقليدية في تونس في اي استحقاق انتخابي قادم وان هذه الحاجة تفرض عليهم الذهاب الى تأسيس حزب من الواضح والجلي انه لن يكون بقيادة الرئيس سعيد فهذا قد يفقده الكثير لكنه سيكون مدعوما منه ومرتبطا به بشكل واضح.اي انه سيكون حزب الرئيس دون ان ينتسب اليه.
هذا هو الخيار الذي يدفع اليه جزء من انصار الرئيس وحزامه الذي خاض معه الانتخابات الرئاسية في 2019، وهذه هي مقاربتهم لتجاوز العقابات التي يفرضها الواقع التونسي والاستفادة من حالة الضعف التي طالت كل الاحزاب خاصة من امتهن الحكم وخبرته في السنوات العشر الفارطة.
خيار يقوم على ان منسوب الثقة الكبير في الرئيس والدعم الذي يحظى به في الشارع التونسي بعد اعلانه عن اجراءات 25 جويلية، ساهم في تغيير التوازنات والمشهد الحزبي وخلق مساحة لنشوء «حزب الرئيس» لملء الفراغ الحاصل في المشهد الحزبي التونسي. فراغ تريد مجموعة سعيد ان تملأه ببديل تنظيمي يتماشى وفكرها السياسي ولكنه يوفر «عرضا سياسيا وانتخابيا» للتونسيين في الاستحقاقات القادمة. فالكفة اليوم تميل للرئيس ولاي مرشح يدعمه في الاستحقاق الانتخابي القادم.
اي ان الفرصة اليوم سانحة لسعيد ومجموعته لتغيير الخارطة الحزبية التونسية بشكل جذري والاستفادة من خطوة 25 جويلية لترسيخ مشهد سياسي وحزبي تكون فيه اليد العليا للرئيس، لكن هل سيذهب الرئيس في هذا الخيار ام انه سيحافظ على موقفه الرافض للاحزاب؟ هذا ما سيتضح بعد الآن.
في انتظار خارطة الطريق ووضوح الرؤية : قيس سعيد وإعادة تشكيل المشهد الحزبي
- بقلم حسان العيادي
- 11:13 17/08/2021
- 1160 عدد المشاهدات
منذ 25 من جويلية 2021 بات الفاعل السياسي الوحيد - نسبيا- في تونس رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يطمح إلى تنزيل مقاربته السياسية