للمرة الثانية تكون اقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محور جدل واسع لغموض أسباب الاقالة وخلفياتها ، فقد كان سبب اقالة العميد شوقي الطبيب في السنة الماضية من رئاسة الهيئة مفاجأة بعد طرح ملف تضارب المصالح لرئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ مما جعلها تعتبر «تصفية حسابات» ، وقد اعيد نفس السيناريو تقريبا إذ لم تمض على تولى عماد بوخريص منصب رئاسة الهيئة سوى اشهر معدودة قبل أن يعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي عن اقالته لرئيس الهيئة.
قبل نقل ما افاد به الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عماد بوخريص لـ«المغرب» نذكر بانه تسلم مهامه في بداية سبتمبر 2020، كما انتقدت منظمة «انا يقظ» قرار تعيين عماد بن الطالب خلفا لبخريص واعتبرت انه تعيين «مشبوه».
وتتعلق اسباب هذه الاقالة بمقاومة الفساد ومنظومة الحكم الحالية ، حيث قال عماد بوخريص «انا فخور بالعمل من اجل بلادى، والعمل مع رجال ونساء اكفاء» مضيفا ان هيئة مكافحة الفساد مفخرة لتونس وأنها لن تكون واجهة لتبيض صورة اي شخص وانه لن يكون شاهد زور على منظومة فاسدة على رأسها سياسيون يتخذون قرارات اعتباطية ضد مصلحة الشعب التونسي» كما قال «لقد اخترت التكتم عملا بمبدإ واجب التحفظ ومراعاة للوضع الصحى الصعب ووضع البلاد»، لكن «عماد اصبح يزعج العديد وعقبة امام الحكومة وجب التخلص منه» .
«مستشارو سوء»
الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اقر بوجود «مستشاري سوء» في الحكومة «وارتباط جزء مهم وفاعل بمنظومة الحكم بإخطبوط الفساد» ، معبرا عن خوفه على البلاد بسبب هذه القرارات «اللامسؤولة» والتى ستكون لها تبعات ونتائج وخيمة على صورة تونس لان هذه الحكومة لا تحترم مؤسساتها وتريد التطبيع مع الفساد على حد تعبيره.
هذه السنة بالنسبة للهيئة مفصلية فقد تم اطلاق استراتيجية الحوكمة الرشيدة لسنة 2022 -2025 وكانت هناك زيارات وحملات لمعرفة اراء التونسيين حول كيفية وضع اليات الحوكمة الرشيدة ، كما يوجد استحقاق ثان حول تحيين التصريح بالمكاسب الذي يقع كل 3 سنوات والعمل على تطبيقة معلوماتية في اكتوبر ....
عديدة هي الملفات التى اثارتها الهيئة وفق نفس المتحدث ومن بينها ما يتعلق بالوضع الصحى فقد ذكر بوخريص ان اكثر من 20 الف جرعة من لقاح استرازينكا انتهت مدة صلوحيتها يوم 31 ماي 2021 وتدخلت الهيئة ونبهت الى ذلك وتم تفادى الامر في الاسبوع الاخير ، كما اشار الى ان الهيئة احالت العديد من الملفات دون ذكر الاسماء وجلها ملفات كاملة بالمؤيدات والسماعات ولا غبار عليها ...
تعطيل متعمد خوفا على الحزام السياسي
وتساءل بوخريص في السياق ذاته هل من الممكن ان تكون فترة 8 اشهر وبعض الايام مدة توليه رئاسة الهيئة كافية او كفيلة بتكون فكرة من قبل رئيس الحكومة ؟ مذكرا بأنه عند الزيارة الوحيدة التى اداها لمقر الهيئة اطنب في الشكر والتمجيد ووعد بالتشجيع والدعم الا انه كان مجرد كلام ، فهو لم يتجرأ – رئيس الحكومة- على اصدار الامر الحكومى المتعلق بنشر مضامين التصاريح بالمصالح والمكاسب الخاص بالفئات من 01 الى 08 الواردة بالفصل 8 من القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح بالرغم من اهميته ورغم إرسال اكثر من منشور في الغرض من قبل الهيئة وفي كل مرة كان يعد بإصداره لكنه لم يفعل، وبالتالى هذا التعمد في التعطيل مرده «الخوف على الحزام السياسي» .
وشدد بوخريص على انه «فخور بعمله في هيئة مكافحة الفساد، مؤكدا ان اقالته تنبه التونسيين حول خطورة الوضع وديمومة واستمرارية الدولة وتوضح ايضا معالم ممارسة السلطة معبرا عن خوفه مما وصلت اليه الاوضاع والدولة اليوم»