ومع اختلاف الطرق يوجد اختلاف التقييم السياسي للامر ومخاوف ومطامع الحليفين، الاول يرغب في حماية منصب رئيسه والثاني حماية نفسه بعد ان تورط في تحالف كان «يلعنه».
خلال الساعات الـ48 الفارطة اعلنت حركة النهضة وائتلاف الكرامة عبر بيانات صحفية وتصريحات اعلامية عن موقفيهما من ايداع رئيس الحزب نبيل القروي السجن، ولئن اختارت النهضة الدفاع عن الحزب وكتلته فان ائتلاف الكرامة اختار ان «يحيي خطاب المؤامرة» وان يتهم الخصوم ويشير الى ان الامر «دبر بليل».
فحركة النهضة وفي بيان مكتبها التنفيذي حرصت على ان تكون اولى النقاط التي تعلنها انها «تتضامن مع حزب قلب تونس وكتلته البرلمانية اثر تعرضهما إلى حملات تشويه بعد اصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق السيد نبيل القروي رئيس الحزب». موقف يكشف ان النهضة اختارت ان لا تورط نفسها في خطاب او موقف حاد ومتشنج للدفاع عن نبيل القروي بل خيرت التضامن مع حزبه.
خيار يكشف ان الحركة تعتبر ان الايقاف والإيداع في السجن ليس الخطر الاكبر عليها وانما تفكك الحزب والكتلة تأثرا بهذا الايقاف. ولهذا فقد اختارت ان تعلن عن موقف مساند يقيها حرج السؤال من الحلفاء والاهم أن يقيها من حرج التورط في الدفاع عن القروي وهو محل شبهة بارتكاب جريمة غسيل الاموال.
شبهة تدرك النهضة انها لا تستطيع ان تدافع عن صاحبها وان كانت ترغب في ذلك، والسبب انها ستناقض نفسها فهي التي اعلنت الحرب على الفخاخ حينما كان محل شبهة في تضارب مصالح ودفعت لاسقاط حكومته وجعلت من «تضارب المصالح» حجتها السياسية لهذا لا يمكنها اليوم ان تناقض نفسها بشكل صارخ.
لذا كان بيانها يتحدث عن «تضامن» مع الحزب والكتلة ضد الحملات التي يتعرضان لها وليس مع القروي الذي اودع السجن، بيان تريد منه النهضة ان تعلم حليفها الاول قلب تونس انه «مسنود» منها وانها ستحميه وتدافع عنه، والقصد هنا انها ستحول دون تفككه او حصول انقسام قد يصيب الكتلة.
خدمة لا تقدمها النهضة لقلب تونس «كرامة لعينيه» بل تقدمها لنفسها، فالحركة تعلم اكثر من غيرها ان اي تصدع يصيب الحزب والكتلة سيكون صداه انفجارا ياتي على الاغلبية البرلمانية الهشة سياسيا وعدديا وإذا انهارت الاغلبية البرلمانية الحالية خسرت النهضة وخاصة رئيسها موقعه في رئاسة البرلمان وهذا إذا تم ستدخل الحركة به في زمن «القحط» السياسي.
زمن تخشاه النهضة لأنه سينزع منها كل اوراق اللعب ويجعلها لاعبا كباقي اللاعبين ان لم «معزولة» في المشهد ، وعليه فان منع هذا يقوم اساس على ابقاء الاغلبية متماسكة ولو لوقت قصير لاعادة ترتيب الاوراق من جديد، او انتظار وضوح المشهد وتحديد الخطوات القادمة وفق ما سيكون عليه القرار القضائي بشان نبيل القروي.
في انتظار انقشاع الغيمة ستعمل النهضة على ان تحمي «حليفها» من التصدع او التأثر بإيقاف رئيسها وأول ما ستعمل عليه منع ان يستغل الدستوري الحر اساسا ومن بعده باقي الخصوم هشاشة الكتلة لاختراقها وجعل بعض نوابه ينخرطون في مساعي سحب الثقة من رئيس المجلس.
هذا هو رهان حركة النهضة وهو ما يفسر موقفها. في المقابل وجد ائتلاف الكرامة رغم انه غير معنى بحسابات سياسية آنية في وضع المدافع الشرس عن رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي بل ان الائتلاف ذهب في دفاعه ابعد مما اتاه قلب تونس نفسه.
ففي بيان الائتلاف وتصريحات قادته وقع اعتبار ايقاف القروي «مشبوه» وتدبير سياسي من الخصوم. وهما بالاساس الكتلة الديمقراطية ورئيس الجمهورية. اللذين يلمح الائتلاف إلى أنهما تدخلا في الملف، بل انه يقدم عناصر المؤامرة وحجته على وجودها بانه وقع «كسر اضراب القضاة وكتبة المحاكم» فقط في ملفي نبيل القروي وسامي الفهري.
ولا تقف حجج وجود المؤامرة على كسر الاضراب من اجل ايداع القروي السجن بل على ما يصدر من تصريحات لقادة حزب التيار وحركة الشعب التي قال انها «تشي» بوجود «تنسيق وتدبير بين رئاسة الجمهورية وقيادات في حزب التيار بهدف خلق وضعيّة قضائية جديدة تمهيدا لاستثمارها سياسيّا فيما بعد».
بيان كشف ان الائتلاف يرى نفسه من ابرز المتضررين من ايقاف القروي، اذ يعتبر ان هذا قد يكون بداية تفكك الاغلبية البرلمانية وهو ما يعنى انه سيكون في موضع خطر يتمثل في التضحية به من قبل النهضة لكسب تحالف جديد إذا اقتضى الامر، وإذا تمسكت به النهضة فان فقدان الاغلبية لقدرتها على فرض هيمنتها على البرلمان سيعنى ان الائتلاف سيعزل تدريجيا في المشهد، وهذه اولى خسائره اما البقية فتاتي تباعا انطلاقا من فقدان الزخم الذي بات يكتسبه في نتائج سبر الاراء وانهيار مرويته.
على خلفية ايداع نبيل القروي في السجن : النهضة والكرامة... تعددت الحسابات وأشكال الدفاع
- بقلم حسان العيادي
- 09:59 28/12/2020
- 1936 عدد المشاهدات
تحرك حلفاء قلب تونس: حركة النهضة وائتلاف الكرامة للدفاع -كل بطريقته- عن رئيس الحزب الذي اودع السجن الخميس الفارط،