تونس تعلن رسميا عن رفضها الانخراط في مسار التطبيع

بعد شدّ وجذب وبعد ان انتظر التونسيون طويلا موقفا واضحا ورسميا من السلط التونسية إزاء مسار التطبيع المتواصل في المنطقة ، أصدرت وزارة الخارجية التونسية مساء أول امس بيانا نفت

فيه صحة التقارير الإعلامية المتداولة والتي تحدثت عن احتمال تطبيع تونس لعلاقاتها مع «إسرائيل». جاء هذا البيان ليردّ بشكل قاطع على كل ما تداولته هذه الأنباء وآخرها تقرير صدر في «نيويورك تايمز» الأمريكية يشير الى ان تونس ستلتحق بالدول المطبعة قريبا.
رد وزارة الخارجية التونسية كان واضحا وأعطى إجابة دقيقة على كل اللغط والغموض الدائر إزاء هذه المسألة الهامة والمصيرية والتي تتعلق بالتزام ثابت في مبادئ الدبلوماسية التونسية المدافعة عن القيم والحقوق الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم .

وأكدت وزارة الخارجية التزام تونس ودبلوماسيتها بالمبادئ والثوابت الوطنية والقومية والتي في مقدمتها الدفاع عن القضية الفلسطينية وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، وأهم ما جاء في البيان أنه: «تبعا للأنباء المتداولة في عدد من وسائل الإعلام حول إمكانية إرساء علاقات دبلوماسية بين تونس والكيان الصهيوني، تؤكّد وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج أن كلّ ما يروج من ادّعاءات في هذا الخصوص لا أساس له من الصحّة وأنّه يتناقض تماما مع الموقف الرسمي المبدئي للجمهورية التونسية المناصر للقضيّة الفلسطينية العادلة والداعم للحقوق الشرعيّة للشعب الفلسطيني.» ويضيف البيان: «وتذكّر تونس، في هذا السياق، بالموقف الثابت لسيادة رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي أكّد في العديد من المناسبات أن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرّف ولا تسقط بالتقادم وفي مقدّمتها حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلّة عاصمتها القدس الشريف».

وأكدت الوزارة في بيانها بأن هذا الموقف المبدئي نابع من إرادة الشعب التونسي ومعبّر عمّا يخالجه من مشاعر تضامن وتأييد مطلق للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني التي كفلتها له مختلف المرجعيّات الدولية وقرارات منظمة الأمم المتحدة ومختلف أجهزتها وخاصّة منها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، كما تبنّتها عديد المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى.
وتعرب تونس مُجددا عن قناعتها التامّة بأنّه لا يمكن إرساء سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة دون تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصّة بحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المسلوبة وإقامة دولته المستقلّة.

وإذ تحترم تونس المواقف السياديّة لمختلف الدول، فإنها تؤكد أن موقفها هذا ثابت ومبدئي لن تؤثر فيه أبدا التغيرات في الساحة الدولية، كما أنه يعكس ما عبّر عنه رئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، حول مفهوم التطبيع الذي يعتبر في غير محلّه لأن الوضع الطبيعي هو أن يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة غير منقوصة.
وتجدد تونس، في بيان وزارة الخارجية، تمسكها بعدم المشاركة في أية مبادرة تمّس من الحقوق الشرعيّة للشعب الفلسطيني الشقيق، وأنّها غير معنيّة بإرساء علاقات دبلوماسية مع الكيان المحتلّ طالما أنّه يواصل سياساته التي تضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
وللإشارة فإن هذا الموقف الرسمي جاء ليتناغم مع نبض الشارع التونسي ومع توجهات عموم التونسيين منذ بدء الصراع العربي «الإسرائيلي» والتي تعتبر القضية الفلسطينية أولوية وأن «إسرائيل» كيانا محتل لأرض مغتصبة .

رسائل عديدة وجهتها تونس بهذا الموقف الهام والحاسم للداخل والخارج، وما يؤكد ان موقف بلادنا الرسمي ليس مجرد تصريح عابر رغم أهميته البالغة، هو رفض الخضراء لمرور رحلة التطبيع المتجهة من مطار «بن غوريون» الى المغرب عبر الأجواء التونسية. وهو موقف يحسب للدبلوماسية التونسية التي انتصرت لعراقتها وتراثها وارثها القديم قدم حضارة قرطاج العظيمة وان تونس التي احتضنت مواكب الفلسطينيين بعد خروجهم من لبنان في الثمانينات واختلطت دماء أبنائها مع دماء الفلسطينيين في عملية «حمام الشط»، تنبض بحب فلسطين والوفاء لها مهما كبرت المؤامرات في زمن التطبيع..

يشار الى ان موجة التطبيع غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة تأتي في اطار مشروع ترامب للسلام في المنطقة او ما يسمى بـ«صفقة القرن» بمعية صهره كوشنر. واليوم تطرح تساؤلات عن مصير هذه الصفقة في ظل حكم بايدن وبعد ان يسلم ترامب مهامه رسميا الى ساكن البيت الأبيض الجديد وكيف سيكون مصير القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين وغيرها من قضايا المنطقة في خضم هذه المستجدات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115