فكلمة العفاس والتي انتقد فيها المتاجرين بقضايا المرأة، قائلا «عندما نتكلم عن الضوابط والحياء يتهموننا بالظلامية والرجعية... ومكاسب المرأة عندهم هي الأمهات العازبات، والإنجاب خارج إطار الزواج، والإجهاض، وممارسة الرذيلة، والشذوذ الجنسي ... وهذا النموذج خلف المواخير التي تبيع فيها المرأة شرفها وخلف نسب عالية في الطلاق والعنف الزوجي»، هذه الكلمة خلفت ردود أفعال رافضة لها وصلت إلى المطالبة بمقاضاته، حيث ينتظر أن يقدم الاتحاد الوطني للمرأة التونسية قضية ضدّ العفاس في الساعات القليلة القادمة، داعيا كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى التدخل وإيقاف مثل «هذه المهازل».
 أدان الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بشدة الخطاب «المعادي للمرأة ولحقوقها» الذي ألقاه النائب محمد العفاس تحت قبة البرلمان، ووفق تصريح رئيسة الاتحاد راضية الجربي لـ«المغرب» فإن الاتحاد قرر مقاضاة العفاس وينتظر أن يتم تقديم القضية اليوم وكان من المفترض أن يتم ذلك يوم أمس ولكن رغبة عدة أطراف في الانضام إلى القضية والإمضاء عليها تمّ تأجيل تقديمها إلى اليوم، نائبات من المجلس التأسيسي السابق وعدة فاعلات في البلاد، أشارت إلى أن هدف الاتحاد من رفع الشكاية ليس المنافسة مع أي كان ولا ركوب الحدث بل النجاح في الدفاع عن البلاد ونسائها وعن قيم الجمهورية والحقوق الإنسانية للمرأة والحفاظ على مكتسبات وشعارات الثورة أي الحرية والكرامة.
خطابات عنف بعيدة عن الديمقراطية
قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية «لا أتصور أن هناك حرية وديمقراطية والمرأة التونسية تتعرض إلى الاهانة من قبل نائب شعب وهذه الاهانة ترتقي إلى جريمة لأن ما صدر عن النائب -للأسف- يجرمه القانون وفي نفس الوقت يتناقض مع ما صدر من المجلس نفسه من خلال المصادقة منذ سنتين على القانون الأساسي عدد 58 لمناهضة كل أشكال العنف المسلطة على النساء وبموجب هذا القانون وكل ما صدر عن النائب من تحقير وتقزيم وسب واهانة وتعد صارخ على نساء تونس يرتقي إلى جريمة. وما صرح به لا يرتقي إلى ما يهدف إليه المجتمع التونسي من أن يكون البرلمان فضاء للدفاع عن حقوقه ومعالجة قضاياه الاقتصادية والاجتماعية والبحث عن حلول وتشريعات للخروج من الأزمة لكن البرلمان مازال يتحدث بـ«نحن» و«هم»». وأضافت الجربي ما قام به النائب «عيب» في حق المرأة بكل المقاييس ويبرر العنف المرتفع ضدّ النساء خارج فضاء البرلمان وداخله أيضا لأن ما يروج له من خطابات عنف وتقسيمه للمجتمع التونسي هو معالجات خاطئة وبعيدة عن الديمقراطية والاختلاف والقيم التي انتفض من أجلها التونسيون منها الحرية وأهما الحريات حرية التعبير.
«الديكتاتورية» أصبحت في البرلمان
هذا وشددت محدثتنا على أن التونسيين انتفضوا ضدّ الفكر الواحد والعقل الواحد والرئيس الواحد..، مشيرة إلى أن الديكتاتورية اليوم باتت داخل البرلمان إلى جانب العنف والتمييز في وقت تحتفل فيه البلاد بأيام مناهضة العنف، من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر الجاري، مع الاستعداد للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان وأهم حق للإنسان هو التعبير عن رأيه في ظل وضع سليم وامن بعيدا عن العنف الجسدي والذي يأبى المجتمع أن يشاهده في أروقة مجلس نواب الشعب في إشارة إلى حادثة الاعتداء الجسدي أمس على النائب من الكتلة الديمقراطية أنور بالشاهد. 
على سعيد والغنوشي إيقاف مثل هذه المهازل
وبينت أن ما حصل أمس في البرلمان يثير الاستياء ولا يثير الاستغراب لأن ما صدر أمس شكل من أشكال العنف الكبير والخطير، قائلة «الدم لم يسل فقط في البرلمان بل داخلنا أيضا حزنا على ما وصلنا إليه والكلام الذي أصبحنا نسمعه بين الحين والآخر ونعت النساء بالعاهرات والزانيات وفي كل الحالات الدم قد سال في البلاد بصفة عامة وداخل البرلمان بصفة خاصة ولا بدّ من إيقاف مثل هذه المهازل وعلى رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي التدخل لوضع حد لهذه المهازل وضمان وحدة التونسيين وحماية المؤسسات لبعضها البعض وتكريس مبدإ الفصل بين السلط لاسيما من قبل رئيس الجمهورية باعتباره الضامن والساهر على تطبيق الدستور الذي يكفل حرية التعبير ووحدة التونسيين بعيدا عن منطق «نحن» و«هم» والذي يشرع للتمييز بين النساء والرجال، فالبلاد وصلت إلى مستنقع لا نعرف كيفية الخروج منه إذا لم يتدخل أي طرف..الاتحاد لا يجيب على العنف بلغة العنف وسيتم رفع الأمر إلى القضاء في أقصى الحالات سيتم تقديم الشكاية اليوم إلى وكيل الجمهورية.»
دعوة البرلمان إلى إصدار موقف رسمي
ويذكر أن الاتحاد كان قد أصدر بيانا في نهاية الأسبوع الفارط دعا فيه البرلمان إلى إصدار موقف رسمي لشجبه والتنديد به والتنبيه إلى خطورته. واعتبر خطاب العفاس «وصمة عار» لمجلس يخلف مجلسا تأسيسيا صادق على دسترة مجلة الأحوال الشخصية ومنحها مكانة خاصة في سلم القوانين ومجلس صادق سنة 2017 على اعتبار القانون الشامل المناهض للعنف قانونا أساسيا. ووصف هذا الخطاب بالخطاب «الرجعي والمتخلف والحاقد»، مشيرا إلى أنه احتوى على تصريحات تضمنت تحقيرا وترذيلا وتقزيما للمرأة التونسية واستهتارا بما حققته وتعديا على الحقوق الإنسانية والمواثيق الدولية، وفق تعبيره.
راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية لـ«المغرب»: «خطاب النائب محمد العفاس يرتقي إلى جريمة وسنرفع قضية ضده اليوم وعلى رئيسي الجمهورية والبرلمان التدخل ..»
- بقلم دنيا حفصة
 - 09:24 08/12/2020
 - 1233 عدد المشاهدات
 
لا زالت تداعيات كلمة النائب بمجلس نواب الشعب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس تثير جدلا كبيرا وتلقي بظلالها تحت قبة البرلمان أو خارجه،