عن رثاء من رحلوا، أولئك الذين اثروا فينا بأشكال مختلفة وخبرناهم في المشهد التونسي بعمومياته وتفاصيله، أولئك المبتسمين في وجهك الحالمين بتونس اخرى ممكنة.
الحالمون الراحلون ممن يتركون ندبة في القلب، انضم اليهم بو علي المباركي قبل يومين تاركا كالسابقين من رفاقه في درب اختاروه منذ عقود، ارثا ووصية بالحلم بالسعى الى تونس اخرى تتسع لجميع أبنائها تضمن لهم كرامتهم وحريتهم تونس غير التي عاصروها.
رحل بوعلي الذي ودعه امس «اخوته» في الاتحاد وفي حركة الشعب ، بمرثيات وكلمات تأبين غلب عليها طعم الحزن واللوعة لفراق «ضحوك» ما تدنى يوما في عداوته ولا هان.
بوعلي النقابي والسياسي الذي نشرت سيرته ومسيرته ليطلع عليها الجميع ليعلم من هو الرجل والتعليم الذي زاوله والمهنة التي اختارها ومتى انضم الى الاتحاد وبات من قادته وفكره وتاريخه السياسي ودوره في تاسيس حركة الشعب.
معطيات جارفة عن الرجل الذي وافته المنية فجر الجمعة الفارط، وودعه التونسيون امس وساروا خلف نعشه الى مقبرة الجلاز اين ووري الثرى وسط جمع من التونسيين، اصدقاء دربه و«اخوته» في حركة الشعب وفي المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، وطيف من التونسيين الذين جاؤوا لإلقاء التحية لأخيرة على الرجل.
رجل برحليه فقد الاتحاد العام التونسي للشغل قياديا تغنى المؤتمر الفارط باسمه عاش وساهم في ادارة المشهد النقابي والسياسي في تونس من 2011 الى ان قضي نحبه، المباركي القادم من الوسط التونسي، وتحديدا من سيدي بوزيد، لم يكن فقط شاهد عيان على مراحل مفصلية في التاريخ المعاصر لتونس بل مؤثرا ولاعبا في المشهد.
رحل الرجل وبرحيله ادميت قلوب صحبه وأهله ممن خبروه وعرفوا طينته والجانب الانساني فيه، لا الجانب العام الذي عرف به لدى البعض ممن يختزلون الرجل في مهامه النقابية او الحزبية. رجل كبير كبر قلبه ونقاء سريرته، بسيط يشبهنا ونشبهه، قاوم مرضه ورداءة المشهد الذي امتلأ بالسيئين ومنعدمى المروءة، قاوم حيا وميتا فازعج من في قلوبهم مرض.
ازعج اصحاب خطاب الكره والحقد والمتدثرين بشعارات لا يفقهونها، بوعلي رحل وكشف عن مرض عشش في قلوب جزء من الفاعلين في المشهد السياسي وانصارهم ممن لا يحسنون التفرقة بين الخصومة السياسية والعداء الاعمى لمن هو مختلف عنهم فان خافوا منهم احياء تطاولوا عليهم حينما رحلوا. ولكنهم ودون ان يسعوا لذلك كشفوا ما للرجل من ود سكن قلوب من عرفوه او ممن تقاطعوا معه يوما، وداعا بوعلي وشكرا لانك رفضت الرحيل دون ان تخبرنا ما العلة فينا.