يجلس اليوم في قصر باردو ينتظر ان يتحدد مصيره ومصير حكومته بعد ان تناوبت عليه الشدائد خلال الاسبوع الاخير.
اخر هذه الشدائد ما اتاه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم امس في لقائه في بقصر قرطاج مع ممثلي أحزاب الائتلاف الحاكم الراهن، حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، لمناقشة الوضع السياسي الراهن و التطرق إلى مسار تكوين الحكومة والصعوبات التي اعترضته، وفق نص البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية.
ذات البلاغ اشار الى ان الرئيس اكد حرصه على تحقيق الاستقرار السياسي الضروري في مواجهة الاستحقاقات المقبلة ، وانه شدد على أهمية تضافر جهود مختلف القوى السياسية والوطنية ووجوب أن تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها في هذا الظرف الدقيق من أجل تحقيق هذا الاستقرار.
مقدمة ارادت بها الرئاسة ان تعلن ان رئيس الدولة وفي اجتماعه برؤساء الاحزاب الاربعة وكتلها البرلمانية، قال أنه لا مجال لتمریر الحكومة ثم إدخال تحویرات علیها بعد مدة وجیزة كما قال ان الدولة التونسیة ومؤسساتها یجب أن تسمو فوق كل حسابات المغالبة.كما ان بات له فكر سیاسي جدید، یجب أن یوازیه تصور جدید للعمل السیاسی.
هذا ما كشفه بلاغ رئاسة الجمهورية، لقاء بين الرئيس و كل من راشد الغنوشي وزينب براهمي عن حركة النهضة، و يوسف الشاهد ومصطفى بن أحمد عن حزب تحيا تونس، وزهير المغزاوي ومحمد المسليني عن حركة الشعب، وهشام العجبوني ومحمد الحامدي عن حزب التيار الديمقراطي، ليخبرهم انه لا يمكن مرور حكومة وادخال تعديلات عليها لاحقا. أي ان هذه الحكومة ان مرت عليهم ان يتعايشوا معها لفترة طويلة من الزمن.
وليس هذا كل ما جد في اللقاء، فالرئيس الذي التقى قبل ذلك بالمكلف بتكوين الحكومة هشام المشيشي، اراد ان يطمئن حركة النهضة بالاساس بان لا نية له لحل البرلمان إذا سقطت حكومة المشيشي، وانه في لقائه بها امس شدد على الامر مرة اخرى ولكنه ذهب ابعد من ذلك بتقديمه لمخرج من الازمة المحتملة لعدم مرور الحكومة فوفق ما نقله مصطفى بن احمد فالرئيس اقترح الرئيس في حال عدم نيل حكومة المشيشي ثقة مجلس النواب، أن تتوافق الأحزاب الاربعة، النهضة والتيار وحركة الشعب وتحيا تونس، على مواصلة حكومة تصريف الاعمال الحالية مهامها لكن بعد تغيير رئيسها الحالي الياس الفخفاخ بشخصية أخرى.
حل قدمه الرئيس ليقنع الحاضرين انه لا ينوى حل البرلمان وانه يقدم لهم مخرجا يتمثل في استمرار الحكومة الحالية دون تحديد لسقف زمني لمدة بقائها وتعهد بعدم حل البرلمان لتجنب الذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة. هذه عناصر الحل التي يقدمها سعيد إذا لم تمر حكومة المشيشي.
مخارج يقدمها الرئيس للأحزاب قبل ساعات قليلة من انعقاد جلسة التصويت على الحكومة ، توحي بأنه بات حريصا على عدم مرور حكومته ، حكومة المشيشي ، لكن هذا لن يكون كافيا لإقناع الاحزاب بمسايرته ، اذ يدرك الجميع ان قرار عدم المصادقة على حكومة المشيشي سيضعف المجلس امام الرئيس الذي ستكون له صلاحية حل المجلس متى شاء.
اضعاف المجلس وارتهانه للرئيس بشكل مباشر ليس فقط ما يمثل عقبة امام الخيارات التي يطرحها الرئيس بل بقاء حكومة الفخفاخ وان بمغادرة هذا الاخير، هو ما يمثل احدى العقبات الكبرى، اذ دستوريا هناك فراغ بهذا الصدد كما انه عمليا لن يكون من السهل المغامرة بابقاء حكومة منقوصة عدديا في ظل وضع سياسي واجتماعي صعب. كما ان هذا الخيار يظل دون افق، أي انه لم يقدم مبادرة لادارة المرحلة القادمة او كيفية ادارة المشاورات لتشكيل حكومة اخرى تحل محل الاثنتين مما يجعل الذهاب الى اسقاط حكومة وان كانت ترفضها الاحزاب خيارا صعبا في ظل ازمة ثقة بين الاحزاب والرئيس، أي ان المشيشي قد يفوز بثقة الاحزاب لتجنب الارتهان لرئاسة الجمهورية فقط، ولكن هذه المخارج التي قدمها القصر قد تكون أسسا لمبادرة ، انطلق امس في مناقشتها بين الاحزاب الاربعة، وإذا وقع التوصل الى ارضية ربما سيكون القرار هو الانتصار للرئيس على حساب المكلف.