على الأحداث مهما كانت بتوجيه اتهامات لأطراف لا يسميها او يبوبها في إطار المؤامرة ضد الدولة، وهو الذي يضعه الدستور في فصله الـ72 كرمز وحدتها والضامن لاستقلالها واستمراريتها.
خلال زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ يومين إلى مدينة عمدون لمعاينة آثار الحرائق التي نشبت في جبالها وأتت على أكثر من 820 هكتارا من الأشجار والمساحات الغابية، توجه الى من تجمعوا حوله بكلمات يُمكن تبويبها بين الخطاب والتعليق على ما تعرّضوا له في مواصلة لما دأب عليه قيّس سعيّد منذ اول خطاب له كرئيس جمهورية بالتزامن مع الاحتفالات بعيد الثورة بسيدي بوزيد في 17 ديسمبر 2019. إذ يعتبر رئيس الجمهورية قيّس سعيّد ان الحريق الذي نشب في جبل عمدون «عمل اجرامي مقصود في حق الدولة التونسية لا يمكن السكوت عنه...»، مشيرا كالعادة الى أطراف ولم يسمها معتبرا انه لا يُمكنها العيش إلا في ظل هذه الحرائق والأوضاع ولا احد يعرف من يقصد رئيس الجمهورية بتلك الاطراف التي تشعل الحرائق والتي أشعلت حريق عمدون.
ويبدو من خطابات وتعليقات رئيس الجمهورية قيس سعيّد على كل الاحداث تقريبا انه يريد ان يواصل في ذات نهج الخطاب ورسم صورة المترشح للرئاسية الذي لا يتحمّل اي مسؤولية في الدولة تستوجب منه عدم الإكتفاء بتوجيه الاتهامات، وهو يصور نفسه كالمنقذ القادم من خارج كل المنظومة المنتمي لشعب أنهكته وخيّبت امله الطبقة السياسية لما بعد نظام بن علي بفسادها وإستهتارها بالتونسيين.
قيّس سعيّد في جلّ خطاباته الرسمية أو غير الرسميّة كان حريصا على ذكر أمرين، المؤامرة ضدّ الدولة ومعرفته بالتآمرين أولا ثم نهاية زمن الاحتقار والتهميش الذي يعاني منه جزء من التونسيين الذين لم ينالوا حظّهم من الثروات الوطنية رغم ان تونس وفق قول سعيّد خلال زيارته لعمدون «فيها كل الخيرات فقط يكفي توزيعها العادل على كل المواطنين»، لكن الفساد والاهمال حال دون ذلك.
هذان السببان، «الفساد والإهمال» هما نتاج للمؤامرة او محاولة تفجير للدولة من الداخل وهو ما سيتصدى له الرئيس بكل قوّته، عناصر خطاب حاضرة بشكل جليّ في كل خطاباته منذ نهاية جوان الماضي، اذ ان ما قاله في عمدون سبق له ان قاله يوم الاحد 2 اوت الجاري خلال زيارته لولايتي المهدية وصفاقس، اذ تحدّث عن مؤامرة تتعلق بالهجرة غير النظامية فهو يتّهم أطرافا سياسية بالوقوف وراء تفشي الظاهرة خلال الفترة الماضية قائلا «هناك أيضا أسباب سياسية تقف وراء الهجرة حيث أن بعض الأطراف تشجع على ذلك من أجل القول أو الإيحاء بأن العملية الانتخابية خاصة الرئاسية لم تؤد إلى تحقيق اهداف الشعب التونسي».
فحتى «الحرقة» بوّبها سعيّد في خانة المؤامرة ضدّه وووجه اصابع الاتهام كالعادة الى بعض الأطراف دون تسميتها، ويبدو ان لكل من التونسيين فهمه الخاص للأطراف (وفق السياق والاحداث) التي يتهمها رئيس الجمهورية في كل مرة ناسيا انه في موقع سلطة وبإمكانه كرأس للسلطة التنفيذية منع تلك الأطراف من مواصلة التآمر على الدولة وعليه وعلى التونسيين وبإمكانه الحدّ من الفساد الذي يعتبره أحد مسبّبات الأحداث في أغلبها.
في زيارته لعمدون: رئيس الجمهورية والمؤامرات ... مُجدّدا
- بقلم مجدي الورفلي
- 09:53 07/08/2020
- 1306 عدد المشاهدات
يبدو ان رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يخرج من جبة المترشح للرئاسيّات من خارج كل المنظومة ولن يحيد بخطاباته وتعليقاته