في كل مناسبة تفترض «التوجه اليهم» بكلمة من قبل القائمين على المؤسستين، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب، شخصياتان تتنازعان بشكل غير مباشر على من يكون «الزعيم» وصاحب اليد العليا. ويوم امس كانت المعركة من من الزعماء له «الامامة».
يوم أمس اختار رئيس الجمهورية ان تكون تهنئته للتونسيين بحلول شهر رمضان عبر تسجيل فيديو بثته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على الفايسبوك، كلمة مدتها 12 دقيقة كانت ملئ بالامثلة لابراز التازر والتضامن بين التونسيين وما قام به العاملون في القطاع الصحي وفي كل من المؤسسة الامنية والعسكرية.
كلمة «عاطفي» تحدث فيها الرئيس من منطلق المرشد والامام الباحث عن حث التونسيين على التازر والتضامن للانتصار في جائحة الكورونا التي قال انها كشفت معدن التونسيين الذي اطنب في وصفه بالكثير من العبارات، قبل ان يقتحم الرئيس مجال التفسير الديني في شرحه لاسباب الحجر الصحي وحظر الجولان، وبوبهما في مقاصد الاسلام.
مجال اقتحمه الرئيس مستندا الى زاده اللغوي وفصاحته ونبرة صوته ليلبس جبة «الامام» و «مرشد» في خطاب مضمونه الحدثي كان التهنئة برمضان والاعلان عن تغيير لوقت حظر الجولان من 12 ساعة الى 10 ساعات تمتد من الثامنة ليلا الى السادسة صباحا في رمضان الشهر ذو القداسة لدي التونسيين الذين ذكر من له مال فيهم بان للفقراء حق معلوم فيه.
خطاب مفعم بالمفردات الايمانية والدعوية والتربوية القاه رئيس الجمهورية الذي بات منذ فترة يعلن اقتداءه بالخليفة الثاني عمر ابن الخطاب، كان سابقا لخطاب رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الذي توجه هو الاخر بكلمة للتونسين للتهنئة وللحديث عن الخرب على فيروس كورونا المستجد.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
كلمة لم تتجاوز الثلاث دقائق اختار فيها الغنوشي ان يتقدم كرئيس لمجلس النواب لا كشيخ وداعية وان حمل خطابه بعض من ذلك في حديث عن الايمان ورمضان وضرورة « الوحدة الدينية ». التي اعتبرها من شروط الانتصار و«على وباء كورونا» وخروج تونس والتونسيين منتصرين بعد رمضان كما انهم أكثر تضامنا وأكثر تلاحما وأكثر وحدة وطنية.
وأسوة برئيس الجمهورية لم يغب عن الغنوشي ان يؤكد ان شهر رمضان فرصة «للصوم والصلاة والدعاء للتقرّب من الله» وذلك عبر « معاضدة مجهود الدولة في رعاية الفقراء والمحتاجين وتعزيز التضامن المجتمعي ».
هذين الخطابين يتبارى من خلالهما وفيهما كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب على ضمان مقعد «الزعيم» في المخيال الجمعي للتونسيين، باقتحام مجالهم الخاص وتقديم الرشد والنصح « الابوي/ السلطوي » دفعهما الى اقتحام الشان الديني الخاص وتوجيه الارشادات الدينية في تماهي دور « الامامة » .
دور يتصارع كلى الرجلين على لعبه وضمان ان يكون مجال خاصه له دون صاحبه، ليحقق بذلك نقاط على حساب خصمه الرئسي في الصراع السياسي الدائر بينهما منذ تسلم كل منهما مهامه.