الاربع ليدفعها دفعا الى القصووية في رد الفعل ، هذا ما حدث خلال اليومين الفارطين لتمهل النهضة الفخفاخ 48 ساعة لتغيير سياسته والاستجابة لمطالبها وإلا فإنها تقول له ما قاله شمشون «عليّ وعلى أعدائي يا رب».
بكلمات واضحة وصريحة قال عضو لجنة المفاوضات بحركة النهضة سامي الطريقي يوم امس لـ «المغرب» انّ «المفاوضات بين حركته وإلياس الفخفاخ تتجه نحو الفشل وان كل الخيارات ممكنة» ،هذا ليس موقفا شخصيا لعضو المكتب السياسي او لجنة المفاوضات للنهضة ، بل هو موقف رسمي انتهت اليه اللجنة المكلفة بالتفاوض مع الفخفاخ وبقية الحزام السياسي لحكومته المنتظرة.
موقف توصلت اليه اللجنة وأحالته الى المكتب التنفيذي للحركة الذي انعقد بدوره امس مساء للنظر في التطورات الاخيرة في المشاورات الحكومية ، وأولها موقف قلب تونس الذي صدر عن رئيسه نبيل القروي يوم الثلاثاء الفارط ، وثانيها الهيكلة الاولية للحكومة التي قدمها الفخفاخ اليهم.
تطورات اعتبرتها النهضة بمثابة تمادي في استهدافها من قبل الفخفاخ ، الذي قال عنه سامي الطريقي انه لم يعامل الحركة وفق حجمها وأهميتها لمعالجة الخلافات بينهما وهي خلافات تشمل الارضية السياسية والأرضية الهيكلية للحكومة. مما يدفع الحركة الى امهاله الى يوم الجمعة لمراجعة الامر.
ماذا تريد النهضة من الفخفاخ؟ هذا السؤال اجابته تكمن في التصريحات الصادرة عن قادة الحركة التي تشير الى ان اشراك قلب تونس في المشاورات احدها، وثانيها تراجع الفخفاخ عن اقصائه لأسماء رشحتها النهضة في حكومته واتفقت معه بشأنها قبل ان يعود الرجل ويقصيها دون شرح للأسباب.
إجابتان يكشف الطريقي عنهما ايضا حينما اشر الى انه وحركته يعتبران ان الفخفاخ دفع بنبيل القروي الى القصووية، وان هذا كان مناقضا لما تضمنه لقاء الثلاثي يوم الاربعاء الفارط بمنزل رئيس الحركة، ليقول الطريقي ان القروي الذي غادر مجلس النواب يوم الثلاثاء الفارط حانقا من الفخفاخ اشار الى مسألة مهمة.
هذه المسألة هي ان قلب تونس وكتلته لن يكونا في المعارضة فقط بل سيكونون معارضة قصووية وسيرفضون كل ما يتقدم به الحزام السياسي للحكومة والحكومة نفسها. والحال ان المرحلة القادمة تحتاج الى ان يصوت البرلمان بأكثر من ثلثيه في عدد من المحطات الهامة.
القروي وقلب تونس وفق النهضة وفرا للفخفاخ مخرجا آمنا للتقارب وإشراك الحزب في المشاورات، حينما شدد رئيسه نبيل القروي على انهم غير معنيين بمناصب وزارية او التواجد في الحكومة باي شكل، لكن هذا لم يتلقفه الفخفاخ ليعالج الازمة التي تطورت وباتت تنذر بالتعقد اكثر. مما يدفع النهضة الى التحرك للحيلولة دون تواصلها.
لكن ما حرك النهضة واستفزها اكثر هو تعامل الفخفاخ معها في ملف هيكلة الحكومة، حيث اشار الطريقي الى ان الفخفاخ وفي المشاورات مع النهضة طلبها بان تقترح اسماء لوزارات، فقدمت مقترحاتها لتقبل جلها بالرفض، فالرجل رفض منحها وزارات على غرار التنمية والتعاون الدولي والفلاحة والتجارة، وهي وزارات تعتبر النهضة انها قادرة على ادارتها ولها كفاءات قادرة على ذلك.
لكن ووفق الطريقي الحركة اختارات ان تيسر الامور على الفخفاخ، فقبلت بما يعرضه عليها من وزارات تراجعت من 7 وزارات الى 5 وزارات، وقبلت الحركة وقدمت اسماء لتولي هذه الحقائب ووقع الاتفاق مع الفخفاخ بداية الاسبوع الجاري، لكن الفخفاخ عاد وتراجع عما وقع الاتفاق عليه.
وفق قادة النهضة رفض الفخفاخ تقلد شخصيات اعتبارية في حركة النهضة مناصب وزارية بعد ان اقترح هو الامر، وهذا اعتبرته النهضة استهزاء بها وبقياداتها. لتحسم امرها بانها لن تكون جزءا في الحكومة تعتبرها منذ الان ضعيفة.
ضعف تشير النهضة الى ان الفخفاخ حرص على ان يصيب الحكومة حينما رفض ما اقترح عليه من اسماء وازنة من قبل الحركة او غيرها من الاحزاب، واعتبرت ان حجته في الرفض هي الانسجام والتناغم غير صحيحة فهو مشغول اكثر بعدم وجود شخصيات ذات ثقل اكبر منه في الحكومة.
غضب النهضة على الفخفاخ في ظاهره يقتصر على قلب تونس وتمثيلها في الحكومة لكن السبب الكامن خلف كل هذا الغضب هو قراءات الفخفاخ للمشهد السياسي ومواقف النهضة وتموقعها، حيث تعتبر الحركة ان الفخفاخ، متأثر بنصائح اطراف من خارج فريقه، تعتبر أن الحركة في موضع ضعف وانه يستطيع اجبارها على القبول بما يعرضه عليها.
فقراءات الفخفاخ تتمثل في ان النهضة ستمنح ثقتها لحكومته ايا كان ما يقدمها لها، وان هذه الاجبارية مردها ان النهضة لا ترغب في انتخابات مبكرة كما لا ترغب في ان يستمر يوسف الشاهد في القصبة لفترة اطول، ويجد الفخفاخ ما يبرر هذه القراءات في تصريحات قادة النهضة بانهم قد يمنحون ثقتهم للحكومة دون مشاركة فيها كافضل الخيارات السيئة، مقارنة باهدار الوقت في انتظار انتخابات مبكرة.
تصريح قال الطريقي انه فهم بشكل خاطئ من قبل الفخفاخ ولهذا فان الحركة تعلمه بانها لم تحسم موقفها بعد وانها امام ثلاثة خيارات المشاركة وعدمها، وفي صورة عدم المشاركة فان الاحتمالات المنطقية هي اما التصويت بمنح الثقة او عدم التصويت.
ما يحدد اي خيار ستتخذه النهضة هو مدى استجابة الفخفاخ لتحذيرها الاخير وان يستجيب لما وقع الاتفاق عليه سابقا والا فان كل الاحتمالات ورادة ، خاصة وان النهضة ليست على استعداد لتحمل مسؤولية حكومة فاشلة هي غير مساهمة في خياراتها، كما انها لا ترى مانعا من التوجه للانتخابات المبكرة وبقاء الشاهد في القصبة الى حين الانتهاء منها.
ما تريد قوله النهضة للفخفاخ هو انه وبمراهنته على حتمية تصويتها لصالحه وضع كل بيضه في سلة واحدة وهذه السلة مثقوبة ، وأنها لن تجد اي حرج في ان تسحق كل بيضه طالما هو لم يجد حرجا في استهداف النهضة ووضعها في الزاوية دون مراعاة للتكلفة السياسية التي ستطال الحركة جراء تساهلها معه ومحاولاتها تيسير الامور له.
بعبارات ادق النهضة تقول للفخفاخ ، الذي تعتبر انها لا تفهم كيف يفكر. انها ليست مضطرة للتصويت له في البرلمان كما يظن، وانها اليوم لن تقبل منه بأقل مما يجب ، وهو الاقرار بحجمها وثقلها، هذا وإلا فان مصيره كما مشاوراته الموازية هو الفشل.