الوضع الأمني خلال 2018: عمليات استباقية ناجحة رغم بعض الإخفاقات.. مع تواصل التهديدات الإرهابية

يودع التونسيون غدا سنة 2018 وما حملته من أحداث ستظل انعكاسات بعضها تلاحقهم في السنة الإدارية

الجديدة، سنة عرفت فيها البلاد العديد من الأحداث والتطورات والهزات والنجاحات خاصة على المستوى الأمني، ذلك أن الاستقرار الأمني والتصدي للإرهاب هي من أولويات الشأن التونسي، بل يكاد يكون الهاجس الأول للدولة وللشعب لاسيما بعد سنوات عرفت فيها البلاد عمليات إرهابية متتالية أسفرت عن استشهاد الكثيرين من الأمن والجيش وحتى المدنيين، سنة تواصلت فيها النجاحات الأمنية والعمليات الإستباقية الناجحة والكشف عن المخططات الإرهابية من خلال تفكيك عدد كبير من الخلايا النائمة إلا أن هذا النجاحات لا تحجب مع ذلك إخفاقا أمنيا منها حادثة غرق مركب للهجرة السرية في عرض سواحل جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس نتج عنها إعفاء عشرة مسؤولين بسلكي الأمن والحرس الوطنيين ثمّ إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم وكذلك عملية قتل الشهيد خالد الغزلاني.

لئن نجحت الوحدات العسكرية والأمنية في تأمين مختلف المناسبات الدينية والإدارية والسنوية والامتحانات الوطنية، فإن الوضع الأمني مازال يتسم بالهشاشة باعتبار أن العناصر والتنظيمات الإرهابية كثيرا ما تستغل المناسبات لتنفيذ مخططاتها بالاعتماد على «المباغتة» و«الغدر»، ولذلك فإن الحذر واليقظة ضروريان ويجب أن يكون في أعلى الدرجات، سنة 2018 انطلقت بنجاح أمني، حيث تمّ يوم 20 جانفي 2018 القضاء على عنصرين إرهابيين جزائريين خلال عملية أمنية استهدفت عناصر مجموعة إرهابية بالقرب من جبل سمامة من ولاية القصرين. وينتمي العنصران لكتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي وهما متورطان في العديد من العمليات الإرهابية من بينها استهداف دورية عسكرية في منطقة هنشير التل في جبل الشعانبي من ولاية القصرين وأسفرت عن استشهاد 8 عسكريين وكذلك عملية هنشير التل الثانية التي جدت يوم 16 جويلية 2014 وأدت إلى استشهاد 14 عسكريا.

القضاء على عناصر إرهابية
سنة 2018، تواصلت فيها النجاحات من خلال القضاء على عناصر إرهابية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، يوم 3 ماي من نفس السنة القضاء على إرهابي ينتمي إلى «كتيبة عقبة بن نافع» الإرهابية خلال عملية نوعية لتعقب مجموعة إرهابية بجبل بيرينو بولاية فوسانة من ولاية القصرين. أما يوم 21 من نفس الشهر فقد تمّ القضاء على إرهابي ينتمي لمجموعة «جند الخلافة» الإرهابية خلال اشتباكات بين عناصر من الجيش الوطني ومجموعة إرهابية في جبل السلوم بولاية القصرين. هذا وقد عرفت البلاد فاجعة يوم 3 جوان تمثلت في حادث غرق مركب للهجرة السرية في عرض سواحل جزيرة قرقنة من ولاية صفاقس، يقل ما يقارب عن 180 مهاجرا سريا من بينهم 80 من أصول افريقية نتج عنه وفاة 87 شخصا وإنقاذ 68 آخرين، وقد تحول رئيس الحكومة يوم 5 جوان إلى جزيرة قرقنة للوقوف على الوضع الأمني والاخلالات التي تسببت في الفاجعة، ليقرر في اليوم الموالي وزير الداخلية السابق لطفي براهم يقرر إعفاء عشرة مسؤولين بسلكي الأمن والحرس الوطنيين من مهامهم بولاية صفاقس على خلفية الحادث، وهذه الحادثة كانت من بين أسباب قرار الشاهد إعفاء براهم من مهامه.
أما يوم 24 جوان فقد استشهد الراعي محمد القريري بعد أن تعرض يوم 23 جوان 2018 إلى اعتداء من طرف مجموعة إرهابية بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي من ولاية القصرين، وفي 8 جويلية استشهد ستة أعوان من الحرس الوطني وجرح ثلاثة آخرون في كمين نصبته مجموعة إرهابية في الطريق الرابط بين محمية الفايجة ومنطقة الصريا بمعتمدية غار الدماء من ولاية جندوبة. و يوم 31 أوت تم القضاء على عدد من العناصر الإرهابية وإصابة عدد آخر منهم بمرتفعات جبل المغيلة من ولاية القصرين في إطار العملية العسكرية واسعة النطاق لتعقب هذه العناصر على اثر العملية الإرهابية التي جدت يوم 8 جويلية 2018 بولاية جندوبة. هذا واستشهد في شهر سبتمبر مواطنان اثنان إثر انفجار لغم بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي.

القضاء على العنصر الإرهابي الخطير مراد الغزلاني
بالرغم من نجاح المؤسسة العسكرية في إبطال مفعول الألغام، إلا أن ضحايا انفجارها متواصلة، حيث استشهد عسكريان اثنان وجرح خمسة آخرين في انفجار لغم ارضي عند مرور عربة عسكرية بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي يوم 3 أكتوبر، لكن يوم 21 أكتوبر تمكنت وحداتنا من القضاء على العنصر الإرهابي المصنف بالخطير المسمى مراد الغزلاني المتورط في عملية قتل العسكري سعيد الغزلاني يوم 5 نوفمبر 2016 بمنطقة ثماد من ولاية القصرين المتاخمة لجبل مغيلة، علما وأن هذا العنصر الإرهابي متخصص في صناعة المتفجرات ومورّط في ذبح الراعي خليفة السلطاني يوم 2 جوان 2017 وكان يخطط لاستهداف منشآت حيوية وطنية ودبلوماسية بالعاصمة.

سطو على أحد الفروع البنكية واغتيال خالد الغزلاني
من بين الأحداث الأخرى التي هزت الرأي العام أيضا هي انتحارية شارع الحبيب بورقيبة، حيث قامت إرهابية تدعى منى قبلة بتفجير نفسها بعبوة ناسفة تقليدية الصنع، بالقرب من دورية أمنية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، ممّا أسفر عن إصابة 15 أمنيا و5 مدنين بجروح يوم 29 أكتوبر، وكذلك العملية التي وقعت يوم 14 ديسمبر الجاري، حيث قامت مجموعة إرهابية مسلحة متكونة من 12 عنصرا بعملية سطو على أحد الفروع البنكية بمدينة سبيبة بولاية القصرين، والاستيلاء على مبلغ قدره 320 ألف دينار من العملات التونسية والأجنبية، إلى جانب اغتيال خالد الغزلاني شقيق الشهيد الرقيب الأول سعيد الغزلاني والذي تم اغتياله سنة 2016. هذا وتعرضت دورية أمنية وسط مدينة القصرين خلال الشهر الجاري إلى طلق ناري من قبل عناصر إرهابية. وقد أسفرت العملية عن إصابة أحد المدنيين ( أصيل القصرين ويبلغ من العمر 32 سنة) كان مارا آنذاك من المكان.

إحباط مخططات إرهابية
العمليات الأمنية الإستباقية تمكنت في العديد من المناسبات من إحباط مخططات إرهابية جدية وهي نتيجة عمل استخباراتي دام لأشهر بالتنسيق مع النيابة العمومية والقطب القضائي، على سبيل المثال الكشف عن مستودع صنع المتفجرات بسيدي بوزيد، حيث قامت الوحدات الأمنية بسيدي بوزيد بعملية مداهمة لمنزل احد العناصر الإرهابية المتحصنة بالفرار وتمكنت من حجز كمية كبيرة من الصواعق الكهربائية حزام ناسف وجملة من المواد الأولية المستعملة في صناعة المتفجرات، علما وأن هذا المستودع يعود إلى خلية إرهابية خطيرة، كانت تنوي القيام بعمليات نوعية بالبلاد التونسية.

مواد أولوية لصنع متفجرات
كما تفطنت الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة من سلامة التراب الوطني بالقرجاني خلال التحريات في العملية الإرهابية التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة في 29 أكتوبر 2018، إلى وجود عدد من العناصر بصدد تبادل المعلومات حول كيفية وطرق صناعة المتفجرات وتخطط للقيام بعمليات نوعية داخل التراب التونسي وفي اقرب الآجال. وقد تمكنت الوحدة المختصة بالقرجاني بالتنسيق مع النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وفي وقت قياسي، من إلقاء القبض على 10 أشخاص يشتبه بهم، قرر قاضي التحقيق إصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأن 4 منهم وأبقى البقية بحالة سراح. وقد تبين أنّ العناصر المذكورة تنشط ضمن مجموعة إرهابية موالية لتنظيم داعش.

من النجاحات الأمنية، العملية الإستباقية برواد التي انطلقت ببحث تحقيقي أذنت بفتحه النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الفارط وتعهدت به الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بالقرجاني.وأثناء القيام بعملية مداهمة لمنزل المشتبه به في 13 نوفمبر الماضي، تمّ العثور على مواد أولوية لصنع متفجرات. كما تمكنت الوحدات الأمنية من إلقاء القبض على الشخص الذي كان يقيم في المنزل. وقد شملت الأبحاث 8 عناصر.

النجاحات والأحداث الأمنية عديدة ولا يمكن حصرها في بعض الأسطر وكذلك الإخفاقات، ولكن الوضع الأمني لا يقتصر على محاربة الإرهاب بل يتضمن أيضا مظاهر العنف والسرقة والتهريب والمخدرات وتأمين الطرقات أبرزها مقتل رئيس جمعية الجالية الإيفوارية بتونس بعد تعرضه للطعن بسكين، بجهة دار فضال سكرة، أثناء محاولة مجموعة من المنحرفين افتكاك هاتفه الجوال وأيضا مواجهة موجة الهجرة غير شرعية حيث عرفت هذه السنة ارتفاعا في عدد المهاجرين غير الشرعيين وكذلك في عدد ضحايا غرق المراكب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115