يبدو الوصول اليه مشقة في ظل تباعد التصورات بين الطرفين، فما تقترحه الحكومة زيادة بين 40 و80 دينارا وفق الصنف وهذا بعيد عما يطالب به الاتحاد وهو بين 70 و90 دينار وفق الصنف.
انتهت امس جلسة التفاوض بين وفد الحكومة ووفد الاتحاد العام التونسي للشغل دون الوصول الى تقريب وجهات النظر او التقليص من التوتر الذي يشوب العلاقة بين الطرفين، منذ اشهر وتفاقم على خلفية المفاوضات في الوظيفة العمومية.
خلافات تتعلق بحجم الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية، في ظل تباين شاسع بين ما تعرضه الحكومة من مقترحات صاغتها وفق مقاربة تقوم على عدم اثقال كاهل موازنة 2019 والرفع من العجز العام بها، فوق النسبة المتوقعة.
لهذا لجأت الحكومة الى اعتماد مدخرات النفقات الطارئة في الموازنة، كمصدر لتوفير المبلغ الاجمالي للزيادة في الوظيفة العمومية، حيث تضمن قانون المالية المصادقة عليه في البرلمان تخصيص مبلغ يتجاوز 450 مليون دينار كنفقات طارئة في باب نفقات التصرف، وهذا المبلغ ترغب حكومة الشاهد في ان يكون أقصى ما تصل اليه الكلفة العامة للزيادة.
وهذا افضى الى ان يكون مقترح الحكومة المقدم لوفد الاتحاد يتمثل في زيادة بين 40 و80 دينار خام وفق الصنف، وبمعدل سنوي عام يبلغ 53 دينار خام، وهو ما يعادل تقريبا ما تخصصه الحكومة للنفقات الطارئة.
هذا المقترح الذي تعهدت الحكومة بدخوله حيز التنفيذ انطلاقا من 1 جانفي 2019 في حال قبوله، هو ما يعطل الوصول الى حل بين الطرفين فهو بعيد كليا عما يطالب به الاتحاد، الذي يطالب بان تكون الزيادة في الوظيفة العمومية قربية او متساوية مع الزيادة في القطاع العام، الذي وقع الاتفاق على حزمته منذ شهرين.
حزمة تتضمن زيادة مقسمة على ثلاث سنوات قيمتها تتراوح بين 205 و270 للفرد وفق الصنف، اي ان الاتحاد يطالب بزيادة تقدر تكلفتها الاجمالية بحوالي 1.1 مليار دينار تونسي في سنة 2019 اي اكثر من ضعفي المبلغ الذي تخصصه الحكومة للزيادة في هذه السنة وهو 400 مليون دينار.
تباين بين ما تعرضه الحكومة وما يريده الاتحاد يبدو ان التقليص منه عبر ايجاد منطقة وسطى بين الطرفين لن يكون بالامر الهين في ظل اكراهات تدفع الطرفين، فالحكومة ترغب في ان تتحكم في نسبة عجز ميزانيتها في حدود 3.9 % وهو ما يجعلها تتمسك بمقترحها الذي يبدو انها اعدته منذ فترة.
مقابل البحث عن التوازنات في المالية العمومية يواجه الاتحاد اكراهات جمة تتمثل اولا في توصله الى اتفاق في القطاع العام ينظر اليه على انه نسبيا جيد وقبوله باتفاق بعيد عن السابق سيكون له تداعيات على المركزية، اضافة الى ان المركزية تعهدت بأن تكون الزيادات مجزية لنظرائها.