انتظر الجميع طوال الأسابيع الثلاثة الفارطة كلمة يوسف الشاهد الموعودة، وظنهم انه سيوضح عدة نقاط تتعلق بمستقبله السياسي وعلاقاته بالفاعلين في المشهد السياسي التونسي، لكن رئيس الحكومة «الحسم في الأسئلة ليغادر من الجميع عن كلمات
انطلق الحوار بتقديم من الزميل بوبكر عكاشة الذي حرص على التذكير بان الشاهد لم يصافح التونسيين عبر وسائل الإعلام منذ 6 أشهر، قبل ان يحدد محاور حواره مع الشاهد، وهي اقتصادية وسياسية بالأساس.
الحوار استهل بالحديث عن العملية الإرهابية الأخيرة بالقصرين والتي أودت بحياة الغزلاني وتحدث الشاهد عن حرب تونس على الإرهاب التي قال ان تونس حققت نجاحات كبيرة ولكن هناك خطر يتمثل في «الروتين» فالتعود على الإرهاب والتعامل معه على انه عادي هو الخطر.
الحرب ستتواصل، والحكومة خصصت 15% من موازنة 2019 لوزارتي الدفاع والداخلية، وهذا يؤكد جديتها في حربها على الإرهاب التي قال انها بلغت مرحلة تبشر بالقضاء على الجماعات الإرهابية في الجبال التونسية.
من الإرهاب انتقل الشاهد للحديث عن الوضع الذي ورثه عن سابقيه، وقال انه صارح التونسيين منذ البداية بان هناك صعوبات جمة من بينها التضخم، الذي يعود وفق قوله الى جزء من الإرث الذي وجده، وهو 4 عمليات إرهابية واتفاق بين حكومة الصيد وصندوق النقد الدولي على اربع سنوات،مؤكدا ان الصندوق إذ دخل بلادا فهذا يدل على ان الوضع محرج.
الشاهد الذي شدد على انه كان صادقا مع التونسيين وان إصلاح الأوضاع الصعبة لا يتم في سنتين، رغم ان حكومته انطلقت في العمل لتطبيق برنامج إصلاحي، انطلق من عجز موازنة الدولة الذي قال انه عمل على وقفه وتقليصه وهو ما نجح فيه حيث سجل العجز %3.9 في 2019 بعد ان كان في 7 % سنة 2016.
وقف العجز واستعادة النمو، هما اولويات عملت عليها الحكومة التي قال رئيسها انها أنقذت تونس من «السوء» رغم الصعوبات الكبرى التي تعيشها تونس، ومنها ما يعيشه المواطن من صعوبات سببها التضخم.
هذه النقطة قال الشاهد إنها موروثة كما انها نتيجة للإصلاحات المعتمدة للضغط على العجز في الموازنات العامة، لكنه شدد على ان حكومته انطلقت في عملية التقليص في التضخم عبر مؤسسات مركزية وجهوية وفق إستراتيجية قال انها تتضمن مقاومة الاحتكار.
لكن الشاهد وفي حديثه عن التضخم تعهد بان حكومته ستقلص منه في 2019 وستعمل على تحسين المقدرة الشرائية، ولم يمر الحديث عن التضخم دون الحديث عن انهيار قيمة الدينار والعجز في الميزان التجاري الذي سببه استيراد الطاقة.
والحديث عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي نقل الحوار إلى المفاوضات الاجتماعية، ورفض الحكومة مقترحات الاتحاد، حيث شدد رئيس الحكومة على انه مسؤول ولن يرهن الدولة مقابل اقتراض لتوفير زيادة في الأجور، وقال أن حكومته تعالج ملفات بنظرة شاملة وليس مقتصرة على الوظيفة العمومية، التي قال إن المسألة في طور التفاوض مع الاتحاد ويأمل أن يصل إلى حل لا يؤدي إلى ارتفاع العجز في الميزانية. وقال انه يقبل بزيادة إن تمت اثر دراسة علمية.
هنا انتقل الشاهد إلى وضع الهجوم، يهاجم من يقول ان الحكومة «تخدم في لوبيات» واعتبر أن مواقفهم «شعبوية» أضرت بالبلاد وان البعض تصدر عنه مواقف دون دراية بالوضع الاقتصادي، ليمر إلى انتقاد الخطاب السياسي الذي وصفه بـ«المتدني» كما انتقد غياب الرؤية لدى المعارضة.
ليتحدث عن الصعوبات والتعطيلات التي تجابهها الحكومة، ومنها تعطيل المصادقة على القوانين، حيث قال ان هناك حوالي 20 مشروع قانون قدمت للجنة المالية في المجلس لكن تعطلت عملية المصادقة عليها في السنتين الفارطتين.
تعطيل يمتد ليشمل تنفيذ مشاريع كبرى قال ان حكومته وجهتها في السنتين الفارطتين، ولكنها نجحت في تجاوز الصعوبات وبلغت مرحلة البداية ينجز عدد منها في 2019 ومنها ميناء النفيضة والطريق السيارة تونس /جلمة.
من الوضع الاقتصادي انتقل الشاهد للحديث عن ملفات سياسية تثير الجدل، ومنها ملف العدالة الانتقالية التي قال ان تونس لم تنجح في تنزيل هذا المسار، وقال ان الضجيج السياسي حال دون ان تنجح التجربة، فالعدالة الانتقالية تتضمن مسارا ينتهى بالمصالحة التي لم تحدث.
سبب فشل المسار قال انه يعود لتأخر الانطلاق فيه وشخصية رئيسة الهيئة التي قال إنها ليست توافقية إضافة الى التجاذبات السياسية التي حالت دون نجاح المسار، لكن هنا كشف ان حكومته ستتجه لاستكمال هذا المسار ليحقق أهداف العدالة الانتقالية.
فتح ملف العدالة الانتقالية احال الحوار الى الخوض في علاقة النهضة بالشاهد وحكومته التي توصف بانها حكومة النهضة، ليشير الى ان النهضة ونفوذها وحجمها في حكومته اقل من حجمها في البرلمان، مع التاكيد على ان النهضة أتى بها الصندوق كما انه وجدها طرفا مشاركا في حوار قرطاج 1 الذي بادر به رئيس الجمهورية.
علاقة الشاهد بالنهضة لم تنته عند هذا الحدث، حيث شدد الرجل على انه ينتمي الى العائلة الديمقراطية والتقدمية وهو يؤمن بالصندوق وسلطة الشعب، ومن يريد الحكم دون النهضة عليه الفوز في الانتخابات القادمة.
من جهة أخرى نفي ان تكون علاقة الشاهد بالنهضة سبب توتر العلاقة برئيس الجمهورية الذي قال انه يحترمه دون ان يغفل عن الإشارة إلى أن الرئيس أتى بالنهضة للحكم، وقال ان علاقته لم تتوتر إطلاقا مع رئيس الجمهورية حتى وان تغيرت علاقته برئيس جمهورية بعد حواره في ماي 2018 الذي انتقد فيه نجله حافظ.
حافظ والخلاف معه موضوع تحدث فيه الشاهد مرة اخرى، ليؤكد ان سبب الخلاف بينهما ان الاخير يتصرف كأنّ البلاد والحزب ملك خاص به ويمارس العبث السياسي الذي يرفضه هو وسيظل مستمرا في رفضه، وان من طالب بإقالته من نداء تونس هم اناس يريدون افتكاك السلطة وتأجيل الانتخابات ووقف الحرب على الفساد. هنا اعتبر الشاهد ان نداء تونس لم يعد موجودا والقيادة الحالية لم تعد تمثل قواعد نداء التاريخي، ليشكك هنا في امكانية عقد مؤتمر النداء، وان تم فسيكون على القياس وفق قوله.
من الحديث عن فشل تجربة النداء، انتقل الشاهد لحاجة تونس كما يراها، الى كيان سياسي حداثي وسطي دعا كل الديمقراطيين الى خلق حركية توحد العائلة الديمقراطية الوسطية، وهذا وفق شروط منها القطع مع الفساد وتبني مشروع يعيد الامل للتونسيين دون ان يغفل عن ضرورة ان تكون هناك ديمقراطية داخلية في هذا المشروع الجديد.
مشروع طلب من الدستوريين والندائيين والمستقلين التجمع وبعث هذا المشروع لضمان التوازن وحماية الديمقراطية التونسية، ليختم بالقول انه غير منشغل بالتفكير في الترشح للانتخابات القادمة.