صراخا والتلميح تصريحا من 8 أشهر، بداية الأزمة صلب المركز الوطني للإعلامية، الذي يعد نقطة تجميع كل المعطيات الرقمية عن التونسيين سواء أشخاص طبيعيين أو معنويين، من يومها بات المركز عنوانا ثانويا في الصراع بين النهضة وخصومها قبل ان ينتقل أمس الى رأس القائمة بإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن انه بات على الخط بشكل صريح ومباشر.
يوم امس اعلنها الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي من مقر المركز الوطني للاعلامية، مواجهة مباشرة وعلنية مع وزير التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي أنور معروف. حيث شدد الطبوبي أنّ الاتحاد «سيقف في وجه أي محاولة لخلق شركة موازية للمركز الوطني للإعلامية «او قدوم خبراء من خارج المركز للاشراف على عملياته وانه سيكون في مواجهة اية « سياسة لتوظيف المركز الوطني للإعلامية لحسابات سياسية».
الطبوبي الذي اراد ان يكون اعلان «الحرب» على معروف في مكان رمزي، وهو محل التحرّك الإحتجاجي لأعوان وكوادر المركز الوطني للإعلامية ، الذي زاره الطبوبي ليساند ويعلن للمحتجين انه، اي الامين العام سيلتقي بداية الأسبوع القادم برئيس الحكومة وان اللقاء سيخصص ‹›لإطلاعه على الأمر وحيثياته وما يحاك لتونس خاصة في المسألة المعلوماتية››.
مخطط يرى اتحاد الشغل انه يحاك منذ فترة، وليست النقابة فقط من تعلن هذا،ولكنها نقلته الى مرحلة اخرى، فالاتحاد وفق تعهد امينه العام لن يسمح لفئات سياسية معينة ان تستفيد من المركز لغاياتها الخاصة وان الاتحاد وقادته «يعرفوا البير وغطاه»، هنا لا يصرح الطبوبي وانما يلمح ان تعلق الامر بطبيعة الفئات السياسية المقصودة.
قبل هذه الكلمات المباشرة من الأمين العام لاتحاد الشغل، الذي بات في ما يشبه الحرب الباردة مع حركة النهضة، لا تبصرها الأعين وإنما تستشف في التحركات والتحركات المضادة. كان قادة الاتحاد والنقابة الاساسية للمركز الوطني للإعلامية ، التابعة للاتحاد، قد اعلنوا في فترة سابقة عن احتراز تطور الى اعتراض ومواجهة مفتوحة، تجاه خيارات الوزير.
انور معروف الماسك بمقاليد وزارة التكنولوجيا يخوض منذ اسابيع عدة مواجهة مع نقابيين على اكثر من صعيد، الظاهر منها عدم الالتزام بالتخلى عن بعث المؤسسة التونسية للتنمية الرقمية، لتداخل الاختصاصات بينها وبين المركز، لكن الباطن هو اتهامات صريحة ومبطنة للوزير بمحاولة توظيف المركز والوزارة لتوفير كم من المعطيات الخاصة، سواء للافراد او المؤسسات او الشركات لحزبه، حركة النهضة.
هذه التهمة ظهرت للعلن مع اقالة انور معروف للمدير السابق للمركز عادل بوحولة، الذي اعتبر ان اقالته سببها رفضه لتوظيف المركز ودعوته لتحييده وتحييد العاملين به عن الشان الحزبي.
منذ ذلك الحين باتت التلميحات اتهامات صريحة للوزير الذي تعمد تجاهل التهم، ولكن هذا قد لا يستمر ان قرر اتحاد الشغل النزول بثقله على رئيس الحكومة قصد اعفاء انور معروف او الحاق المركز برئاسة الحكومة.فالمركز الوطني للاعلامية، هو العصب الرقمي للدولة التونسية، اي ان التطبيقات العمومية المستغلة سواء في القطاع الاداري او المالي او الامني لديه قدرة على الولوج اليها.
هذا يعنى بالنسبة لخصوم النهضة والوزير ان الاخيرين يقفان امام باب «مغارة على بابا» ويمكن لهما استغلال هذه «الثروة» من المعطيات لصالح الحركة التي لازمت الصمت وخيرت ان لا تقحم نفسها في الصراع، تجنبا لوضع وزيرها في الزاوية او الدخول في صدام مباشر مع اتحاد الشغل، وهي حريصة على ألاّ تصطدم به مهما كانت الاسباب.