معتمديّة البطان (حي المهرين وحي المحفورة)، وحي الرياض – السعيدة، الراجعة بالنظر لولاية منوبة يوم أمس اقبالا محتشما جدا للناخبين الذين توافدوا بأعداد قليلة على مراكز الاقتراع بالجهة. «المغرب» واكبت أجواء هذا الاستحقاق الانتخابي وألقت الضوء على ظروف سير العمليّة الانتخابيّة، أسباب العزوف وانتظارات المٌقترعين ومطالبهم. ويرُجع المُقترعون أسباب توجههم الى مراكز الاقتراع لأهميّة الانتخابات البلديّة باعتبارها فرصة والية جديدة لتكريس الحكم المحلي من شأنه «الدفاع عن مطالب اهالي المنطقة» و«ايصال اصواتهم الى سلطات الإشراف» في حين اعتبر العازفون عن التصويت «زيف الوعود الانتخابية» و«استمرار النقائص في الجهة رغم وجود ممثلين عن الشعب في تواصل مباشر مع مراكز أخذ القرار» سببا في عدم الإدلاء بأصواتهم.
انتخابات طغى عليها الحضور المٌحتشم للناخبين بمختلف الشرائح في حين سُجل ضُعف كبير في نسبة مشاركة النساء، هذا العزوف المُسجل رافقته انتظارات كبيرة للقلة القليلة ممن أدلوا بأصواتهم في الانتخابات آملين في تغيير المشهد المحلي وتكريس دور فاعل للمواطن في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وترشحت الى عضوية المجلس البلدي طبربة 6 قائمات وهي كالتالي قائمة مستقلة: طبربة المستقبل، قائمة عن حزب نداء تونس، وقائمة عن حركة النهضة، وأخرى عن الجبهة الشعبية، وقائمة عن حركة الشعب وقائمة عن الاتحاد المدني. في حين ترشحت لعضوية المجلس البلدي البطان 3 قائمات الاولى عن حزب نداء تونس والثانية عن حركة النهضة والثالثة عن حركة الشعب تتنافس على 18 مقعدا.
المهرين – البطان: إقبال ضعيف وآمال كبيرة
من جهته قال، محمد (48 سنة) بعد الادلاء بصوته في مركز اقتراع حي المهرين التابع لبلدية البطان وهو المركز الوحيد في القرية، أنّ مشاركته في الانتخابات البلدية التي تُجرى لأوّل مرة جاءت حرصا منه على اختيار قيادة محلية تمثله وتمثل المنطقة الريفية الصغيرة التي ينحدر منها. وأضاف محدثنا ان هذه الانتخابات «ستقود الى انتخاب مجلس بلدي باعتباره سلطة محلية فاعلة ومؤثرة، مشيرًا إلى أن «هذه الانتخابات هي الأهم بالنسبة إليه لأنها تمكن المواطن من مُحاسبة كل الأطراف السياسية المعنية بتمتيع المواطنين بحقهم في العيش الكريم وأيضا تهيئة الظروف الملائمة للأجيال القادمة».
وتعيش قرية «المهرين» الريفية الواقعة بين معتمدية البطان ومعتمدية برج العامري ظروفا معيشية صعبة ونقائص بالجملة سواء على صعيد الطرقات العمومية او البنية التحتية المهترئة والتي تجعل من المنطقة معزولة تماما مع دخول فصل الشتاء. بالإضافة الى غياب أبسط المرافق العمومية وقلة وسائل النقل وصعوبة تنقل المواطنين والتلاميذ بصفة خاصة مع غياب كلي لدور الثقافة او مراكز الترفيه او غيرها. مطالب اجتماعية ملحة ينتظر متساكنو «المهرين» النظر اليها بجدية اكبر من قبل سلطات الاشراف التي تغيب عن برامجها اولويات المنطقة التي تضمّ عددا لا يستهان به من المتساكنين.
وشهدت معتمدية البطان والمناطق التابعة لها ترشح 3 قائمات فقط الاولى عن حزب نداء تونس والثانية حزب النهضة والثالثة عن حركة الشعب.
في نفس السياق اعتبر رشدي (34 سنة) جامعي عاطل عن العمل ادلى بصوته في مدرسة 20 مارس بالبطان، أن البطالة التي يعانيها منذ سنوات لم تمنعه من التوجّه الى المركز الانتخابي بمدرسة 20 مارس البطان للإدلاء بصوته في هذا الاستحقاق الانتخابي املا منه في تهيئة ظروف أفضل على الأقل على مستوى البلدية الراجع لها بالنظر مشيرا الى «انّ البلدية الرّاجع لها بالنظر تستحقّ اهتماما أكثر باعتبار احتياجات المواطنين ورغبتهم في تحسين ظروفهم المعيشية وأيضا إيصال أصواتهم الى مراكز صنع القرار السّياسي» . وتابع رشدي أن «نتائج الانتخابات الحالية هي تعني بصفة مباشرة حياة المواطن اليومية».
«ايمن» (طالب) أحد الممتنعين عن التصويت، برّر قراره بعدم التصويت بما اعتبره «وعود انتخابية لن ترى النور كغيرها من الوعود الاخرى الزائفة التي يروّجها المرشحون»، مشيرا الى انّ المعتمدية التي يقطنها وهي البطان تضم معالم ذات طراز معماري مميز كان مآلها السقوط وذلك نتيجة الاهمال المستمر من قبل سلطات الاشراف المعنية بالإضافة الى نقص فضاءات الترفيه في المدينة كالملاعب الرياضية ودور الثقافة وغيرها.
طبربة: نقائص ومطالب
«خميس» أحد مواطني مدينة طبربة أدلى بصوته منذ الساعات الاولى للاقتراع لثقته في ان الانتخابات الحالية تحمل من الاهمية مايجعلها وسيلة جديدة تكفل للمواطن البسيط اختيار ممثل عنه في المجالس البلدية وفق تعبيره، وأضاف «ان كل مواطني منطقة طبربة خاصة والتونسيين بصفة عامة يأملون ان تكون الانتخابات البلدية في مستوى تطلعات المواطن البسيط في ما يتعلق بتحسين جودة الخدمات اليومية من طرقات ونقل وترفيه وغيرها من الخدمات التي تفتقر لها طبربة».
وتابع محدثنا «المجلس البلدي هو الية جديدة للحكم المحلي في تونس من شأنها تمتيع المواطن بحقّه في العيش الكريم في ظروف اجتماعية ملائمة تلبي احتياجاته اليوميّة».
ثغرات تنظيمية
خليفة الوسلاتي مُلاحظ عن «عتيد منوبة» قال في تصريح لـ«المغرب» أن سير عملية الاقتراع بكل من مركز 14 جانفي وابن خلدون والحبيب ثامر ومعهد حنبعل طبربة لم تشهد خلال الساعات الاولى من بدء التصويت خروقات كبيرة، مشيرا الى انّ النقائص المسجلة فنية بحتة منها تأخر بعض المراكز عن الموعد المقرّر لفتح المكاتب نظرا لنقص المعدات وأيضا مشاكل تنظيمية اخرى من بينها «عدم تعليق قائمات الناخبين في الاماكن المخصصة لها وهي امام كل مركز في حين تم تعليقها في مداخل المراكز وهو مايعتبر تجاوزا». واشار الوسلاتي ان النقطة المضيئة في عملية الاقتراع يوم امس تمثلت في وجود ممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قاموا بتوجيه المواطنين بمختلف شرائحهم خاصة الذين لاقوا صعوبات خلال عملية الاقتراع».
«عزوف شباب الشويقي»
شهد مركز الاقتراع المدرسة الابتدائية منطقة الشويقي من معتمدية طبربة عزوفا كبيرا لشباب الجهة. شباب تواجد بمختلف جهات المنطقة إلا أنه أصرّ على مقاطعة الانتخابات. «المغرب» كانت متواجدة على عين المكان أين قامت بسماع وجهات نظر بعض الشباب الذين اجمعوا على أنّهم بمنأى عن المشهد السياسي والحزبي.
«...شباب ظل يصارع البطالة والتهميش منذ عهد بن علي وتواصل بعد الثورة والى حدّ الآن. أسماء غير مهمة شأنها شأن القائمات التي تنتمي إليها، كلّها وعود وستبقى كذلك تتكرر مع كلّ موعد انتخابي...» هكذا برّر شباب المنطقة مقاطعتهم للانتخابات البلدية، مشيرين في السياق نفسه الى العديد من الإشكالات البيئية التي تعيشها المنطقة.
من جهة أخرى أرجع احد الناخبين (العمّ حمّادي)، وهو كهل يتجاوز الـ50 من عمره، تخلي شباب المنطقة عن الانتخابات الى خيبة الأمل التي عاشها الشباب بعد الانتخابات التشريعية والرئاسيّة، مؤكدا أنّ شباب الجهة اختار التخلّى عن حقه الانتخابي حتى لا يكون من جديد بين أيدي الأحزاب التي لا تهتم بوجودهم ومشاكلهم سوى أثناء حملاتهم الانتخابية».
وتجدر الإشارة في هذا الإطار الى أن الاقليّة التي مارست حقها الانتخابي بالجهة كانت تجهل حقيقة دور المجالس البلدية ومعنى الانتخابات البلدية بصفة عامّة. حيث تحدّث اغلبهم عن غلاء الأسعار وعن تفاقم البطالة والخصاصة بالجهة ودعوا في السياق نفسه الى ضرورة تحسين ظروفهم المعيشية والالتفات الى الجهة عبر المشاريع التنموية وغيرها.
من جهته اكّد رئيس مكتب الاقتراع محمد الرواحي في تصريح لـ«المغرب» بانّه لم يتم تسجيل أيّة خروقات أو تجاوزات، مشددا على دقة التنظيم والاحترام داخل مراكز الاقتراع، مع العلم وان المدرسة الابتدائية بالشويقي قد شهدت صباح امس الاحد تعزيزات امنية وعسكرية هامّة جدا.وأكد محدّثنا ان الإقبال على الانتخابات ضعيف جدّا، مشيرا الى أن نسبة الانتخابات صباح أمس لم تتجاوز الـ7 %.. وشهد مركز الاقتراع بمنطقة بئر الزيتون من معتمديّة طبربة العديد من التجاوزات، حيث عمد بعض المرشحين عن قائمات حزبية الى توجيه الناخبين ودعوتهم الى انتخاب شعار معين دون غيره، وفق ما أكّده احد المرشحين لـ«المغرب». وعبّر محدّثنا عن استنكاره من المحاولات المتتالية لقائمات حزبية للسيطرة على مراكز الاقتراع وتكرار نفس الممارسات التي قامت بها خلال الانتخابات التشريعية في 2014.
حضور أمني مكثف وغياب ملحوظ للناخبين
على مسافة 19 كلم من المنطقة الريفية، انطلقت عملية الاقتراع بمعهد حنبعل بطبربة في ظروف عادية مع إقبال محتشم على صناديق الاقتراع وبحضور مكثف للأمن والجيش مع تمركز أعضاء هيئة الانتخابات وممثلي الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة وتحت أعين المراقبين، كانت عملية الاقتراع صامتة هادئة باعتبار أن الحلقة الأهم تكاد تكون مفقودة في ظل الحضور الضعيف للمقترعين وفقا لرئيس مركز الاقتراع فوزي الدعجي. وقد أكد الدعجي أن انطلاق عملية الانتخاب كان في الوقت المحدد لها غير أن إقبال الناخبين كان ضعيفا خلال الساعات الأولى، فبعد ساعتين من فتح الأبواب لم ينتخب سوى 51 مسجلا من ضمن 1293 مسجلا. وعلى بضعة أمتار من مركز الاقتراع يقف عدد من الشباب قرروا مقاطعة الانتخابات بشتى أنواعها ، مؤكدين أن الأحزاب أثبتت عدم استحقاقها للثقة التي منحت إياها في فرص سابقة. واعتبروا أن تهافت الأحزاب اليوم لا يرمي إلى خدمة الجهات المحرومة وتنميتها بقدر ماهو سعي لخدمة مصالحها، الطاهر (30 عاما) من بين هؤلاء الشباب، اختار الجلوس في المقهى على أن يدلي بصوته وذلك لاعتقاده أن أبواب التغيير لا تقف عند أبواب مراكز الاقتراع.
المحفورة: اقبال ضعيف وتجاوزات
حالت عدم جاهزية مركز الاقتراع بالمدرسة الابتدائية بالمحفورة التابعة لبلدية البطان من ولاية منوبة في الوقت المحدد إلى تأخر انطلاق عملية الاقتراع ،فعلى الرغم من الحضور الأمني والعسكري المسجل وايضا تواجد ممثلي الأحزاب والقائمات،فإن عدم جاهزية مكتب الاقتراع عطلت انطلاق أول انتخابات بلدية بعد ثورة جانفي 2011.
ولئن فتح مركز الاقتراع أبوابه في حدود الساعة الثامنة صباحا في إحدى المدارس الابتدائية أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في المجالس البلدية إلا أنّ بدء عملية الاقتراع واستقبال الناخبين قد سجل تأخرا بـ20 دقيقة، تأخير لم يُحدث تغييرا يُذكر على سير عملية الاقتراع وذلك على اعتبار ضعف إقبال الناخبين، فبعد ساعة ونصف من فتح مركز الاقتراع ناهزعدد الناخبين العشرين أغلبهم تجاوز سنهم الخمسين من بين 463 مُسجل في منطقتي حي المهرين والمحفورة. وخيم الهدوء خلال الساعات الأولى من عملية الاقتراع في هذه القرية الريفية التي غاب عنها المراقبون والملاحظون على خلاف ما كان في الانتخابات التشريعية 2014 التي شهدت حضور مراقبين وملاحظين محليين ودوليين، علاوة على تسجيل بعض التجاوزات من قبيل عدم تعليق قائمات الناخبين من جهة وحتى القائمات التي علقت فإن ترتيب القائمات الانتخابية كان خاطئا.
نزار شاب في الثلاثين من عمره يمثل استثناء لدى شباب المنطقة المقاطع للانتخابات في ساعاتها الأولى، شدد على أهمية الوعي بضرورة ممارسة الحق والواجب الانتخابي إيمانا منه بما يمكن أن تتيحه الانتخابات البلدية من فرص للنهوض بجهته «المنسية «على حد تعبيره مشيرا إلى ما تعانيه الجهة من إشكاليات جمة على غرار نقص مياه الري والشرب وغياب توفر وسائل النقل.
حي الرياض – السعيدة: غياب التجاوزات
كما شهد مركز اقتراع حي الرياض- السعيدة اقبالا ضعيفا من قبل الناخبين، مع غياب للتجاوزات الواضحة علما وان هذا المركز عرف خلال الانتخابات السابقة اقبالا هاما الى جانب اجواء احتفالية كبيرة.