جرايات المتقاعدين مهددة .. 1500 مليون دينار حاجيات صندوق التقاعد من السيولة: الصناديق الاجتماعية إلى أين ؟

665 مليون دينار ديون متخلّدة بذمة المنشآت والمؤسسات العمومية
و20 ألف متقاعد جديد سنويا

تزداد وضعية الصناديق الاجتماعية سوءا يوما بعد آخر ولاسيما الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية الذي استنفد كل احتياطاته المالية وأضحى في حالة تداين هيكلي متفاقم، وضعية أصبحت تهدد بصفة جدية استمرارية صرف الجرايات للمتقاعدين والتي لن تقتصر على التأخير كما حصل في جراية شهر أفريل الجاري بل يمكن أن تصل إلى حدّ عدم صرفها في حال تواصل الوضع على ما هو عليه بين الضغوطات على مستوى السيولة وحتمية عملية الإصلاح، تأخير صرف الجرايات بيومين فقط تسبب في احتجاجات من طرف المتقاعدين ليتولى الصندوق صرفها بعد حصوله على تسبقة مالية من وزارة المالية أي من ميزانية الدولة.
التأخير في صرف الجرايات للشهر الجاري شمل فقط الجرايات التي تصرف عبر البنوك والتي تمثل 70 بالمائة ذلك أن صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية خيّر صرف كامل الجرايات التي يتم سحبها عبر الحسابات البريدية، وضعية الصناديق الاجتماعية، صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية وصندوق الضمان الاجتماعي وصندوق التأمين على المرض، صعبة والمعالجة باتت جدّ ضرورية وكل يوم نسمع عن إصلاحات ومنذ الحكومات السابقة ولكن لا أثر لها على مستوى التطبيق والكل يعلم أن كل يوم تأخير في الإصلاح من شأنه أن يزيد في إغراق الصناديق أكثر وتداعيات ذلك بدأت تظهر في الأشهر الأخيرة والانطلاقة كانت عبر التأخير في صرف الجرايات، فإلى متى ستستمر هذه الوضعية والى أين تسير الصناديق الاجتماعية؟.

245 ألف متقاعد في القطاع العام
الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية عماد التركي أكد لـ«المغرب» أن الصندوق له موارد تتأتى من المساهمات وله مصاريف، ولكن مع ارتفاع عدد المتقاعدين، حوالي 20 ألف متقاعد ينضافون سنويا مقابل 3 آلاف متقاعد جديد في الثمانينات، بلغ عدد المتقاعدين 245 ألف متقاعد. أما بالنسبة للذين ينتفعون بالجرايات من التقاعد والأرامل وذوي الحاجيات الخصوصية فيقدر عددهم بحوالي 345 ألف منتفع، مشيرا إلى أن النظام المعمول به في البلاد هو نظام توزيعي وأمام قلة الموارد وارتفاع عدد المتقاعدين وعدم دفع عدة مؤسسات ومنشآت عمومية للمساهمات الاجتماعية، حيث بلغت الديون المتخلدة بذمتهم 665 مليون دينار فإن الصندوق أصبح غير قادر على صرف الجرايات في وقتها، علما وأن القيمة الجملية لجرايات شهر أفريل التي تمّ صرفها قد بلغت 299 مليون دينار ولم يتمكن الصندوق من تجميع هذا المبلغ في التاريخ المحدد لصرف الجرايات ليتولى أمام هذه الإشكالية تسبيق الجرايات التي تصرف عبر البريد والتي تمثل 30 بالمائة في انتظار استكمال المبلغ المتبقي وقد قام الصندوق بعدة مجهودات في هذا الشأن بين استخلاص مستحقاته وانتظار التسبقة من وزارة المالية.

وبين التركي أن الصندوق تمكن من استكمال توفير المبلغ المالي اللازم لتأمين بقية الجرايات عبر الموارد الإضافية التي ضختها وزارة المالية والمقدرة بحوالي 35 مليون دينار أي عبر ميزانية الدولة، مشددا على أن التأخير كان ليومين فقط. وأشار إلى أنّ التسبقات المالية التي يتحصل عليها الصندوق من وزارة المالية متأتية من المساهمات التضامنية الاجتماعية، 1 بالمائة، مع الإشارة إلى أنها ليست مجعولة لصندوق التقاعد الاجتماعي فقط بل للصناديق الاجتماعية الثلاثة ولكن نتيجة نقص السيولة التي يعاني منها الصندوق وارتفاع عدد المتقاعدين ب 1500 متقاعد جديد في غضون شهر واحد، تمتع بها تقريبا صندوق التقاعد، مضيفا أنه حسب قانون المالية فإن المساهمة التضامنية ستوفر حوالي 200 مليون دينار.

توافق مع الشركاء الاجتماعيين
وصف عماد التركي وضعية الصندوق بالصعبة جدا ومنذ مدة ويتم الحديث عن هذه الصعوبات وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ولكن لا يمكن أن تكون إلا في إطار التوافق مع الشركاء الاجتماعيين صلب لجنة الحماية الاجتماعية التي تجتمع بصفة دورية ومن المتوقع أن تجتمع اليوم من أجل الوصول إلى توافق حول إجراءات عاجلة لدعم ودفع السيولة، ليشدد على أن الحديث عن التوافق حول الترفيع في سن التقاعد بسنتين بصفة إجبارية و3 سنوات بصفة اختيارية مع الترفيع في نسبة المساهمات، 2 بالمائة على المشغل و1 بالمائة على الأجير لن يكون إلا بعد إمضاء محضر الاتفاق بين الحكومة ومنظمة الأعراف واتحاد الشغل والى حدّ الآن لم يتم إمضاء أي اتفاق وبالتالي فإن هذه الإجراءات لم تدخل بعد حيز التنفيذ، معربا عن أمله في إقرار الإصلاح الشامل للصناديق الاجتماعية من قبل الشركاء الاجتماعيين، الذي من شأنه أن يضخ روحا جديدة ويمكنها من مصادر مالية إضافية تساعدها على تجاوز الأزمة المالية التي تتخبط فيها منذ سنوات طويلة.

عجز محاسبي وعجز على مستوى السيولة
وعن قيمة العجز المالي الذي بلغه الصندوق، قال الرئيس المدير العام إن هناك عجزا محاسبيا وعجزا على مستوى السيولة، وبالنسبة إلى العجز المحاسبي فقد بلغ سنة 2016 دون احتساب الدعم الذي تحصل عليه من قبل الدولة والبالغ 300 مليون دينار في حدود 262.4 مليون دينار مقابل 345.8 مليون دينار سنة 2015 وبالنسبة لسنة 2017 فإن قيمة العجز مازال لم يتم إقرارها من قبل إدارة مراجعة الحسابات، وبخصوص العجز على مستوى السيولة فمن المتوقع أن يصل سنة 2017 إلى 1500 مليون دينار يعني حاجيات الصندوق من السيولة إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لدعم الموارد سواء في مجال المساهمات أو الترفيع في سن التقاعد.
الإجراءات التي لا بد من اتخاذها تهدف إلى تحسين موارد الصندوق باعتبار أن المصاريف المحملة على كاهله تفوق موارده المالية، وفق محدثنا، مضيفا أن العنصر الأساسي هو أن تكون الإجراءات المتخذة محل توافق من التمديد في سن التقاعد والترفيع في نسبة المساهمات وكذلك تنويع مصادر التمويل. كما شدد من جهة أخرى على أنه في صورة عدم اتخاذ إجراءات والقيام بالإصلاحات المطلوبة فإن الصندوق سيكون في نفس الوضعية بالرغم من المجهود الذي يقوم به لاستخلاص الديون المتخلدة بذمة المؤسسات والمنشات العمومية والتسبقات المالية من ميزانية الدولة، 50 مليون دينار الشهر الفارط و35 مليون دينار في الشهر الجاري والتي من المفروض أن توجه للاستثمار، مشيرا إلى أن الأزمة مرشحة لمزيد التعقيد في صندوق التقاعد، أزمة ستنعكس على المالية العمومية لضمان صرف الجرايات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115