رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة عماد حزقي لـ«المغرب»: ما زلنا ننتظر توفير المناخ المناسب لعمل الهيئة...

تعاني هيئة النفاذ إلى المعلومة منذ تركيزها من عديد الصعوبات والعراقيل

التي تحول دون انجاز مهامها على أكمل وجه، بالرغم من انطلاقها الفعلي في أشغالها. صعوبات عملية تنحصر بالأساس في عدم توفير المناخ الملائم لها، بالرغم من أهمية عمل الهيئة في الحصول على المعلومات ومكافحة الفساد. وفي هذا الإطار، يقدم رئيس الهيئة عماد حزقي في حوار لـ«المغرب» أهم انجازات الهيئة والصعوبات التي تتعرض إليها منذ تركيزها.

• ماهي حصيلة أشغال هيئة النفاذ إلى المعلومة منذ تركيزها؟
لقد استكملت الهيئة الإجراءات القانونية المتعلقةبتكوينها في أواخر شهر سبتمبر 2017 وذلك بعد أداء أعضاء الهيئة لليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية ، ثم شرعت في إعداد مشروع ميزانيتها التقديرية اللازمة لإنطلاق نشاطها ومناقشته مع وزارة المالية وتحصلت فعليا على تسبقة بهذا العنوان في أواخر شهر اكتوبر، لتنطلق في ما بعد في البحث عن مقر لها وتهيئته بعد القيام بالإستشارات الضرورية .
إن الانطلاق الفعلي لممارسة الهيئة لمختلف المهام الموكولة إليها بدأ خلال شهر جانفي من السنة الحالية 2018، حيث إنطلقت الهيئة في القبول الفعلي للدعاوى ومباشرة إجراءات التحقيق بخصوصها وأصدرت الهيئة أول قراراتها في 1 فيفري 2018، حاليا هنالك120 قضية منشورة أمام الهيئة بخصوص رفض مطالب النفاذ إلى المعلومة تمّ رفعها من قبل جمعيات حقوقية ومنظمات في المجتمع المدني واشخاص طبيعيين وشركات في مختلف المجالات المتصلة بقطاعات النقل والصحة والتربية وحماية البيئة والصفقات العمومية... وهو عدد في ارتفاع مستمر ، وإلى غاية اليوم بتّت الهيئة في 38 قضية وأصدرت قرارات بشأنها.

• وعلى مستوى المهام الرقابية؟
إلى جانب نشاطها القضائي ، تولت الهيئة في إطار ممارستها لمهامها الرقابية على الهياكل الخاضعة لأحكام القانون الاساسي المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة ، الإنطلاق في مراقبة مدى احترام هذه الهياكل لالتزاماتها في مجال النشر التلقائي للمعلومة، حيث قامت الهيئة بمراسلة نسبة كبيرة من الهياكل العمومية، من بينها رئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب، وكافة الوزارات، وأيضا البعض من البلديات والولايات والمؤسسات والمنشآت العمومية الكبرى من اجل الحصول على تقاريرها السنوية المتعلقة بالنفاذ إلى المعلومة ، وهي تقارير هذه الهياكل مطالبة بإعدادها سنويا وتتضمن بالخصوص معطيات إحصائية حول مطالب النفاذ المقدمة والمطالب التي تمت الإجابة عنها ومطالب التظلم والردود ، إضافة إلى الإجراءات المتخذة في مجال إتاحة المعلومة والتصرف في الوثائق وتكوين الأعوان وكذلك الإقتراحات والتوصيات لمزيد تكريس حق النفاذ إلى المعلومة .
كما تولت الهيئة إبداء ملاحظاتها حول مواقع الواب الخاصة بالهياكل المعنية ومدى تضمنها للمعطيات والبيانات الضرورية مع التأكيد على وجوب تحيينها .
وقد سجّلنا بإرتياح في المدة الأخيرة تفاعل رئاسة الجمهورية مع توصيات الهيئة وإلتزامهابإحترام القانون من خلال إنشاء موقع واب رسمي لمؤسسة الرئاسة وإستعماله كإطار رسمي لنشر البيانات المنصوص عليها بالقانون .

• ما مدى ايجابيةتعامل الهياكل العمومية مع هيئة النفاذ إلى المعلومة ؟
يمكن القول عموما أن هناك تجاوب ايجابي إلى حدّ الآن مع الهيئة من قبل أغلب الهياكل العمومية، على أن بعض الهياكل العمومية مازال يتعامل بعقلية قديمة وبالية قائمة على التكتم على المعلومة وحجبها ولم يستوعب بعد ثقافة الشفافية والمساءلة خاصة على مستوى بعض البلديات مثل بلدية طبربةمثلا التي رفضت تمكين مواطنين من متساكني المنطقة البلدية من محاضر المجالس البلدية لسنة 2017، كما رفضت أيضا تمكين الهيئة من تلك المحاضر خلال فترة التحقيق معها، وهو ما دفع الهيئة إلى التشهير بهذه التصرفات في وسائل الاعلام واتخاذ القرارات المناسبة في ذلك وهي حملات أثبتت فاعليتها في قضايا اخرى ، ونحن نعوّل كثيرا على وسائل الإعلام من أجل ترسيخ ثقافة الشفافية ودفع الهياكل العمومية نحو احترام إلتزاماتها القانونية.

• ما هي أهم العراقيل والصعوبات التي تتعرض إليها الهيئة؟
هناك في الواقع عراقيل متنوعة منها ما هو قانوني ومتصل بالأساس بعدم صدور جملة من النصوص التطبيقية اللازمة ، حيث أنه من المفروض أن يتم إصدارمنشور تفسيري لأحكام القانون الاساسي عدد 22 لسنة 2016 المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة لتسهيل عمل المكلفين بالنفاذ داخل الهياكل العمومية وتبسيط الإجراءات وتفصيلها لكن للأسف لم يصدر إلى الآن هذا النص من قبل رئاسة الحكومة. كذلك لم يتمّ إلى غاية اليوم إصدار الامر الحكومي المتعلق بشروط إحداث هيكل داخلي صلب الهياكل العمومية يتعلق بشروط إحداث هيكل داخلي يتولى تنظيم مختلف الأنشطة المتعلقة بالنفاذ إلى المعلومة طبقا لما يقتضيه الفصل 33 من القانون الأساسي المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة ، كما نلاحظ للأسف صدور عديد النصوص ذات العلاقة بمجال النفاذ إلى المعلومة دون أن تتمّ استشارتنا فيها لعلّ آخرهامشروع القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية الذي تمّ عرضه مؤخرا من قبل رئاسة الحكومة على مجلس نواب الشعب والحال أن القانون نصّ صراحة صلب الفصل 38 على وجوب استشارة الهيئة.
وبعيدا عن المسائل القانونية، فإن هناك بعض الاشياء المتصلة بظروف العمل من بينها محدودية العنصر البشري المتوفر سواء في مجالات عمل الهيئة أو حتى على مستوى الإطار الإداري والعملة ، هذا وقد قمنا بمراسلة رئاسة الحكومة في عديدالمناسبات، لكننا ما زلنا ننتظر إلى اليوم الدعم اللازم وتوفير الظروف الملائمة للعمل.

• كيف تقيم وضعية الهيئات المستقلة إجمالا؟
للهيئات العمومية المستقلة دور هام وأساسي في بناء الديمقراطية وتثبيتها وفي الدفاع عن الحقوق والحريات وهي تمثّل جزءا من ثقافة كاملة يبدو أنه لم يتم استيعابها إلى الآن من قبل بعض الجهات ، في السنوات الأولى من الثورة، كان هناك دفع كبير من أجل توفيرالإمكانيات الضرورية لهذه الهيئات ودعمها ، ولكن اليوم هناك مناخ عام متذبذب وهناك بعض الأصوات التي تشكّك للاسف في جدوى الهيئات المستقلة وفي دورها وتحنّ إلى ماض قريب كانت فيه السلطة التنفيذية مهيمنة على كافة الهيئات

• هل هناك تعاون بينكم وبين الهيئات العموميةالأخرى؟
إن المهام الموكولة لهيئة النفاذ إلى المعلومة تتكامل في عديد الجوانب مع مهام عديد الهيئات الأخرىعلى غرارهيئة مكافحة الفساد ، فالنفاذ الى المعلومة يعتبر أداة أساسية لمكافحة الفساد، وبقدر ما تكون الهياكل العمومية تعمل في الشفافية وفي إطار منفتح يتقلص حجم الفساد فيها والعكس صحيح وقد تولّينا تنظيم ملتقى مشترك في هذا الخصوص بالمدرسة الوطنية للإدارة ،كما أن علاقتنا بالهيئة العليا للإتصال السمعي والبصري مهمة بإعتبار أن النفاذ إلى المعلومة وسيلة اساسية لممارسة العمل الإتصالي والصحفي خصوصا الاستقصائية منها ، وسنعمل مستقبلا على تنظيم لقاءات مع الصحافيين من اجل مزيد التوعية والتحسيس بأهمية استعمال القانون من أجل الحصول على المعلومة .
كما لنا أيضا علاقة طيبة ومتينة بهيئة حماية المعطيات الشخصية التي احتضنت هيئة النفاذ إلى المعلومة في بداية نشاطها ووضعت مقرها على ذمتها ، وسنعمل على إيجاد آليات للعمل المشترك بيننا.

• في هذا السياق ، ما هو رأيكم في مشروع القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية ؟
لا شك ان هذا المشروع يعتبر من النصوص ذات الأهميةسيّما أنه يحاول مواكبة التطورات التي شهدها مجال حماية المعطيات الشخصيةفي العالم، ولكن لا يجب أن يمثّل هذا النص ذريعة للهياكل العمومية من أجل التكتم على المعلومة العمومية أو المتصلة بتسيير المرافق العامة وبإدارة الشأن العام كما لا يجب إستخدام الإستثناء المتصل بحماية المعطيات الشخصية بصفة تعسفية من قبل الهياكل العمومية كذريعة لرفض مطالب النفاذ إلى المعلومة وممارسة سياسة التعتيم بما من شأنه أن يفرغ حقا دستوريا آخر وهو الحق في النفاذ إلى المعلومة من مضمونه .
للأسف لم تتم استشارتنا بخصوص مشروع القانون المقدم من قبل الحكومة قبل عرضه على مجلس نواب الشعب ، وهو ما جعلنا نراسل لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب قصد تخصيص جلسة للإستماع إلى رأي الهيئة بخصوص هذا النص .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115