في انتظار نتائج الانتخابات البلدية: الحكومة ضاق هامش تحرّكها والحركتان في «حيرة»

يبدو جليا أن المشهد السياسي الراهن بلغ نقطة الذروة في أزمته، خاصة أن تعلق الأمر بتشكله الرسمي، حكومة وأحزاب حكم، بعد أن فقدت وثيقة قرطاج وقعها السياسي عمليا بانسحاب أربعة أحزاب،

وتفكير خامس بذلك، مما يعنى ان الهدف الرئيسي للوثيقة «تعثر» تحقيقه، وبات الإعلان عن ذلك أكيدا لكن كيف سيتم ذلك هو مكمن الغموض مثله مثل البديل الذي سيطرح وفق السيناريوهات الممكنة.

لا تعليق رسمي صدر عن الجهات الرسمية بشان إعلان حركة مشروع تونس انسحابها من قائمة الداعمين لوثيقة قرطاج وبذلك سحب دعمها لحكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عنها، تأخر التعليق أو رد الفعل أسبابه تختلف باختلاف الجهة المعنية، وحده النداء وعلى لسان ناطقه الرسمي علق عن الامر، بقوله ان المشروع سرع في نهايته السياسية بانسحابه.
تعليق المنجي الحرباوي على قرار انسحاب مشروع تونس، جاء متشنجا وسريعا عبّر عن «الصدمة» فالمتحدث باسم الحزب الاول في انتخابات 2014 اعتبر ان خروج المشروع من قائمة الداعمين لن يؤثر على الوثيقة ولا على الحكومة بل سيؤثر على قواعد وانصار المشروع باعتبارهم في الاصل من قواعد النداء ويرفضون الذهاب الى المعارضة أو الى تقويض الاستقرار السياسي.

حدث سياسي لا يجب قراءته بمعزل عن سلسلة من الأحداث التي انطلقت من اعلان الحزب الجمهوري عن انسحابه من حكومة الوحدة الوطنية ولاحقا من وثيقة قرطاج، وهو ذات التمشي الذي اتبعه افاق تونس قبل ان يلتحق المشروع بهم ويلتحق ثلاثتهم بحركة الشعب التي انسحبت من وثيقة قرطاج عشية تكليف يوسف الشاهد بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
اربعة من اصل 9 انسحبوا تباعا من الوثيقة ، في انتظار ان يحدد المسار الديمقراطي قراره في الرابع من فيفري القادم، في ظل ترجيح لالتحاقه بالمنسحبين، مما سيعمق من الازمة، ويفرض نهايات محدودة لها، وهو ما تجاهد حركتا النهضة والنداء للاستعداد له بان تفك شفرة «المستقبل» وتحدد اين يتجه مسار الازمة.

بالنسبة للنداء الذي حدد من ثلاثة أسابيع استراتيجيته الكبرى في علاقة بالمشهد السياسي وإعادة تشكيله، في ندوته الوطنية، حيث حدد ملامح المرحلة القادمة انطلاقا من فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات البلدية وثانيا تحل حركة النهضة، مما يعني له اطلاق اليد في إعادة تشكيل المشهد، انطلاقا من فرض تعديل حكومي كحد ادنى الى تغييرها برمتها من رئيسها الى اخر عضو بها.

خيار يتبناه المدير التنفيذي ومقربون منه، لا يبدو انه سيعاد النظر فيه بسبب التطورات الاخيرة، فحركة مشروع تونس ومن سبقها من أحزاب فرض انسحابها من الحكومة ومن وثيقة قرطاج، رهانات جديدة على النداء كلها مرتبطة بما سيحققه في الانتخابات البلدية، ففوزه سيطلق يده أولا للمطالبة بإعفاء كل الوزراء المحسوبين على المنسحبين، سواء من أبناء الأحزاب او مرشحيهم، وسيكون ورقة قوية بيد المدير التنفيذي للنداء الذي لا يخفي تبرمه من تنازل حزبه لأحزاب غير ممثلة في البرلمان او ذات تمثيلية ضعيفة عن حقائب وزارية هو الأولى بها.
فوز النداء في الانتخابات البلدية يترك حكومة الشاهد امام هامش مناورة محدود للبقاء على حالها، فالفوز سيدفع النداء الى صفوف المطالبين بتغيير الحكومة، لكن على عكس البقية لن يطالب بحكومة تكنوقراط بل بحكومة حزبية تجمع بينه وبين النهضة. قد يقع الإبقاء على الشاهد كرئيس حكومة فيها لكن مع تحجيم دوره وإلزامه بجملة من الشروط أولها التخلي عن إي طموح سياسي له في 2019.

سيناريو تنظر إليه الفعاليات السياسية على انه ليس الاسوء، بل هناك من يتقدم عليه، وهو اعلان حكومة الشاهد حكومة تصريف أعمال إلى حين انجاز الانتخابات البلدية وإثرها يقع فتح باب مشاورات تشكيل حكومة جديدة او -وهو ما يثير ذعر الأحزاب- الدعوة لانتخابات مبكرة، وهذا سيناريو صعب جدا.
في السيناريوهات العديدة، واحد فقط يسمح لحكومة الشاهد بأن تتنفس الصعداء، وهو عدم تحقيق النداء للنتائج التي يطمح لها، فحلوله في المرتبة الثانية او ما بعدها وتقدم النهضة في النتائج او اي طرف سياسي اخر، سيجعل التفكير في تغيير الحكومة امرا غير «محمود» من قبل الكثيرين، بل سيفضلون ان يقع التريث الى حين اتضاح المشهد الجديد وعلى ضوئه يقع حسم الخيارات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115