نشرت وكالة الاستخبارات المركزية يوم الاربعاء الفارط مجموعة وثائق جديدة تعود لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن حصلت عليها أثناء الهجوم الأمريكي على مقر إقامته في باكستان عام 2011، بينها صور ليوميات كتبها بن لادن وتسجيل فيديو لحفل زفاف نجله حمزة في إيران.
هذا الاعلان جاء في بيان نشر على الموقع الرسمي لوكالة الاستخبارات، قالت فيه أنها تكشف للجمهور قرابة 470 ألف ملف جرى الحصول عليها خلال إنزال ماي 2011 على مجمع بن لادن في آبوت أباد بباكستان. وأضاف البيان أن مدير الجهاز «مايك بومبيو» أمر بالكشف عن هذه الوثائق «رغبة منه بالالتزام بالشفافية، ولتمكين الجمهور من فهم تنظيم القاعدة وزعيمها السابق».
هذه الملفات الـ470 الف شملت تسجيلات تقدر بـ 79 ألف ملف صوتي، 10 آلاف تسجيل مرئي، و18 ألف وثيقة تخص أسامة بن لادن من بينها يومياته، كما ان الوثائق احتوت على مخطط القاعدة للاحتفاء بالذكرى العاشرة لعملية 11 سبتمبر 2001، اضافة الى محاولة التنظيم استغلال ما وصفه بالصحوة العربية لصالح الجهاد العالمي، في اشارة الى الثورات التي عرفتها كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.
نشر هذه الوثائق التي اكدت من قبل «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» انها اطلعت عليها قبل رفع السرية عنها، ووجدت أنها تتضمن معلومات حول العلاقات المضطربة بين تنظيم القاعدة وإيران. وهو ما يتقاطع مع ما أعلنه مدير المخابرات الأمريكية «بومبيو» منذ شهر من ان الوثائق التي ستنشر تكشف عن الروابط بين تنظيم القاعدة وإيران، ومن ذلك الوثائق التي تتعلق بحمزة أسامة بن لادن.
القاعدة وإيران
«تقييم» العلاقة بين تنظيم القاعدة وإيران. كان محور عدد من الوثائق اما بشكل كلي او بصفة جزئية، على غرار الوثيقة التي تكشف عن عرض ايران على تنظيم القاعدة «كل ما يلزم» من إمكانيات بما في ذلك «المال والسلاح» و«التدرّب في معسكرات حزب الله في لبنان، مقابل ضرب المصالح الأمريكية في السعودية والخليج».
عرض مغري قدمته إيران للقاعدة التي يبدو انها وفق الوثائق لم ترفضه بصفة كلية، حيث سهلت الاستخبارات الإيرانية سفر عناصر من القاعدة الى عدد من الدول، كما انها كانت تراقب إقامة منتسبين الى القاعدة في ايران على غرار أبو حفص الموريتاني وحمزة ابن زعيم التنظيم أسامة بن لادن. الذي نشر مقطع فيديو لزفافه الذي أقيم في إيران.
تشابك العلاقة بين القاعدة وإيران يكشف عنه في اكثر من وثيقة كانت عبارة عن رسالة موجهة من بن لادن او مرسلة من قبله الى عناصر من القاعدة تقيم هناك على غرار الرسالة التي ناقش فيها كيفية إخراج ابنه حمزة ومن قبله زوجته من إيران إلى باكستان، وكشف فيه عن توتر العلاقة بين القاعدة وإيران تلميحا.
رسائل بن لادن السرية الى قادته في إيران تكشف أن التنظيم الذي لم يتخل عن عدائه العقائدي لها واعتبار ان من تشيع عن وعي قد كفر، تبين ان التنظيم وجد في إيران قبل 2003 داعما هاما له، سواء بالمال أو السلاح. دعم تقبله التنظيم باعتبار ان العدو المشترك لكليهما، إيران والقاعدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي حرص كلاهما على ان لا تعلم بطبيعة التعاون بينهما.
علاقة حرص كلاهما على ان تظل قائمة على المصلحة المتبادلة دون اي تشويش عليها، مما يفسر موقف زعيم تنظيم القاعدة الرافض لاستهداف «عوام الشيعة» من مقاربة فقهية تقوم على انهم «جاهلون» كـ«عوام السنة» وجبت دعوتهم لا قتلهم، وهو الموقف الذي كان سبب الخلاف البارز بين اسامة بن لادن وابو مصعب الزرقاوي الذي كان يتزعم فرع التنظيم بالعراق.
حيث ان الزرقاوي كان اول منتسب للقاعد يقوم باستهداف «الشيعة» ويعتبرهم «كفرة» وجبت محاربتهم وذلك بعد الاحتلال الامريكي للعراق في 2003 تاريخ توتر العلاقة بين القاعدة ويران، وبداية ملاحقة عدد من عناصر القاعدة فيها.
توتر لم يصل الى حد القطيعة مع النظام الايراني، وهو ما يشابه لما حدث مع نظام علي عبد الله صالح الرئيس اليمني الذي وقع التطرق اليه باسهاب في رسائل بن لادن الموجهة الى اليمن، واعتبر فيها ان التفاوص مع علي عبد الله صالح من اجل هدنة امر ايجابي لكلا الطرفين حتى وان اقتضى الامر ان يستمر علي عبد الله صالح في استهداف التنظيم في اليمن شكليا لرفع الضغط الغربي عنه.
علاقات القاعدة بالأنظمة المحيطة بها لم تكن علاقة «إيديولوجية» بقدر ما هي عقلانية تقدر حسابات الربح والخسارة، حيث ان زعيم القاعدة السابق بن لادن اقر بنوع من التقارب والتعاون مع النظامين وفق ما تبينه الوثائق المنشورة، وهما الإيراني واليمني.
كما لم يغب عن هذه الوثائق التطرق لتونس بعد الثورة أو كشف هوية تونسيين انتسبوا لتنظيم القاعدة في أفغانستان أو في الجزائر قبل ذلك.