يعني أن العينة عندما استجوبت كانت هناك انتخابات فعلية في الأفق القريب أما العامل الثاني فهو نوعية العينة إذ شملت رقما استثنائيا حوالي عشرة آلاف مستجوب (9678 بالتدقيق) وقد تم اختيارهم بالتساوي بين كل البلديات في البلاد (350 بلدية) بما يعطينا نسبة خطأ قصوى ضئيلة للغاية لا تتجاوز %1
النتائج الأبرز لنوايا التصويت فهي نسبة عزوف كبيرة خاصة في الانتخابات البلدية واستمرار معادلة 2014 أي النداء في الطليعة فحركة النهضة وبعيد عنهما الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وآفاق فبقية الأحزاب ...ونفس الشيء تقريبا لو تعلق الأمر بانتخابات تشريعية أما في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية فيبقى الباجي قائد السبسي في الصدارة متقدما بصفة هامة على يوسف الشاهد فالمنصف المرزوقي .
في سوسيولوجيا العزوف
الملاحظة الأساسية في نوايا التصويت هي بقاء نسبة العزوف في مستوى مرتفع للغاية خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتخابات البلدية إذ يصرح %29.7 فقط من المستجوبين بنوايا تصويتهم بينما يقول حوالي الربع (%23.7) بأنهم لن يصوتوا وقرابة النصف (%43.8) بأنهم لا يعرفون هل سيصوتون أم لا ..
ونلاحظ مرة أخرى بأن هذه النسبة الإجمالية(لا يصوت ولا يعرف هل سيصوت ويرفض الإجابة ) التي تبلغ %70.3 لو تعلق الأمر بانتخابات بلدية تنزل إلى %57.1 لو كان بدلها انتخابات تشريعية والى %44.3 فقط لو كنا أمام انتخابات رئاسية ..
وهذا يؤكد مرة أخرى أن ما يسمى بانتخابات القرب (الانتخابات المحلية) هي الأبعد عن ذهن الناخب وهذا ليس خاصا بتونس بل نجده في جل البلدان الديمقراطية إذ وحدها الانتخابات الوطنية العامة تستنفر المجتمع بأسره..
امتداد العينة على كامل البلديات وعددها الكبير جدا (9678) يسمح لنا بالتدقيق في العناصر الاجتماعية والجيلية والجندرية والجهوية الكامنة وراء العزوف عن التصويت .
على المستوى الجهوي لا نلاحظ فروقا كبيرة بين مختلف جهات البلاد عندما يتعلق الأمر بالانتخابات البلدية فالعزوف هو الأعلى في الشمال الغربي ب %72.6 وهو الأدنى في الوسط الشرقي ب%69.1 أي أن الفارق الأقصى هو في حدود %3.5 ولكن لو تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية نرى أن الفوارق تتعمق أكثر إذ يصل العزوف عن التصويت في الشمال
الغربي إلى %62.2 ويتجاوز %60 في الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين )وكذلك في الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي ) بينما تنزل هذه النسبة إلى %54.3 في تونس الكبرى و%54.8 في صفاقس أي أن الفارق هنا يبلغ حوالي 8 نقاط كاملة (%7.9).
وما لاحظناه في ما يتعلق بالجهات يصح على جميع العوامل الأخرى إذ تتعمق الفوارق بقدر تدرجنا من انتخابات محلية (البلديات) إلى انتخابات وطنية (التشريعية ).
في تونس النساء دوما أكثر عزوفا من الرجال والفارق بينهما يصل إلى سبع نقاط في البلدية(%74.3 للنساء مقابل %67.2 للرجال) وثماني نقاط في التشريعية (%61.7 مقابل %53.6).
أما اجتماعيا فالتمايز واضح بين تصرف الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى العليا من جهة والطبقة الشعبية من جهة أخرى فالفارق بينهما في البلدية يبلغ 12.5 من النقاط (%62.9 مقابل %75.4) ويصل إلى حدود 20 نقطة في التشريعية (%45.8 مقابل %65) .
على مستوى الفئات العمرية نجد دوما أن الشباب (18-29 سنة) وصغار الكهول (30 - 44 سنة) هم أكثر عزوفا من الكهول (45 - 59 سنة) ومن الذين تجاوزوا الستين ولكن الفروق ليست ضخمة إذ هي دون 5 نقاط في البلدية وكذا الأمر في التشريعية..
يبقى المستوى التعليمي هو المميز الأساسي في السلوك الانتخابي للتونسيين والعلاقة هنا طردية بكل وضوح فالعزوف عن الانتخابات هو دائما في أقصاه عند الأميين وفي أدناه عند ذوي المستوى الجامعي والفارق بين هاتين الفئتين يصل الى 19 نقطة في البلدية (%84.7 مقابل %65.7) وهو في حدود 28 نقطة في التشريعية (%79.2 مقابل %51.4) ويناهز الثلاثين عندما يتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية (%68.3 مقابل %38.9) وهذه النتائج تتقاطع تماما مع طبيعة التمايزات في تونس فهي ولاشك اجتماعية ومجالية (جهوية) وجندرية وجيلية ومعرفية (المستوى التعليمي) ولكن المحركين الأساسيين لها هما التمايز الاجتماعي والمعرفي ..
وهكذا يمكن أن نقول اختزالا بأن صورة العازف عن التصويت هي امرأة شابة أمية من الشمال الغربي ومن الطبقة الشعبية بينما المقبل على صناديق الاقتراع هو رجل كهل من تونس الكبرى أو صفاقس من ذوي المستوى الجامعي ومن الطبقة المرفهة أو الوسطى العليا..
وهذان الشكلان الاختزاليان ضرورة يتضمنان كل عناصر التنمية اللامتكافئة في البلاد.
المعادلة السياسية لـ2014 باقية على حالها
من سبر أراء نوايا التصويت إلى آخرلا نلحظ تغيرا في الخارطة السياسية الموروثة عن انتخابات 2014 فالنداء دائما في الطليعة وبنسبة تقارب ما حصل عليه وكذا الأمر بالنسبة للنهضة أيضا.
ففي نوايا التصويت للانتخابات البلدية يتحصل النداء على %10.4 من مجموع العينة أي على%35.1 من مجموع نوايا التصويت وفي المرتبة الثانية تأتي حركة النهضة ب%28.5 ويظل هذا الثنائي بعيدا جدا عن بقية الأحزاب الأخرى إذ تأتي الجبهة الشعبية في المرتبة الثالثة متأخرة بأكثر من عشرين نقطة عن حركة النهضة (%6.9) فالتيار الديمقراطي ب%4.5 ثم آفاق تونس ب%3 وهذه الأحزاب الخمسة هي التي تتمكن من اجتياز عتبة %3 وطنيا وعندما نعلم أن القانون الانتخابي للبلديات والجهات يفرض تجاوز هذه العتبة في دائرة انتخابية مخصوصة لكل قائمة تدخل في خانة توزيع مقاعد المجلس البلدي ندرك أن أحزابا عديدة ستكون شبه غائبة عن المشهد البلدي القادم..
رغم الحجم الهام للعينة فانه لا يمكننا الجزم بوضعية كل حزب داخل كل دائرة بلدية على حدة ولكن بالإمكان إعطاء توجهات عامة على مستوى الجهات الثماني للبلاد ولمعرفة حظوظ كل حزب فيها..
يتفوق نداء تونس على حركة النهضة في خمس جهات بوضوح تام وهي جهات تونس الكبرى والشمال الشرقي والشمال الغربي والوسط الشرقي والوسط الغربي في حين تكون النتائج متقاربة بين الاثنين في صفاقس مع تقدم طفيف للنداء وتتفوق النهضة على النداء في ولايات الجنوب الغربي والشرقي..
وهذا ما يعني نظريا حصد النداء لعدد هام من البلديات في الجهات التي يتفوق فيها بوضوح وكذا الشأن لحركة النهضة في الجنوب وما يمكن قوله عن بقية الأحزاب هو أن الجبهة الشعبية تحقق نتائج هامة في الشمال الغربي بـ%11.3 والوسط الغربي بـ%10 بينما يحقق التيار الديمقراطي أفضل نتائجه في ولايات الجنوب الغربي بـ%8.3 وصفاقس بـ%6.9 أما حزب آفاق فنجد أن أفضل نتائجه هي في ولايات الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) بـ%6.5 كما أن حراك تونس الإرادة الذي يحقق نتائج هزيلة على المستوى الوطني بـ%1.7 بإمكانه حصد بعض المقاعد في ولايات الجنوب الشرقي والتي يحقق فيها %6.7 من نوايا التصويت..
يتفوق النداء على النهضة في نوايا التصويت للبلديات عند الرجال والنساء على حد سواء وفي جل الفئات الاجتماعية والعمرية والتعليمية كذلك ولا تتقدم النهضة على النداء إلا في نوايا تصويت الطبقة المرفهة وبصفة طفيفة عند ذوي مستوى التعليم الجامعي.
لا جديد يذكر في نوايا التصويت للتشريعية
تراجع نسبة العزوف في التشريعية مقارنة بالبلدية بثلاث نقطة لا يغير من شيء في التوازنات السياسية العامة بل نجد تعزيزا لنسب جل الأحزاب الخمسة الأولى باستثناء حركة النهضة التي تنزل نسبتها من %28.5 إلى %27.7 بينما يربح النداء %1.6 إضافي والجبهة تنتقل من %6.9 إلى %8 وهذا ما يفسر ،ربما،تشبثها بانتخابات تشريعية سابقة لأوانها لأنها تلائمها أكثر ،حسب الظاهر ،من الانتخابات البلدية وكذا الأمر بالنسبة للتيار الديمقراطي (من %4.5 إلى %5.6) وآفاق (من %3 إلى %3.6).. فالواضح أننا أمام نفس الخارطة تقريبا التي ورثناها منذ انتخابات 2014 مع تغيرات طفيفة وهي تراجع الوطني الحر من المرتبة الثالثة الى السادسة وصعود التيار الديمقراطي إلى المرتبة الرابعة.
واللافت للنظر أيضا أن الأحزاب الجديدة التي ظهرت خلال هذا النصف الأول من الفترة النيابية الحالية كحزب مشروع تونس أو البديل التونسي أو حراك تونس الإرادة..هذه الأحزاب لا تحقق النتائج التي كانت تصبو إليها ولسنا ندري هل ستتمكن من تلافي هذا الوضع مع تأخير الانتخابات البلدية من ديسمبر 2017 إلى مارس 2018 كما هو الأرجح أم لا ؟ وعلى كل حال فالآمال الكبيرة المعقودة على هذه الأحزاب لم تترجم بعد في نوايا تصويت مناسبة لحلم البدايات .
نوايا التصويت للرئاسية :
الباجي قائد السبسي والاخرون
يبين سبر الآراء في نوايا التصويت للرئاسية التقدم الواضح والجلي للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي الذي وإن فقد ثلث قاعدته الانتخابية في خريف 2014 إلا انه مازال متربعا على عرش نوايا التصويت بـ%21.5 متقدما كثيرا على منافسه الأول رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يتراجع مقارنة بسبر أراء أوت الماضي بخمس نقاط ونصف ليحصل فقط على %12.8 أي تقريبا ذلك الثلث الذي هجر الباجي قائد السبسي المنصف المرزوقي لا يتمكن من الاقتراب من نتائج الدور الأول لرئاسية 2014 ولكنه يبقى منافسا هاما بتحقيقه %10.4 وبتواجده في المرتبة الثالثة متقدما على الصافي سعيد (%8.1) فسليم الرياحي (%6.6)ثم حمة الهمامي (%6.5) وهؤلاء فقط هم الذين تجاوزوا عتبة %5..
نذكر بان السؤال يطرح بصفة تلقائية ولا تعطى للمستجوب اقتراحات معينة وهذا مهم جدا لانه يعكس الحالة النفسية الطبيعية للمستجوب إذ أحيانا ما يكون تقديم قائمة اسمية عنصرا من عناصر تغيير الإجابة..
نلاحظ أن 16 اسما قد تجاوزوا عتبة %1 من مجموع نوايا التصويت المصرح بها وفي هذه القائمة عدة شخصيات مهمة منّت وتمني نفسها بلعب الأدوار الأولى في البلاد ولكنها لا تنجح إلى حد الآن في إقناع جزء هام من الرأي العام بأحقيتها في تمثيله في أعلى مستويات المسؤولية..
من هذه الأسماء نجد محمد عبو والمهدي جمعة وراشد الغنوشي ومحسن مرزوق وكمال مرجان وناجي جلول..
صحيح انه مازال يفصلنا أكثر من سنتين عن الاستحقاق الرئاسي وان المفاجآت مازالت ممكنة ولكن الاشتغال على الرأي العام مسالة معقدة وسنتان ليست بالفترة الطويلة لحسن الاستعداد لهذا الموعد المحدد..
في الأثناء ما الذي يفسر التصدر الهام للباجي قائد السبسي وخاصة التراجع النسبي لمنافسه الأول في سبر الآراء هذا يوسف الشاهد ؟
يبدو أن التقلبات السياسية في هذه الصائفة قد أقنعت جزءا من التونسيين بأن رئيس الدولة هو الماسك الأول بخيوط اللعبة السياسية وان الأمور الكبرى سياسيا ورمزيا تدار في قرطاج لا في القصبة وان الثقة الكبيرة في صاحب القصبة خاصة بعد حملة الاعتقالات التي شملت بعض بارونات التهريب والفساد لا تكفي لوحدها لنحت صورة رجل الدولة القادر ، الآن ، على القيام بأعباء الحكم كاملة فيوسف الشاهد لم يقنع بعد الفئات الشعبية ولا الشباب ولا ذوي مستوى التعليم المحدود أو المعدوم بأنه قادر على تمثيل صورة الزعيم القائد على عكس داهية قرطاج الذي اخرج من جعبته في هذه الصائفة ..عدة سهام في اتجاهات مختلفة جعلت منه ، في الايجابي وفي السلبي كذلك مركز الحياة السياسية ومركز المبادرة فيها ..
هذه صورة التوازنات السياسية الكبرى اليوم في تونس..صورة فيها ثوابت كثيرة وبعض المتغيرات والأكيد أن الاقتراب من المواعيد الانتخابية الفعلية سيدخل عليها تعديلات هامة.. صورة الرابحون فيها قليل عددهم والطامحون إلى الأفضل هم الكثر..
يمكن أن نقول بأن سبر اراء نوايا التصويت الذي ننشره اليوم هو الأقرب للصورة الحالية للتوازنات السياسية في البلاد ولنوعية استعداد التونسيين للتصويت في انتخابات قادمة..ونقول هذا لاعتبارين أساسيين يتعلق أولهما بالتوقيت إذ امتد التحقيق من 21 أوت الماضي إلى 19 سبتمبر الحالي أي عندما كانت الانتخابات البلدية مبرمجة ليوم 17 ديسمبر المقبل وهذا يعني أن العينة عندما استجوبت كانت هناك انتخابات فعلية في الأفق القريب أما العامل الثاني فهو نوعية العينة إذ شملت رقما استثنائيا حوالي عشرة آلاف مستجوب (9678 بالتدقيق) وقد تم اختيارهم بالتساوي بين كل البلديات في البلاد (350 بلدية) بما يعطينا نسبة خطأ قصوى ضئيلة للغاية لا تتجاوز %1
النتائج الأبرز لنوايا التصويت فهي نسبة عزوف كبيرة خاصة في الانتخابات البلدية واستمرار معادلة 2014 أي النداء في الطليعة فحركة النهضة وبعيد عنهما الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وآفاق فبقية الأحزاب ...ونفس الشيء تقريبا لو تعلق الأمر بانتخابات تشريعية أما في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية فيبقى الباجي قائد السبسي في الصدارة متقدما بصفة هامة على يوسف الشاهد فالمنصف المرزوقي .
في سوسيولوجيا العزوف
الملاحظة الأساسية في نوايا التصويت هي بقاء نسبة العزوف في مستوى مرتفع للغاية خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتخابات البلدية إذ يصرح %29.7 فقط من المستجوبين بنوايا تصويتهم بينما يقول حوالي الربع (%23.7) بأنهم لن يصوتوا وقرابة النصف (%43.8) بأنهم لا يعرفون هل سيصوتون أم لا ..
ونلاحظ مرة أخرى بأن هذه النسبة الإجمالية(لا يصوت ولا يعرف هل سيصوت ويرفض الإجابة ) التي تبلغ %70.3 لو تعلق الأمر بانتخابات بلدية تنزل إلى %57.1 لو كان بدلها انتخابات تشريعية والى %44.3 فقط لو كنا أمام انتخابات رئاسية ..
وهذا يؤكد مرة أخرى أن ما يسمى بانتخابات القرب (الانتخابات المحلية) هي الأبعد عن ذهن الناخب وهذا ليس خاصا بتونس بل نجده في جل البلدان الديمقراطية إذ وحدها الانتخابات الوطنية العامة تستنفر المجتمع بأسره..
امتداد العينة على كامل البلديات وعددها الكبير جدا (9678) يسمح لنا بالتدقيق في العناصر الاجتماعية والجيلية والجندرية والجهوية الكامنة وراء العزوف عن التصويت .
على المستوى الجهوي لا نلاحظ فروقا كبيرة بين مختلف جهات البلاد عندما يتعلق الأمر بالانتخابات البلدية فالعزوف هو الأعلى في الشمال الغربي ب %72.6 وهو الأدنى في الوسط الشرقي ب%69.1 أي أن الفارق الأقصى هو في حدود %3.5 ولكن لو تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية نرى أن الفوارق تتعمق أكثر إذ يصل العزوف عن التصويت في الشمال الغربي إلى %62.2 ويتجاوز %60 في الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين )وكذلك في الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي ) بينما تنزل هذه النسبة إلى %54.3 في تونس الكبرى و%54.8 في صفاقس أي أن الفارق هنا يبلغ حوالي 8 نقاط كاملة (%7.9).
وما لاحظناه في ما يتعلق بالجهات يصح على جميع العوامل الأخرى إذ تتعمق الفوارق بقدر تدرجنا من انتخابات محلية (البلديات) إلى انتخابات وطنية (التشريعية ).
في تونس النساء دوما أكثر عزوفا من الرجال والفارق بينهما يصل إلى سبع نقاط في البلدية(%74.3 للنساء مقابل %67.2 للرجال) وثماني نقاط في التشريعية (%61.7 مقابل %53.6).
أما اجتماعيا فالتمايز واضح بين تصرف الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى العليا من جهة والطبقة الشعبية من جهة أخرى فالفارق بينهما في البلدية يبلغ 12.5 من النقاط (%62.9 مقابل %75.4) ويصل إلى حدود 20 نقطة في التشريعية (%45.8 مقابل %65) .
على مستوى الفئات العمرية نجد دوما أن الشباب (18-29 سنة) وصغار الكهول (30 - 44 سنة) هم أكثر عزوفا من الكهول (45 - 59 سنة) ومن الذين تجاوزوا الستين ولكن الفروق ليست ضخمة إذ هي دون 5 نقاط في البلدية وكذا الأمر في التشريعية..
يبقى المستوى التعليمي هو المميز الأساسي في السلوك الانتخابي للتونسيين والعلاقة هنا طردية بكل وضوح فالعزوف عن الانتخابات هو دائما في أقصاه عند الأميين وفي أدناه عند ذوي المستوى الجامعي والفارق بين هاتين الفئتين يصل الى 19 نقطة في البلدية (%84.7 مقابل %65.7) وهو في حدود 28 نقطة في التشريعية (%79.2 مقابل %51.4) ويناهز الثلاثين عندما يتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية (%68.3 مقابل %38.9) وهذه النتائج تتقاطع تماما مع طبيعة التمايزات في تونس فهي ولاشك اجتماعية ومجالية (جهوية) وجندرية وجيلية ومعرفية (المستوى التعليمي) ولكن المحركين الأساسيين لها هما التمايز الاجتماعي والمعرفي ..
وهكذا يمكن أن نقول اختزالا بأن صورة العازف عن التصويت هي امرأة شابة أمية من الشمال الغربي ومن الطبقة الشعبية بينما المقبل على صناديق الاقتراع هو رجل كهل من تونس الكبرى أو صفاقس من ذوي المستوى الجامعي ومن الطبقة المرفهة أو الوسطى العليا..
وهذان الشكلان الاختزاليان ضرورة يتضمنان كل عناصر التنمية اللامتكافئة في البلاد.
المعادلة السياسية لـ2014 باقية على حالها
من سبر أراء نوايا التصويت إلى آخرلا نلحظ تغيرا في الخارطة السياسية الموروثة عن انتخابات 2014 فالنداء دائما في الطليعة وبنسبة تقارب ما حصل عليه وكذا الأمر بالنسبة للنهضة أيضا.
ففي نوايا التصويت للانتخابات البلدية يتحصل النداء على %10.4 من مجموع العينة أي على%35.1 من مجموع نوايا التصويت وفي المرتبة الثانية تأتي حركة النهضة ب%28.5 ويظل هذا الثنائي بعيدا جدا عن بقية الأحزاب الأخرى إذ تأتي الجبهة الشعبية في المرتبة الثالثة متأخرة بأكثر من عشرين نقطة عن حركة النهضة (%6.9) فالتيار الديمقراطي ب%4.5 ثم آفاق تونس ب%3 وهذه الأحزاب الخمسة هي التي تتمكن من اجتياز عتبة %3 وطنيا وعندما نعلم أن القانون الانتخابي للبلديات والجهات يفرض تجاوز هذه العتبة في دائرة انتخابية مخصوصة لكل قائمة تدخل في خانة توزيع مقاعد المجلس البلدي ندرك أن أحزابا عديدة ستكون شبه غائبة عن المشهد البلدي القادم..
رغم الحجم الهام للعينة فانه لا يمكننا الجزم بوضعية كل حزب داخل كل دائرة بلدية على حدة ولكن بالإمكان إعطاء توجهات عامة على مستوى الجهات الثماني للبلاد ولمعرفة حظوظ كل حزب فيها..
يتفوق نداء تونس على حركة النهضة في خمس جهات بوضوح تام وهي جهات تونس الكبرى والشمال الشرقي والشمال الغربي والوسط الشرقي والوسط الغربي في حين تكون النتائج متقاربة بين الاثنين في صفاقس مع تقدم طفيف للنداء وتتفوق النهضة على النداء في ولايات الجنوب الغربي والشرقي..
وهذا ما يعني نظريا حصد النداء لعدد هام من البلديات في الجهات التي يتفوق فيها بوضوح وكذا الشأن لحركة النهضة في الجنوب وما يمكن قوله عن بقية الأحزاب هو أن الجبهة الشعبية تحقق نتائج هامة في الشمال الغربي بـ%11.3 والوسط الغربي بـ%10 بينما يحقق التيار الديمقراطي أفضل نتائجه في ولايات الجنوب الغربي بـ%8.3 وصفاقس بـ%6.9 أما حزب آفاق فنجد أن أفضل نتائجه هي في ولايات الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) بـ%6.5 كما أن حراك تونس الإرادة الذي يحقق نتائج هزيلة على المستوى الوطني بـ%1.7 بإمكانه حصد بعض المقاعد في ولايات الجنوب الشرقي والتي يحقق فيها %6.7 من نوايا التصويت..
يتفوق النداء على النهضة في نوايا التصويت للبلديات عند الرجال والنساء على حد سواء وفي جل الفئات الاجتماعية والعمرية والتعليمية كذلك ولا تتقدم النهضة على النداء إلا في نوايا تصويت الطبقة المرفهة وبصفة طفيفة عند ذوي مستوى التعليم الجامعي.
لا جديد يذكر في نوايا التصويت للتشريعية
تراجع نسبة العزوف في التشريعية مقارنة بالبلدية بثلاث نقطة لا يغير من شيء في التوازنات السياسية العامة بل نجد تعزيزا لنسب جل الأحزاب الخمسة الأولى باستثناء حركة النهضة التي تنزل نسبتها من %28.5 إلى %27.7 بينما يربح النداء %1.6 إضافي والجبهة تنتقل من %6.9 إلى %8 وهذا ما يفسر ،ربما،تشبثها بانتخابات تشريعية سابقة لأوانها لأنها تلائمها أكثر ،حسب الظاهر ،من الانتخابات البلدية وكذا الأمر بالنسبة للتيار الديمقراطي (من %4.5 إلى %5.6) وآفاق (من %3 إلى %3.6).. فالواضح أننا أمام نفس الخارطة تقريبا التي ورثناها منذ انتخابات 2014 مع تغيرات طفيفة وهي تراجع الوطني الحر من المرتبة الثالثة الى السادسة وصعود التيار الديمقراطي إلى المرتبة الرابعة.
واللافت للنظر أيضا أن الأحزاب الجديدة التي ظهرت خلال هذا النصف الأول من الفترة النيابية الحالية كحزب مشروع تونس أو البديل التونسي أو حراك تونس الإرادة..هذه الأحزاب لا تحقق النتائج التي كانت تصبو إليها ولسنا ندري هل ستتمكن من تلافي هذا الوضع مع تأخير الانتخابات البلدية من ديسمبر 2017 إلى مارس 2018 كما هو الأرجح أم لا ؟
وعلى كل حال فالآمال الكبيرة المعقودة على هذه الأحزاب لم تترجم بعد في نوايا تصويت مناسبة لحلم البدايات .
نوايا التصويت للرئاسية :
الباجي قائد السبسي والاخرون
يبين سبر الآراء في نوايا التصويت للرئاسية التقدم الواضح والجلي للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي الذي وإن فقد ثلث قاعدته الانتخابية في خريف 2014 إلا انه مازال متربعا على عرش نوايا التصويت بـ%21.5 متقدما كثيرا على منافسه الأول رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يتراجع مقارنة بسبر أراء أوت الماضي بخمس نقاط ونصف ليحصل فقط على %12.8 أي تقريبا ذلك الثلث الذي هجر الباجي قائد السبسي المنصف المرزوقي لا يتمكن من الاقتراب من نتائج الدور الأول لرئاسية 2014 ولكنه يبقى منافسا هاما بتحقيقه %10.4 وبتواجده في المرتبة الثالثة متقدما على الصافي سعيد (%8.1) فسليم الرياحي (%6.6)ثم حمة الهمامي (%6.5) وهؤلاء فقط هم الذين تجاوزوا عتبة %5..
نذكر بان السؤال يطرح بصفة تلقائية ولا تعطى للمستجوب اقتراحات معينة وهذا مهم جدا لانه يعكس الحالة النفسية الطبيعية للمستجوب إذ أحيانا ما يكون تقديم قائمة اسمية عنصرا من عناصر تغيير الإجابة..
نلاحظ أن 16 اسما قد تجاوزوا عتبة %1 من مجموع نوايا التصويت المصرح بها وفي هذه القائمة عدة شخصيات مهمة منّت وتمني نفسها بلعب الأدوار الأولى في البلاد ولكنها لا تنجح إلى حد الآن في إقناع جزء هام من الرأي العام بأحقيتها في تمثيله في أعلى مستويات المسؤولية..
من هذه الأسماء نجد محمد عبو والمهدي جمعة وراشد الغنوشي ومحسن مرزوق وكمال مرجان وناجي جلول..
صحيح انه مازال يفصلنا أكثر من سنتين عن الاستحقاق الرئاسي وان المفاجآت مازالت ممكنة ولكن الاشتغال على الرأي العام مسالة معقدة وسنتان ليست بالفترة الطويلة لحسن الاستعداد لهذا الموعد المحدد..
في الأثناء ما الذي يفسر التصدر الهام للباجي قائد السبسي وخاصة التراجع النسبي لمنافسه الأول في سبر الآراء هذا يوسف الشاهد ؟
يبدو أن التقلبات السياسية في هذه الصائفة قد أقنعت جزءا من التونسيين بأن رئيس الدولة هو الماسك الأول بخيوط اللعبة السياسية وان الأمور الكبرى سياسيا ورمزيا تدار في قرطاج لا في القصبة وان الثقة الكبيرة في صاحب القصبة خاصة بعد حملة الاعتقالات التي شملت بعض بارونات التهريب والفساد لا تكفي لوحدها لنحت صورة رجل الدولة القادر ، الآن ، على القيام بأعباء الحكم كاملة فيوسف الشاهد لم يقنع بعد الفئات الشعبية ولا الشباب ولا ذوي مستوى التعليم المحدود أو المعدوم بأنه قادر على تمثيل صورة الزعيم القائد على عكس داهية قرطاج الذي اخرج من جعبته في هذه الصائفة ..عدة سهام في اتجاهات مختلفة جعلت منه ، في الايجابي وفي السلبي كذلك مركز الحياة السياسية ومركز المبادرة فيها ..
هذه صورة التوازنات السياسية الكبرى اليوم في تونس..صورة فيها ثوابت كثيرة وبعض المتغيرات والأكيد أن الاقتراب من المواعيد الانتخابية الفعلية سيدخل عليها تعديلات هامة.. صورة الرابحون فيها قليل عددهم والطامحون إلى الأفضل هم الكثر..
الجذاذة التقنية للدراسة
العينة : عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 9678 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر موزعة بالتساوي بين جميع البلديات (350).
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية والجنس.
طريقة جمع البيانات : بالهاتــــــف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
نسبة الخطأ القصوى %1
تاريخ الدراسة : 21 أوت 2017 إلى 19 سبتمبر 2017