مقترحات على طريق الإصلاح الاقتصادي ضريبة للدعم وضريبة على الثروة

بقلم: المنصف السلامي
بعد التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة وقبل أن يمنح مجلس نواب الشعب ثقته للمعينين الجدد أود أن أقدم بعض المقترحات في طريق الاصلاحات الاقتصادية الضرورية والتي بدونها لن تربح تونس الرهان الحيوي لانعاش اقتصادها بالتحكم في انفاقها العمومي وخلق الثروة الضرورية لتوفير الشغل لابنائنا..

في هذه الورقة أريد تقديم بعض المقترحات لبداية ايجاد الحلول في التحكم في التدهور المستمر في المالية العمومية.

• صندوق التعويض وضريبة للدعم
اليوم يهم صندوق التعويض سائر المواطنين وذلك أيا كان مستوى دخلهم في حين أن الفلسفة الأصلية لهذا الصندوق كانت التدخل لاعانة العائلات ذات الدخل الضعيف باعتبار عدم قدرتها على تحمل حقيقة الأسعار.. ولكن لم نتمكن إلى اليوم من توجيه الدعم لمستحقيه الفعليين..
لا أعتقد أن هنالك حلاّ سحريا لهذا الاشكال ولكن بالامكان أن نشرع في اصلاحات الهدف منها الحدّ من تدخلات هذا الصندوق مع مراعاة العدالة الاجتماعية حتى نقلص بصفة عادلة وناجعة من حجم الانفاق العمومي..
ينبغي أن يشمل الاصلاح مستويين اثنين:

- ابقاء تصدير المواد المدعمة تحت سلطة الدولة وذلك بالاقدام على حملة تحسيسية واسعة النطاق.

- في المقابل، وبعد دراسة مدققة للاحصائيات، يصبح من اليسير ضبط استهلاك المواد المدعمة من كل فئة اجتماعية على حدة...
وأقترح في هذا السياق أن ندرج في ميزانية 2018 ضريبة للدعم تٌعفى منها العائلات ذات الدخل الضعيف وصغار الموظفين في مجموعهم والمؤسسات كذلك ولا تفرض إلا على الأشخاص الطبيعيين الذين يتجاوز دخلهم السنوي الخام مبلغا معينا (مابين 20.000 إلى 25.000 دينار مثلا) وتفرض هذه الضريبة على الأجانب المقيمين في تونس (نتحدث فقط عن

الأشخاص الطبيعيين) وتشمل هذه الضريبة المحروقات والأدوية..
ونقترح أن تكون هذه الضريبة ثابتة أيا كان دخل الشخص الطبيعي المعني بها وأن تٌعدّل سنويا وفق نسبة التضخم.
كما نقترح فرض ضريبة على الاقامة بالنزل كما يحصل ذلك في كل بلدان العالم.

انّ حصرنا لهذه الضريبة على الأشخاص الطبعيين فقط نابع من حرصنا على أن تساهم هذه الضريبة، لو فرضت على المؤسسات، في ارتفاع كلفة منتوجاتها أو خدماتها..
ومن نافل القول التأكيد على أن هذا المقترح يستوجب دراسة معمقة قبل الشروع فيه وبإمكانه أن يعوض الزيادة المبرمجة فيما يبدو في الأداء على القيمة المضافة.. فهذه الزيادة - لو تم اقرارها - ستساهم في تردي القدرة الشرائية للطبقات الضعيفة..
ويهمني أن أشير إلى مسألة غير مقبولة بالمرة وهي تمتع العديد من المواطنين بالمواد المدعمة دون ان يساهموا في أداء واجبهم الجبائي وهذا سلوك ينبغي أن نضع له حدّا نهائيا.
لست أدري ما هي قيمة المبلغ الذي سينجر من خلال فرض هذه الضريبة الجديدة ولكنها ستكون خطوة في مسار ارساء عدالة اجتماعية أفضل.

• ضريبة على الثروة
الهدف من وراء كل سياسة رشيدة في مجال المالية العمومية هو بلوغ التوازن الأدنى بين مداخيل الدولة الجبائية وغير الجبائية وانفاقها.. ولبلوغ هذا التوازن هنالك جملة من الشروط:

1 - تحسين التقنيات المستعملة من قبل وزارة المالية حتى يقوم فعليا كل المطالبين بالجباية بأداء واجبهم الوطني.

2 - خلق ضريبة على الثروة كمصدر إضافي لتمويل ميزانية الدولة.

لا ينبغي أن يغفل عنّا استعمال العديد من رؤوس الأموال طيلة سنين طويلة قطاع البعث العقاري لتجميد ثروات طائلة وإخراجها من الدورة الاقتصادية الفعلية.. إلا أن هذا القطاع أصبح عديم الجدوى اذ يكفي أن تقيّم الدولة حجم المساكن الشاغرة في المدن الكبرى لكي تتأكد من ضعف جدوى هذا القطاع.
وبالتوازي مع كل هذا هنالك مجالات عديدة يمكن أن تدّر على ميزانية الدولة موارد اضافية ولكن ذلك يفترض ويستوجب المضي قدما وبصفة فعلية في الاصلاحات المعلنة.. ولكننا لن نحقق القفزة النوعية المرجوة والممكنة كذلك إلا عندما نعيد للدولة هيبتها وسلطتها.
يمكن أن نضيف نقاطا عديدة من شأنها أن تحسّن موارد الدولة:

- التسريع في مسار التفويت في الأملاك المصادرة

- هنالك عدة مواد استهلاكية تم حجزها منذ عدة أشهر على مستوى مصالح الديوانة ونذكر على سبيل المثال الكميات الضخمة من الفواكه الجافة الموجودة اليوم في مخازن الديوانة والتي قد تصبح غير صالحة للاستهلاك بطول المدة والحال أن أسعار هذه المواد قد ارتفعت بصفة ملحوظة في السوق.. واقتراحي هو تمكين ديوان التجارة من توزيع هذه المواد

المحجوزة حتى نحدّ من استرادها ونوفر مداخيل جديدة للدولة.. وما يصح على الفواكه الجافة يصح أيضا على مواد استهلاكية كثيرة أخرى كالسيارات التي كانت على ذمة الرئيس السابق والتي مازالت في المخازن وقد فقدت الكثير من قيمتها الأصلية..
بإمكان الحكومة توفير العديد من الموارد الاضافية والضغط على الكثير من المصاريف غير الضرورية ولتحقيق كل هذا لا بد من توفير المنظومات التكنولوجية المتطورة لمختلف الوزارات..

وينبغي أن ندرك بأن هنالك تحولات سلبية في سلوك العديد من التونسيين، فقيمة العمل في تراجع مستمر ونحن نشاهد سطوة السلوكيات الأنانية والمعولة بصفة مبالغ فيها على الدولة دون بذل الجهد الفردي الضروري.. وهذه السلوكيات تتطلب اصلاحا ثقافيا جذريا يمس العقليات ويعيد العمل والتميز في سلّم القيم الاجتماعية..
وهذا كذلك لا يتحقق إلا اذا ما استعادت الدولة سلطتها وطبقت القانون بصفة صارمة وعادلة.. فالفوضى لا يمكنها إلا أن تزيد الوضعية الاقتصادية للبلاد سوءا..

حذار من الفوضى فإنها مهددة لكيان الأمم..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115