الاضحى، وهو ما يعني انه قد خسر نقاطا في مواجهته مع الأحزاب التي ستستغل التراجع للضغط أكثر.
ثلاثة أيام فقط فصلت بين اللقاءين اللذين جمعا الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية ويوسف الشاهد رئيس الحكومة، فالشاهد الذي تحول الى قصر قرطاج يوم الاثنين الفارط وناقش مع رئيس الجمهورية ملامح تحويره الوزاري، عاد أمس الجمعة ليلتقي بالرئيس ويعلمه بتأجيل القيام بالتحوير الوزاري. دون ان تقع الاشارة إلى ذلك من قريب او بعيد في بيان رئاسة الجمهورية.
تجنب الإعلام يبدو أن هدفه رفع الضغط عن الشاهد والتقليل من خسائره، اذ ان الشاهد اطل يوم الثلاثاء الفارط وأعلن أمام جمع من وسائل الإعلام ان التحوير الوزاري بات ضرورة ملحة وان القيام به «سيكون في موعد قريب». والإعلان صراحة ان التحوير وقع تأجيله بعد موقف حركة النهضة سيكون بمثابة إقرار هذا الأخيربرضوخه «لنصيحة» الحركة وإن كان بشكل مختلف.
محاولة عدم الرضوخ للضغط جعلت الشاهد يختار أن يسلك طريقا يعفيه من الصدام مع الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة والموقعة على اتفاق قرطاج، فاتجه الى رئاسة الجمهورية وكان في ظنه أن الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس قد يعفيه من إطالة أمد التشاور مع وفود، بل إنه اتجه الى الأحزاب وفي نيته ان تكون لقاءات خاطفة مهمتها «الإعلام» والاستماع لفضفضة قادتها.
هذا الخيار يكشف تفاصيل عدة ليس اقلها تأكيد الشاهد في تصريح صحفي لوسائل الإعلام يقول فيه أن «التحوير سيكون في القريب»، والقريب يعني ألا يتجاوز الانتظار الأسبوع الحالي او بداية الأسبوع القادم على أقصى تقدير، لكنه اليوم وبعد لقائه مع الرئيس سيؤجل الى سبتمبر القادم والأغلب انه سيكون في الأسبوع الثاني.
هذا التأجيل دفع إليه الشاهد بعد تعثر «جلسات الإعلام» مع الأحزاب ومع المنظمات الاجتماعية، التي أعلنت أنها معنية بالتحوير والتشاور معها حول المقترحات وإعلامها بأي تحوير لذلك وضع آفاق تونس والنهضة بالأساس الشاهد في موقف غير مريح، فالأول قدم له شروطه والتي تتمثل أساسا في ان يكون تحويرا واسعا وان يشمل التحوير المهدي بن غربية. أما النهضة فقد أعربيت عن موقفها أول أمس بقولها انها مع تحوير جزئي يسد الشغور.
ما يحرك الأحزاب، ومنها نداء تونس -الذي تبنى على مستوى الخطاب الرسمي موقفا يحدث لأول مرة، وهو الاصطفاف خلف الشاهد دون اي اعتراض او رفض- في تعاطيها مع الشاهد هو إستراتيجية «الاحتواء» فهي وخلال الأسبوع المنقضي أفقدت الشاهد تدريجيا الزخم الذي انطلق به، وجعلته يكبح فرامله، فهو وبعد ان كان مستعجلا بات متأنيا ويريد أن يقوم بالتحوير بعد العيد، مع التلميح الى انتظار الدورة الاستثنائية لمجلس نواب الشعب.
تلميح ستلتقطه الأحزاب على انه إعلان عن جولة جديدة من المفاوضات المباشرة معها، اي تخلى الشاهد عن خيار الاحتماء برئاسة الجمهورية بشكل كلي، وإعادة المفاوضات من الصفر، مما يعني بالنسبة للأحزاب «فرصة» لفرض خياراتها سواء في من سيغادر ومن سيبقى، ولكن أساسا إعلان رضوخ الشاهد وبداية تطويعه.
النهضة التي فشلت سابقا في فرض «إعلان عدم الترشح» ستجد في فرض «نصائحها» بشان التحوير الوزاري ما يضمن لها احتواء الشاهد كليا والتحكم بمصيره لاحقا، فهي وان حقق لها الشاهد مرادها وأجل التحوير الوزاري الواسع الى 2018 فان التأجيل سيكون بمثابة طوق نجاة لحركة نداء تونس التي وضعها الشاهد في بداية الاسبوع امام الامر الحتمي حينما اتجه أولا لرئاسة الجمهورية لحسم امر التحوير. اليوم سيجد النداء داعيا لإعادة خلط الاوراق، فالشاهد تخلى عن حجته الاولى وهي الوقت، مما يعنى انها ستستغل ذلك لفرض مرشحين جدد وضمان عدم مغادرة اي من وزرائها.
في المقابل سيجد آفاق تونس الوقت في صالحه، فكلما تأخر الشاهد عن القيام بتحويره سيكون تحت ضغط النهضة والنداء، مما يعني انه سيبحث عن سند في آفاق تونس الذي سيفرض عليه شرطه الأول «إعفاء المهدي بن غربية».
لذلك فإنه على الشاهد تجنب هذه الوضعية وان يسرع في الأخذ بزمام المبادرة الأسبوع القادم، بإعلانه عن الخطوط العريضة لتحويره الوزاري وفرض خياراته على الاحزاب، سواء تعلق الامر بالأسماء او بنوعية التحوير، فهذه الرصاصة اما ان تكبح جموح الأحزاب او تصيب حكومته بمقتل، أو تجعل مسألة بقائه مقتصرة على اسابيع قليلة.