ليصدر موقف رسمي يدعو للحوار لتجاوز الأزمة فيما تنشغل الأحزاب بتداعيات هذه الأزمة على المشهد العام أين تجمع على ان تطورات الأزمة ستطال الساحة التونسية فيما تختلف في اختيار الموقف والاصطفاف.
لم ينتظر الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي انعقاد هياكل حزبه ليعلن عن موقفه ويلزم الحزب به، من قرار أربع دول عربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، في تطور جديد للازمة الخليجية، التي اندلعت اثر القمة العربية- الإسلامية- الأمريكية في ماي الفارط.
المرزوقي يطالب الحكومة بدعم قطر
المرزوقي اعلن انه يدعم قطر ضدّ «ابتزاز» أنظمة مصر والسعودية والبحرين والإمارات، وهي دول اتهمها المرزوقي بمحاولة «تركيع» قطر في اطار « معركة أخرى، لن تكون الأخيرة، في مسلسل الصراع من أجل التحرر من الاستبداد والفساد والتبعية على صعيد المنطقة وفي كامل الوطن العربي»، وفق تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على الفايسبوك.
تدوينة قال فيها المرزوقي ان حكومة الامارات تقود «مخطط ضد كل نفس تحرري وضد كل من يدعمه، مشيرا الى ان الامارات «موّلت الانقلاب على أول رئيس شرعي في مصر» و«أغرقت تونس بالمال الفاسد لتمويل الثورة المضادة» ومولت الحرب في ليبيا و«تحرشت بتركيا» لينتهى في تعداد امثلة عن المخطط الذي اشار اليه بتصنيف الحملة الاخيرة على قطر ضمنه اذ يعتبر المرزوقي ان الحرب على قطر هي « لمعاقبتها على مساندتها للربيع العربي وقبله على فتحها لقناة الجزيرة التي ساهمت في تحرير العقول العربية، وفقه، ليشير الى انه يدعم قطر التي قال انها «لم تدّع يوما انها دولة ديمقراطية لظروفها الخاصة» لكنها رغم ذلك دعمت كل حركات التحرر الوطني ومنها الثورة التونسية.، وضرب امثلة لذلك بوقوف قطر مع تونس في أصعب الظروف الاقتصادية التي مرت بها.
هنا انتقل المرزوقي من إعلان دعمه لقطر الى مطالبة الحكومة التونسية بدعمها، باعتبار ان «إن قطر دولة صديقة لتونس»، ودعا الحكومة الى أن تحتجّ على محاولة عزل وخنق قطر وحتى محاولة وضعها تحت الوصاية وأن تطالب بوقف إجراءات ظالمة وعدوانية تمس شعبا مسالما ولن تزيد إلا في تعميق الجراح العربية.
النهضة لا يجب التسرع
مسارعة الرئيس السابق المنصف المرزوقي لإعلان موقفه يقابله تمهل من حركة النهضة، التي أعلنت مصادر منها انها لن تعلن عن موقفها إلا اثر الإعلان عن موقف تونس الرسمي، وهو ما المح اليه أيضا عبد الحميد الجلاصي، عضو مجلس الشورى، بقوله «ان مؤسساتنا مجتمعة الان لمتابعة الأوضاع التي تدعو للانشغال و لاتخاذ الموقف المناسب».
الجلاصي وفي تصريح لـ«المغرب» اعتبر ان ما يحدث في المنطقة من حملات إعلامية و من قطع علاقات أمر خطير على حاضر العرب و مستقبلهم . متاسفا على تزامن هذه المستجدات مع ذكرى نكبة 1967.
تأسف الجلاصي لم يحل دون اعتباره ان التطورات الاخيرة في الازمة الخليجية هو اختلاف استراتيجيات بين الفاعلين، ليعلن انه يخشى ان يكون كذلك سقوطا في فخ استراتيجيات دولية و إقليمية لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة على حساب وربما بتواطؤ، بعض العرب، وفق قوله .
رغم تقاطع الجلاصي مع اشارة منصف المرزوقي الى دعم قطر لتونس، عبر قوله ان «لقطر فضل كبير في دعم المقاومة التونسية للاستبداد ،و قناة الجزيرة كانت الرائدة في رفع الغشاوة عن الرأي العام العربي و في تمهيد الطريق للثورات اللاحقة» اضافة الى ان «دولة قطر لم تتردد في دعم التجربة التونسية بمختلف إشكال الدعم، و لا تزال» الا انه لا يذهب ابعد من ذلك ويعلن دعمه او مطالبة الحكومة بدعم قطر.
بل اختار أن يدعو «الجميع للتعقل والحكمة و عدم فتح الباب لمزيد التدهور في الحالة العربية، وقال ان حركته مبدئيا تعول على الموقف المتوازن لبعض الدول العربية،و منها أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، من اجل العمل على رأب الصدع ، مع امل ان تقوم دول أخرى إسلامية وشخصيات اعتبارية بهذا الدور .
معتبرا ان الموقف الرسمي التونسي حذر لحد الآن ،وهو الموقف الأسلم من وجهة نظره في مثل هذه الاوضاع ،و لعله يدخر لتونس موقع وساطة قد يأتي اليوم او غدا. ليأمل لاحقا ان لا تتسع رقعة الازمة و ان تتمكن القوى الخيرة من احتوائها .و لكن ان توسعت سيكون لها تأثير سلبي على كل المنطقة، في رده على انعكاسات هذه الازمة على المشهد التونسي.
الأزمة ستنعكس على المشهد التونسي
الجلاصي اعتبر انه من انعكاسات الازمة الخليجية داخليا، هو «الاصطفافات المتسرعة و المتشنجة لبعض الشخصيات و الاحزاب» مضيفا ان «بعض خبراء بن علي طالبوا بالتخلي عن منظومة انتخابات 2014» اثر الازمة، وهنا شدد الجلاصي ان على الجميع قبل اعلان أي موقف او اصطفاف ان يتذكروا بوصلة الثورة التونسية :الديمقراطية والعدالة والتنمية و التجديد الفكري. التي اعتبر أي تخندق خارج عناوينها لا يخدم تونس و التونسيين.
من جانب أخر اعلن رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال ان حزبه يتبنى الموقف التونسي وهو الدعوة للتهدئة والحوار بين الدول الخليجية، مشيرا في تصريح لـ«المغرب» الى ان هذه الأزمة سيكون لها انعكاسات على تونس وعلى كل الدول العربية.
موقف يتقاسمه في اجزاء منه مع عبد الرؤوف الشريف، رئيس الكتلة الحرة لمشروع تونس، الذي قال في تصريح لـ«المغرب» ان موقفهم يقوم على ثلاث نقاط، سبق واعلن عنها في بيان صحفي، وهي الانشغال بوضع الجالية التونسية في دول الخليج وخاصة الدوحة بحكم الضغط الذي تعيشه.
النقطة الثانية تعلقت بموقف كتلته وحزبه من تطور موقف دول المنطقة من الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية، التي أعلن انه يدعم أي توجه لوضع حدا لإرهابها وقال أن الكتلة تساند كل من يحارب الإرهاب، لكنها ليست مع قطع العلاقات وتفضل أن تحل الأزمة في إطار الدبلوماسية. كما يلتقي الشريف مع طوبال في الإقرار بان الأزمة الخليجية سيكون لها انعكاس على المشهد السياسي التونسي، لكنه يأمل ان لا يكون الانعكاس سلبيا.
تجنب الاصطفاف خلف أي محور، هو ما تشدّد عليه الجبهة الشعبية، وفق تصريح زياد الاخضر، لـ«المغرب» الذي اعتبر فيه ان الازمة الخليجية هي اعلان عن نهاية تحالف «تآمر على سوريا» واليمن، بعد ان صمد النظام السوري دون ان يغفل عن ربط الازمة بتغيير إستراتيجية الإدارة الأمريكية بقدوم دونالد ترامب.
أزمة قال الأخضر أنها ستنعكس على تونس، نظرا لوجود اطراف سياسية تصطف خلف احد طرفي الأزمة، مشددا على انه لا يجب على تونس ان تنخرط في أي محور بل عليها الحفاظ على مصالحها.
تأثير الأزمة قال انه سيشمل الائتلاف الحاكم، حتى وانه اقر بان احد أطراف الحكم، في تلميح للنهضة، قد فهمت مسبقا تطور الموقف الدولي والإقليمي من الإسلام السياسي واختارت ان تتجنب تداعيات ذلك بإعادة قراءتها للمشهد والقبول بإكراهات السياسة الى حين تحسن الظرف.
إقرار الأحزاب السياسية ان الأزمة بين دول الخليج ستنعكس على تونس، هو النقطة الجامعة بين قراءتها وتصورها للقادم، هو اقرار بحقيقة التاثير الخليجي على السياسة الداخلية التونسية عبر شبكة من العلاقات مع احزاب او فاعلين اختار كل طرف منهم الاصطفاف خلف احد طرفي الازمة، التي يبدو انها لن تنتهي الا بانتصار احد اطرافها.