شهادة عماد الطرابلسي : هل تسقط حجة براءة الموظفين وقانون المصالحة ؟

اطل الطفل المدلل في نظام بن علي عماد الطرابلسي، في شهادته مساء الجمعة ليدين نظاما بأكمله ويؤكد ان البلاد شهدت ثورة، لا تزال تبحث عن تحقيق أهدافها، ومنها محاسبة من تورط في الفساد، الذي كشف عماد جزءا من شبكته

ومن الفاعلين فيه من رجال أعمال وكبار الموظفين.

قدم عماد الطرابلسي صهر بن علي ورجل الأعمال، في شهادة مسجلة من سجن المرناقية، اعتذاره لكل من اقترف ذنبا في حقه ، مقرا بأنه ارتكب «العديد من الأخطاء، إما عن جهل أو غرور او بعد تعرض للإغراء من قبل محيطين به أو بسبب إغراءات السلطة».

كشف عماد الطرابلسي عن جزء من التجاوزات التي اقترفها مستغلا قرابته ببن علي باعتباره ابن محمد الناصر الطرابلسي شقيق ليلى بن علي زوجة الرئيس الأسبق، مبينا أنه دخل مجال الأعمال في مجال البعث العقاري كخطوة أولى بدعم من بن علي وزوجته والمسؤولين الذين كانوا يمتثلون لأوامره.

تفاصيل التجاوزات والانتهاكات التي كان لعماد الطربلسي دور فيها، وقع سردها لكن لم تكن هي الاهم في السياق السياسي الحالي، فما قاله الطربلسي عن مسيرته في مجال الاعمال وعن علاقته ببن علي وعلاقة وزراء هذا الأخير بأفراد متنفذين في العائلة، هي تفاصيل ثانوية ان تعلق الامر بما كشف من تورط افراد من الإدارة.

شهادة الطرابلسي التي تأتي بعد اكثر من 7 سنوات على الثورة وعلى زجه في السجن كشفت ان إطارات عليا في الإدارة التونسية كانت تعرض خدماتها على أفراد عائلة بن علي وعائلة الطرابلسي لتتقرب منهم ولتحصين مواقعها او تعزيز حظوظها في بلوغ مناصب ارفع.

الشهادة التي تبث في ظل جدل سياسي بشأن مشروع قانون المصالحة الذي بادرت به رئاسة الجمهورية، تسقط نهائيا حجة قام عليها مشروع القانون، وهي إكراه كبار الاداريين على القيام بتجاوزات لفائدة المتنفذين في الدولة و عائلة بن علي.

اذ ان الطرابلسي كشف ان كبار الموظفين هم من كان يتابع تطور العلاقات في اسرة بن علي وتحديد من هو الفرد المقرب في تلك الفترة للتقرب اليه وعرض خدماتهم، عليه بل وتقديم نصائح لكيفية تحقيق ربح او منفعة.

شهادة كشفت عن تغلغل الفساد في الجمارك/الديوانة وعن كيفية ممارسة تجاوزات دون مخالفة اي نص قانوني، وهو ما يجعل من حجة ان كبار الموظفين أبرياء ولا ذنب لهم في اي انتهاكات ارتكبت تسقط إلا إن ثبت أن الشهادة كانت بغرض التشفي وهذا مستبعد.

شهادة ادانت النظام السابق ومن يسعى اليوم الى تبرئة ساحته او التملص من اخطائه، فهي كشفت عن شبكة مترابطة من العلاقات بين الاداريين ورجال الأعمال وكبار موظفي الدولة تسمح بانتهاك القانون وتنفيذ تجاوزات عبر استغلال ثغرات قانونية او الرشوة.

تجاوزات أغرقت البلاد في التجارة الموازية والتهريب، وهما نشاطان كان عدد من رجال الأعمال يعرضون شراكتهم على عائلة بن علي بهدف ضمان الحصانة من التتبع او التغريم، (انظر لمقال نورة الهدار ص 7).

ما قاله عماد يوم الجمعة الفارط، والبلاد تعيش على وقع مناقشة قانون المصالحة الاقتصادية، يحرج المدافعين عن القانون بحجة انه جاء لتحرير الادارة التي لم يذنب افرادها بقدر ما كانوا ينفذون التعليمات، وتفقدهم احد اهم اوراق مناورتهم لتمرير القانون، كما انها شهادة تخدم الجهات الرافضة للقانون وتعتبر انه غير ذي جدوى.

شهادة الطرابلسي قد لا تكون كافية لاسقاط مشروع قانون المصالحة، لكنها تحرج من يدافع عن القانون بشكله الحالي وبفلسفته التي تغلق قوس الثورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115