35 صفحة هي حجم التقرير عدد 177 لمجموعة الأزمات الدولية الأخير بشأن تونس الذي نشر في 10 من الشهر الحالي، وحمل تحذيرات عديدة للدولة التونسية، انطلاقا من عنوانه «الانتقال المعطل: الفساد والجهوية في تونس» ومن التوصيات الختامية للتقرير.
التقرير انطلق بالإشارة إلى ان سياسة التوافق بين النهضة ونداء تونس التي باتت محل تنفيذ منذ انتخابات 2014 بلغت حدودها القصوى وأنه رغم تشكيل حكومة وحدة وطنية إلا أن ذلك لم يمنع التوّتر الاجتماعي ولا التهميش الجهوي، وأن هناك إضعافا اليوم لسلطة الدولة خاصّة مع استمرار انتشار الفساد والمحسوبية.
اهتراء التوافق الذي قال التقرير انه بات في مرحلة أطلقت عليها مجموعة الازمات اسم «بداية النهاية» وذلك استنادا إلى عدة مؤشرات من أبرزها تضارب مصالح رجال الأعمال الداعمين للحركتين في ما بينهم، بل وتضارب مصالح رجال الأعمال الداعمين لإحدى الحركتين فيما بينهم.
المناخ السياسي والاجتماعي وتأثير رجال الأعمال على الوضع العام، تطرق اليه التقرير بإطناب، خاصة دور رجال الأعمال وتحرّكهم في الكواليس لحماية مصالحهم، ليشير التقرير الى ان رجال الأعمال يبذلون محاولات لعرقلة أي عملية جدّية للإصلاح.
عالم الظلّ
التقرير حرص على إبراز عالم الظل وما يحدث في الكواليس، ليبرز علاقات عدد من رجال الأعمال والشبكات الاقتصادية بعالم السياسة، وكيف وجدت محاولات لتغيير موازين القوى في عالم الأعمال لصالح مقربين من أحزاب الترويكا في فترة سابقة وصراع رجال الأعمال الجدد مع الحرس القديم الذي تصدر الصفوف الأولى المعارضة للنهضة قبل 2014.
صراع بين جديد وقديم فصله التقرير في كامل عناصره، ليشرح كيف تشابكت مصالح كل طرف من المتصارعين مع الحزبين الكبيرين بالاساس، نداء تونس والنهضة، والاخيرة قال عنها التقرير انها دعمت «التجار» بالأساس وشجعتهم على تجميع الثروة بهدف خلق طبقة من الأثرياء الداعمة لها.
تطرق التقرير الى التجارة الموازية، التي اعتبر انها وجدت تشجيعا من الانظمة الحاكمة بعد 2011 نتيجة تمويل عدد من المهربين ورجال الأعمال العاملين في التهريب لأحزاب سياسية، كما تطرق لكيفية وصول رجال الأعمال لدواليب الدولة بعد وصولهم لمجلس النواب.
كما أشار التقرير الى ان احتكار المناصب الإدارية ساهم في انتشار الفساد و«إضفاء الطابع الديمقراطي عليه» أي الفساد، وشلّ أي عملية إصلاح، رغم نوايا الحكومة، التي نصحها التقرير بتوفير الموارد البشرية والمالية الكافية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لتنفيذ استراتيجيتها في مكافحة الفساد.
كما ترى أنه ينبغي على الحكومة، بالتعاون مع البرلمان، أن تضع إطارا قانونيا يحدّ من تأثير الضغوطات الخارجية على القرارات السياسية. وأن تطلب من الأحزاب السياسية تقديم تقاريرها المالية السنوية إلى دائرة المحاسبات وأن توسع متطلبات التصريح بالمكاسب المطبقة بالفعل على وزراء الحكومة وكبار الموظفين وعلى نواب الشعب وموظفي الرئاسة من أجل إضعاف شبكات الفساد. واعتبر التقرير ان الاصلاح يجب ان يقترن بحوار اقتصادي وطني لدعم الاقتصاد الرسمي ومضاعفة الإرادة السياسية في مكافحة الفساد.