تحافظ حركة نداء تونس منذ سنتين على ذات التصنيف لتحالفها مع حركة النهضة، وفق ما أعلنته ابتسام الجبابلي عضو مجلس النواب عن نداء تونس، وعضو بوفد الحركة في مفاوضاتها مع النهضة، التي أكدت لـ«المغرب» ان موقفهم لم يتغير وان علاقتهم بالنهضة هي «شراكة حكم» فرضتها الانتخابات، وان الشراكة بينهم يحدد مداها وأهدافها وغايتها الوضع العام في البلاد، مع التشديد على انها لن تكون تحالفا انتخابيا في القادم.
وضع عام تقول انه يفرض اليوم استمرار الشراكة، التي لم تتأثر بموقف مجلس الشورى الرافض لقانون المصالحة، بل تعتبر أن التصريحات اللاحقة لقادة النهضة تؤكد على استمرار الشراكة بينهما، وتشدد الجبابلي على انها ليست شراكة حصرية بل مع احزاب أخرى بهدف الوصول بالبلاد إلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي والأمني.
مصطلح الشراكة الذي تتمسك به الجبابلي سيظل قائما طالما ان النهضة تشدد على ان موقفها من قانون المصالحة لن يؤثر على علاقة الحركة برئاسة الجمهورية او بنداء تونس. وترفض النائبة التعليق على رؤية النهضة لتحالفها مع النداء واعادة تقييم هذا التحالف.
تحالف يقول عنه عبد الحميد الجلاصي انه توافق ويشدد على ان التوافق ليس فضيلة أخلاقية بل هو قرار انتخابي، فقراءة أرقام انتخابات 2014 تعبر عن كتلتين ومزاجين، ويبرزان في رقم مليون و 300الف ناخب الكتلة الانتخابية للنداء و رقم 950الف ناخب الكتلة الانتخابية للنهضة. وقراءة هذين الرقمين سياسيا تبين ان النداء غير قادر على الحكم المستقر من دون النهضة ، ولكن النهضة ايضا غير قادرة على اختيار المعارضة،لأن الحكومة من دونها ستكون هشة .
النهضة : تحالفنا ضرورة وعليه ان يتطور
هذا يفسر وفق الجلاصي الالتقاء بين النهضة و النداء، الذي يتجاوز إرادة الحزبين ، باعتباره قرار الجسم الناخب. الذي لم يتغير مما يعني ان القرار لم يتغير، وفق الجلاصي الذي يشير الى استطلاعات الرأي المتعاضدة ،التي تقول ان المزاج الشعبي لم يتغير بشكل جوهري. كما يعتبر ان الهدف من الحكم والتوافق في العهدة ما بعد 2014 هو تحقيق الاستحقاق الثاني للثورة اي الجانب الاقتصادي الاجتماعي.
لكن قراءة الارقام وتأويلها السياسي، لا تعني ان موقف الجلاصي ينتهي عندها فهو يشير الى تساؤل يطرح بشأن التوافق و ان كان التوافق في شكله الحالي و بطريقة إدارته هو توافق منتج او هو توافق عقيم يحفظ الحد الأدنى اي استمرار الدولة دون التقدم في تحقيق الاستحقاقات الضاغطة، دون ان يقدم اية اجابة محددة.
تحفظ الجلاصي على تحديد نجاعة التوافق يقابله اقرار بان النهضة انشغلت بالخطاب المستفز و المعادي احيانا لبعض أصدقائها في النداء الباحثين عن استعادة مناخات صائفة 2014، لكنها في المقابل تعمل على استمرار التحالف وتنصح النداء بايجاد الحلول التي تحفظ وحدتهم . فالنهضة في حاجة الى نداء قوي و منسجم، وفق الجلاصي .
كما يؤكد انه من جهة أخرى يقدّر ان التوافق في حاجة الى اعادة صياغة انطلاقا من تحديد الهدف منه وهو الدخول الشجاع في مرحلة الإصلاحات التي تحرك عجلة الاقتصاد فتخلق الثروة و تعالج الاشكال التنموي .هذا الهدف يحتاج لأكثر من النهضة والنداء، أي يتطلب استمرار التوافق بينهما وشراكة واسعة سياسية واجتماعية توضح الرؤية وتقود الإصلاحات وتتقاسم التضحيات وتوفر المناخات المناسبة من تهدئة اجتماعية وحتى سياسية -انتخابية .
موقف يوضحه الجلاصي اكثر بالقول ان التوافق لا يزال هو الوصفة المناسبة للمرحلة، لكن على الجميع ان يشتغل على تحديد أطرافه واهدافه وطريقة بنائه دون اغفال نتائج انتخابات 2014. باعتبار ان البلاد في مرحلة تشبه صائفة 2013.وتحتاج لصياغة توافق ذي هدف اقتصادي اجتماعي على اساس قواعد الحوكمة الرشيدة .
تصريح القياديين في الحركتين يعكس تقيما مختلفا للتحالف بينهما وتصورا لمستقبله، فالنداء الذي لم يغادر بعد أزماته الداخلية لا يجد لنفسه متسعا من الوقت لصنع المبادرة وظل محافظا على ذات الخطاب، لكن النهضة وفق ما يفهم من تصريح الجلاصي اختارت كلماتها بدقة، وتعتبر ضمنيا ان النداء بما هو عليه اليوم بات حملا ثقيلا عليها.
وان الحل في تخفيف حدة هذ الحمل هو توسيع دائرة التوافقات، لتكون بين طرفين، النهضة من جانب، وقوى اجتماعية وحزبية من جانب أخر تمثل الفلك او الأوساط التي انتخبت نداء تونس 2014.