لم تكن أجواء لقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزرائه بوفد يمثل المحتجين في تطاوين، طوال الساعة والنصف متشنجة، فمن شارك في اللقاء من أعضاء الحكومة حرصوا على ان يشددوا انه كان ايجابيا وان الشاهد استمع للمطالب وكشف حقيقة الوضع لسامعيه من المحتجين. لكن الدقائق الأخيرة من اللقاء حملت تطور نسف جهد أكثر من ساعة عمل خلالها الشاهد على امتصاص الغضب في الجهة وسوق لتصور حكومته للتنمية وكيف تخلق الثروة فيها.
اللقاء الذي انطلق باستجابة الحكومة لمطلب ممثلي المحتجين المتمثل بعدم مشاركة نواب مجلس الشعب في اللقاء، انتهى برفع شعار «ديغاج» في وجه الشاهد ووفده الوزاري الذي ضم وزير الفلاحة ووزير الشؤون المحلية ووزير الشؤون الاجتماعية وبالأساس وزيرة الطاقة والمناجم ووزير الشغل والتكوين المهني.
لكن ما بين ساعة انطلاق اللقاء وخروج وفد المحتجين إلى الشارع وإعلان فشل المفاوضات وتقديم تصريحات لوسائل الإعلام تحدثت عن توجههم للتصعيد، قيل الكثير في قاعة الاجتماعات بمقر ولاية تطاوين، من قبل يوسف الشاهد وطارق الحداد المتحدث باسم تنسيقية المحتجين في تطاوين.
بعيدا عن الخطاب الافتتاحي الذي حمله كل طرف إلى قاعة الجلسة، فالحكومة استعرضت الوضع وقدمت تصورها للحلول وضرورة عودة الثقة بينها وبين المواطنين لتحقيق التنمية، والمحتجون ابلغوها ان مطالبهم هي التنمية وحقهم في الشغل وفي حياة كريمة.
نهاية الخطب الافتتاحية التي قدمت الطرفين لبعضهما البعض، سمحت بالشروع في التفاوض الرئيسي الذي انطلق حول مواطن الشغل في الشركات البترولية، ليعلن رئيس الحكومة انه سيقع تخصيص 70 % من مواطن الشغل لأبناء الجهة وانه سيقع فتح دار للمؤسسات البترولية وان الاولوية في الخدمات البترولية ستكون لشركات منتصبة في تطاوين.
هذه الإجراءات قال الشاهد وفق ما سرب من الاجتماع انها خطوة أولى لاستعادة الثقة ستتلوها خطوات اخرى لم يحددها لسامعيه الذين طالبوا بان يقع انتداب 2000 عاطل في الشركات البترولية عوضا عن 60 موطن شغل التي قدمتها الحكومة، وهنا يقول المحتجون ان الشاهد رفض مقترحهم فهو لا سلطة لديه على الشركات لجبرها على انتداب هذا العدد.
20 % من العائدات أم من ضرائب الشركات البترولية
نقطة خلافية أولى لم تعصف باللقاء وتنهيه بل مهدت للخلاف الرئيسي بين الطرفين، وهو طلب المحتجين من الحكومة تخصيص 20 % من عائدات النفط للجهة، وهو ما قالت مصادر من الحكومة ان الشاهد قابله بالرفض المطلق وانه حذر من ان هذا الخطاب يقسم البلاد ويهدد وحدتها، وان استجابت له الحكومة ستكون تداعياته خطيرة. تداعيات يقول ان اقلها تكريس منطق استحواذ كل جهة على الثروات الطبيعية فيها، وتفتيت الدولة الى ولايات متناحرة. لينتهي التفاوض عند هذه النقطة ويغادر الوفد الحكومي اللقاء.
رواية الجهات الرسمية يقابلها نفي المحتجين لأجزاء منها، فهم وفق عدد ممن شارك لم يطالبوا بتخصيص خمس العائدات البترولية للجهة، وإنما طالبوا بان يقع نقل المقرات الاجتماعية لثلاث شركات من أصل 12 إلى الجهة، ويقول أن عملية نقل المقرات الاجتماعية ستضمن للجهة لاحقا جزءا من الضرائب التي تدفعها الشركات البترولية، قدروه بأنه سيكون في حدود 20 % من الضرائب التي تدفعها الشركات البترولية برمتها سيقع دفعها في القباضة المالية بتطاوين.
هنا يبدو أن المحتجين قد أساؤوا التعبير عن مطلبهم أو أنهم لم يفقهوا ملف جديا، فالضرائب على الأرباح التي تدفع من قبل الشركات أيّا كان مقرها يقع توجيهها إلى خزينة الدولة لا إلى الجهات، على عكس الضرائب المحلية/ البلدية ذات المبالغ الصغرى مقابل الخدمات البلدية.
والأخطر ما يجول في أذهان المحتجين وعبروا عنه بطرق مختلفة، وهو أن يقع تخصيص 20 % من العائدات لجهة تصرف كمبالغ مالية لا كمشاريع تنموية.