مع ليبيا راس جدير مرورا بملف العائدين من بؤر التوتر وصولا الى توفير وسائل الوقاية والحماية للامنيين بالتوازي مع انتقاد استعمالهم للعنف في تنفيذ اجراءات الحجر الصحي وحظر التجول.
عقد مجلس نواب الشعب امس الاربعاء جلسة عامة رقابية في إطار خلية الأزمة، المتركبة من مكتب البرلمان ورؤساء الكتل، وبحضور مكتب كل من لجنة تنظيم الادارة ولجنة الأمن والدفاع خصصت لإجراء حوار مع وزير الداخلية حول تداعيات الجائحة الوبائية على الملف الأمني ودور الوزارة في الحرب على فيروس وتطبيق إجرائي الحجر الصحي العام وحظر التجول.
هشام المشيشي وزير الداخلية انطلق في مداخلته بالحديث عن اجراءات الحجر الصحي وحظر التجول وفرض احترامها، حيث اعتبر ان الاجراءات التي اتخذتها وزارته لفرض احترام قرار حظر الجولان وقرار الحجر الصحي الشامل اتخذت نسقا تصاعديا.
وكشف المشيشي لأعضاء خلية الازمة ومكتبي لجنتي تنظيم الادارة والامن والدفاع بمجلس نواب الشعب ان الوحدات الامنية تمكنت في الفترة الممتدة بين 18 مارس الماضي و20 افريل الجاري من حجز 52700 رخصة سياقة و53000 بطاقة رمادية و 4135 وسيلة نقل.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
كما قال الوزير انه تم في اطار تنفيذ قرار حظر الجولان الاحتفاظ بـ3181 شخصا واحالة 521 شخصا على العدالة بحالة تقديم و2509 اخرين بحالة سراح والتنبيه على 4844 شخصا اما في علاقة بتنفيذ الحجر الصحي العام ، فقد تم الاحتفاظ بـ1283 شخصا واحالة 682 على العدالة بحالة تقديم وايداع 15 آخرين السجن، وفق المشيشي.
أحداث رأس الجدير
أغلب مداخلات النواب بعد انطلاق جلسة الحوار مع وزير الداخلية هشام المشيشي حول الأحداث التي جدت في المعبر الحدودي مع ليبيا براس جدير بمعتمدية بن قردان من ولاية مدنين، اما النائب فؤاد ثامر فقد اعتبر ننه كان من الأجدر وضع إجراءات صارمة لتفادي ما وصفه ب»مهزلة» معبر راس الجدير حتى يعود التونسيّون إلى بلادهم في أفضل الظروف.
وزير الداخلية في اجابته اكد انه لابّد من توفير مناطق اجلاء مسبقا وهو اجراء يتطلب التنسيق بالاضافة الى التاكد من خلو المواطنين الذين تم اجلائهم من مخالفات او جرائم من اصدار صك بدون رصيد الى جريمة ارهابية معّقدة وهو ما يعطّل بعض الشيء اجراءات الاجلاء.
ليمر هشام المشيشي الى التاكيد أنّه تمّ التثبّت من وضعيّة كافّة التونسيين العائدين من ليبيا والذين شهدت عمليّة دخولهم لمعبر رأس الجدير يوم الإثنين تدافعا موضّحا أنّ عددهم تجاوز 600 شخصا وتمّ توجيههم إلى مراكز الحجر الصحي الإجباري بعد تطويقهم أمنيّا.
كما تطرق الى اشكالية المواطن الذي تمّ إيقافه خلال عمليّة التدافع بمعبر رأس الجدير وعلى خلفيّة ما تفوّه به من عبارات اكد وزير الداخليّة إنّه تم التعاطي معه بمقتضي القانون بعد استشارة النيابة العموميّة، ليصبح القضاء المعهد بالمسألة وله تصنيف القضيّة سواء حرية تعبير أو جريمة ثلب مضيفا أنّه تم التثبت في ظروف ايقافه في انتظار تقرير الهياكل المعنية حول ما حصل من تجاوزات في حقّه.
إعتداءات الأمنيين على المواطنين
العنف غير المبرر من طرف الأمنيين وانتقاده مثل محور عدد من المداخلات، حيث اعتبر النائب نبيل حجي أن بعض الأمنيين عمدوا إلى استعمال عنف غير مبرر ضد مواطن تعرض للضرب المبرح بتعلة أنه «هضم جانب موظف عمومي بالقول».
النائب الجمّالي بالضيافي كذلك دعا وزير الداخلية الى ضرورة أن يتحلى أعوان الأمن بمرونة أكبر في التعامل مع المواطنين وأهمية توفير سبل الحماية ومستلزمات الوقاية للأمنيين.
ّ تلك التجاوزات والاعتداءات الحاصلة من قبل بعض الامنيين اعتبرها وزير الداخلية هشام المشيشي معزولة ولا تمثل سياسة الوزارة، وأكد انه تم إحالة وضعيات لتجاوزات على مجلس الشرف وأخرى على أنظار العدالة ليمر إلى الحديث عت عشرات الأمنيين اللذين تعرضوا بدورهم الى اعتداءات خلال القيام بمهامهم وصلت الى حد الاعتداءات الجسديّة.
وبخصوص توفير وسائل الحماية للأمنيين اكد الوزير إنّ الوزارة قد خصصت الاعتمادات اللازمة لتوفير وسائل الحماية والوقاية لمنظوريها تصاعديا حيث تحسنت وضعية توفير وسائل الحماية كثيرا مقارنة بالفترة الاولى من انتشار الوباء.
لكن يبقى الإشكال في عدم توفر وسائل الحماية في السوق المحلية بالنظر إلى وجود طلب كبير على هذه المواد مؤكّدا انّ كل المجهود منصب على توفير وسائل الحماية والتكوين اللازم للأعوان للتعاطي مع هذه الجائحة الوبائيّة.
قانون زجر على الأمنيين
ضرورة حماية الامنيين رافق الانتقادات التي وجهها عدد من النواب لما رأوا فيه استعمالهم بعنف غير مبرر، حيث طالب النائب أسامة الخليفي بضرورة المصادقة على مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين المحال على البرلمان منذ سنة 2015.
الا لن النائب هشام العجبوني اعتبر أن الأمنيين ليسوا في حاجة إلى قانون لزجر الإعتداءات عليهم باعتبار أن القانون يحميهم كموظفين عموميين داعيا إلى تسليط الضوء على بعض التجاوزات الحاصلة عند إيقاف المواطنين وطريقة التعامل معهم داخل مراكز الأمن.
رد وزير الداخلية هشام المشيشي على مسألة شروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين كان بالتأكيد انهم
في حاجة الى حماية وقانون زجر الاعتداء عليهم، إلا أنه اعتبر أن مشروع القانون قديم وهو مطروح منذ 2015 دون المصادقة عليه نظرا لوجود توافق من جميع الأطراف على أن صيغته تتضمن العديد من الأحكام التي لا تستجيب الى رؤية ديمقراطية للمؤسسة الأمنية.
لكن في المقابل كشف وزير الداخلية ان هناك صيغة جديدة لمشروع قانون زجر الإعتداءات على الامنيين سوف تقدّمه الوزارة في اطار مقاربة حقوقية مع اعتراف كبير لمجهودات الأمنين وضمان حمياتهم وحقوقهم الاجتماعية.
العائدين من بؤر التوتر والارهاب
النائبة عبير موسي طالبت بمعرفة أعداد العائدين من بؤر التوتّر خلال عمليات إجلاء التونسيين العالقين خارج أرض الوطن، لتتسائل كذلك النائبة نسرين العماري عن مدى تقدم التحقيقات حول العائدين من تركيا في إطار رحلات الإجلاء.
وزير الداخلية في اجابته على مداخلة النائبتين بالبرلمان خلال جلسة الحوار معه صلب خلية الازمة البرلمانية كشف أنّه تمّ إجلاء 18 ألف و800 تونسي من مختلف دول العالم منذ 16 مارس الماضي من بينهم 3600 تونسي كانوا في ليبيا ليوضح أنّ مسألة اجلاء التونسيين هي مسألة تتداخل فيها العديد من الأطراف الى جانب وزارة الداخلية وذلك لضمان حسن عودتهم رغم تعقّد العمليّة.
لكنه اكد انه تمّ التثبّت من وضعيّة كافة العائدين وإخضاعهم للإجراءات الأمنية والحدودية المعمول بها ليقع أثر ذلك توجيههم إلى الحجر الصحي الإجباري أو اللجوء إلى المسار القضائي المعمول به في هذا المجال في صورة الاشتباه فيهم مهما كانت الجرائم التي تعلّقت بهم.
كما اعتبر وزير الداخليّة هشام المشيشي أنّ المؤسّسة الأمنية واصلت تحقيق النجاحات في مجال مكافحة الإرهاب رغم المهام الأمنية الطارئة التي اقتضتها المرحلة والتدابير المتخذة لمنع مزيد التفشي من فيروس كورونا.
وأشار إلى أنّ العمليّة الإستباقيّة الأخيرة التي جدّت بمرتفعات القصرين بتاريخ 4 أفريل الجاري وأسفرت على القضاء على عنصرين إرهابيين اثنين خير دليل على ذلك.
واوضح أنّهما كان من بين العناصر الشديدة الخطورة وشاركا في عديد العمليات الإرهابية بالقصرين من الهجوم على منزل وزير الداخلية الاسبق لطفي بن جدّو سنة 2015 وعملية هنشير التلة سنة 2014 والكمين الذي استهدف تشكيلة عسكريّة بجبل المغيلة سنة 2015 إلى اغتيال العسكري سعيد الغزلاني وشقيقه خالد الغزلاني وذبح المواطن خليفة السلطاني.