بعد خطاب رئيس الحكومة في الجلسة العامة لمنح الثقة: مواقف نواب الشعب بين مدافع عن التحوير وضده

النقاش العام بين نواب الشعب عقب نهاية خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، انقسم إلى قسمين الأول

يدافع عن التحوير الوزاري ويثمن ما قام به رئيس الحكومة، أما الثاني فكان ناقدا للحكومة والاصلاحات التي ذكرها يوسف الشاهد. تدخلات نواب الشعب لم تغير كثيرا، باعتبار أن التصويت محسوم سابقا بالنظر إلى مواقف الكتل البرلمانية من التحوير.

لئن انتظر الرأي العام الجدل الذي سيرافق الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لفائدة التحوير الوزاري، بالرغم من أنّ الأمور محسومة سلفا بالاعتماد على التصويت «المصغر» في اجتماع مكتب المجلس الأخير الذي أقر عقد جلسة منح الثقة ورفض مطلب كتلة حركة نداء تونس بتأجيلها، إلا أن الجلسة العامة عرفت سلاسة ودفاعا من قبل كتل حركة النهضة والائتلاف الوطني والحرة لمشروع تونس لصالح الحكومة وما ذكره يوسف الشاهد، على عكس المعارضة التي انتقدت الحكومة والتحوير، مقابل تواصل انسحاب نواب كتلة حركة نداء تونس عن مجريات الجلسة العامة.

النقاش العام بدوره ابتعد في بعض الأحيان عن مجريات التحوير، حيث رفضت المعارضة منح الثقة لوزير السياحة المقترح روني الطرابلسي وكاتب الدولة للشباب والرياضة المقترح أحمد قعلول على خلفية التطبيع مع الكيان الصهيوني على حد تعبيرهم، حتى أن النائبة عن الجبهة الشعبية مباركة البراهمي أكدت بعث تنسيقية برلمانية تضم مجموعة من النواب من كتل نيابية مختلفة بهدف العمل عربيا ودوليا على دعم المقاومة والقضية الفلسطينية وتجريم التطبيع بكل أشكاله.

تواصل رفض النداء
كتلة حركة نداء تونس وإن بدت الخاسر الأكبر في هذه المعركة السياسية، إلا أنها استماتت في الدفاع عن موقفها، حيث عقدت الكتلة قبل انعقاد الجلسة العامة ندوة صحفية بمقر المجلس وأطلقت آخر رصاصة كحل لتبرير موقفها من خلال ربط قرارها السابق بتعليق مشاركتها في الجلسات العامة شرط أن توضح الحكومة موقفها من ملف هيئة الحقيقة والكرامة، على عكس كتلة الحرة لمشروع تونس التي عادت إلى مقاعد البرلمان مباشرة بعد الالتحاق بالحكومة. وقال رئيس الكتلة سفيان طوبال خلال الندوة إنه لم يتم استشارة حزبه قبل التحوير الوزاري، معبرا عن استعداد كتلته لحضور الجلسة شرط تطبيق قرار الجلسة العامة القاضي بعدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة. كما أضاف طوبال أنّ الحزب رسميا ليس ممثلا في هذه الحكومة، مشيرا إلى أن التحوير يمثل انقلابا على نداء تونس والتفافا على نتائج الانتخابات محمّلا في ذلك المسؤولية للداعمين لهذه الحكومة، حيث خير ممثلي النداء في حكومة الشاهد بين البقاء في الحزب مقابل الخروج من الحكومة أو الاستقالة من نداء في حالة أرادوا مواصلة العمل ضمن الفريق الحكومي.

المسدي تتهم
وبالرغم من غياب نواب كتلة حركة نداء تونس، إلا أن النائبة فاطمة المسدّي قررت التدخل من أجل توجيه الانتقادات إلى رئيس الحكومة، حيث اعتبرت أن كتلة نداء تونس مقاطعة لهذه الجلسة لأن مكتب المجلس لم يصدر قرارا في إنعقاد هذه الجلسة. واعتبرت المسدي أن تونس تعيش عملية تغيير وجهة للدولة لتمكين الإسلام السياسي منها، بالرغم من التمكن سابقا من تحييد المساجد والدفاع عن حقوق المرأة والحرب ضد الإرهاب، متهمة أن التحوير الوزاري سيكون بمثابة تسليم الدولة التونسية للإسلام السياسي. وتساءلت النائبة في مداخلتها عن أسباب عدم تحدث رئيس الحكومة عن التنظيمات السريّة التي تشغل التونسيين، نحن نطالب بكشف الحقيقة ومصادر تمويل الحركات السياسية خاصة تلك التي في الحكم.

خطاب واضح
كتلة حركة النهضة حاولت إبراز القضايا المطروحة على الساحة واهمية التوافق بعيدا عن الصراعات السياسية، حيث قال النائب الصحبي عتيق أن خطاب رئيس الحكومة جاء واضحا وصريحا حيث احترم الدستور بالرجوع إلى مجلس نواب الشعب، مشددا في نفس الوقت على أن:رئيس الجمهورية يمثل الضامن لإحترام الدستور. كما اضاف أن الاجندة الوحيدة التي يجب العمل عليها هي الاجندة الوطنية التي تضم التشغيل والقضاء على البطالة والقضاء على الفساد والرشوة والإحتكار وغلاء الأسعار، باعتبار أن المعارك الشخصية والحزبية لا تهمّ الشعب. وجدد عتيق دعمه لحكومة الشاهد، من خلال التأكيد على التصويت لجميع الاعضاء المقترحين دون إستثناء حتى يتسنى للحكومة المرور للعمل.

«تحوير مبني على العبث»
في المقابل، وجه نواب المعارضة انتقادات للحكومة في كيفية تعاملها مع الملفات الحارقة الاقتصادية منها والاجتماعية، إذ اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية فتحي الشامخي أن الأسعار الجنونية جعلت حياة التونسي أشبه بجحيم زد على ذلك تدهور قيمة الدينار، في وقت إقترضت الحكومة 20 مليار دينار في سنتين. كما أوضح أن الكفاءات التي كونتها تونس تهاجر بالمئات سواء في التدريس أو الصحة أو غيرها من المجالات الحيويّة. في المقابل، انتقد النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العشّ خطاب رئيس الحكومة الذي وصفه بـ«الواهم»، معتبرا في نفس الوقت أن التحوير الوزاري مبنيّ على العبث باعتبار أن الإستقرار الوحيد المرجو منه هو إستقرار رئيس الحكومة.

الدعم وضرورة الحوار
من جهة اخرى، سعت كتلة الائتلاف الوطني إلى الدفاع عن رئيس الحكومة ومساندة التحوير الوزاري، حيث اعتبر النائب جلال غديرة أن الحكومة المقترحة ستجد حزاما سياسيا باعتبار أن كتلته فخورة بما حققته الحكومة من نتائج، مبينا أن التحويرات الوزارية أعادت الإعتبار للكوادر الإدارية. كما استغرب غديرة من الخطابات التي لم تعد تنطلي على الشعب التونسي حسب مداخلته على شاكلة الخطابات التي تقول أن الدولة يسيطر عليها الإسلام السياسي في إشارة إلى تدخل النائبة عن كتلة حركة نداء تونس فاطمة المسدي. كما دافعت كتلة الحرة لمشروع تونس أيضا عن الحكومة من خلال تدخل النائب صلاح البرقاوي عن الحكومة، الذي انتقد التصريحات التي تعتبر التحوير انقلابا، معتبرا أن البلاد في حاجة ماسة إلى حوار سياسي لتنقية المناخ السياسي والمنافسة مفتوحة بين كل الفاعلين السياسيين. كما أضاف أن التمثيلية الحالية جاءت عبر الصندوق، الأمر الذي يجعل الكتلة تدعم الحكومة بالرغم من أن إمكانيات الفشل متوفرة أكثر من إمكانيات النجاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115