خاص: مبادرة تشريعية في الطريق إلى مجلس نواب الشعب مع بداية السنة البرلمانية مشروع قانون يتعلق بمنع الفحص الشرجي وإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية

من المنتظر أن يتم إيداع مشروع قانون يتعلق بمنع الفحص الشرجي وإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية،

بعد مشاورات مطولة من قبل عدد من نواب الشعب عن مختلف الكتل البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني. مشروع قانون قد يحدث جدلا مع بداية السنة النيابية الخامسة، تحصلت «المغرب» على نسخة منه، في انتظار ايداعه والمطالبة بتسريع النظر فيه.
بعد تداول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة والجدل القائم بخصوصه، سارع العديد من النواب بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني بإعداد مشاريع قوانين متعددة متخذين أجزاء من التقرير في مشاريع منفردة اتسمت بالجرأة نوعا ما. ومن بين المشاريع التي تم إعدادها من المنتظر أن يتم إيداعها خلال الفترة القادمة بمجلس نواب الشعب مشروع قانون يهدف إلى إلغاء الفصل 230من المجلة الجزائية، الذي ينص على «اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلا في أي صورة من الصور المقرّرة بالفصول المتقدّمة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثلاثة أعوام».

التمييز على أساس الميولات الجنسية
مشروع قانون يبدو جريئا نوعا ما يأتي لمجابهة فصل قانوني وضعه المستعمر الفرنسي على حد تعبيرهم نسخا لقوانينه منذ سنة 1913 ليجرم من خلال تنزيله صلب الفصول السابقة له العلاقات الجنسية بين شخصين من نفس الجنس في اطار خاص مع توفر ركني الرشد و الادراك أو القصد في وقت لا يزال الجدل متواصلا صلب الرأي العام والطبقة السياسية، حول التقرير سواء في علاقة ببعض الحريات الفردية أو على مستوى الأقسام المتعلقة بالمساواة في الميراث. وينص مشروع القانون حسب وثيقة شرح الأسباب الذي اتخذ المبدأ الأساسي المتمثل في عدم التمييز على ان المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق بقطع النظر عن إختلافاتهم بما في ذلك توجههم الجنسي وهي القراءة المتفق عليها في فقه كل الهيئات الدولية المشرفة على إنفاذ الصكوك الدولية التي إعتبرت أن المبدأ المذكور يشمل أيضا منع التمييز على أساس الميولات الجنسية.

كما اعتبروا أنه وبالنظر في الفصل 21 من الدستور فإن قاعدة منع التمييز جاءت عامة ومتلائمة مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان والشرعية الإفريقية بمنع التمييز بصورة واسعة لتشتمل التوجهات والميول الجنسية، لكن الفصل 230 من المجلة الجزائية بدا من الواضح أنه في تعارض مع مبدأ منع التمييز بل أنه يكرس التمييز بين المواطنين والمواطنات على أساس الميول الجنسية وجعل من هذا الإختلاف فعلا مجرما ويحد بذلك من الحقوق والحريات دونما إنسجام مع فصول الدستور وأحكامه.

كما اعتمدت وثيقة شرح أسباب مشروع القانون على الفصل 23 من الدستور على أنه «تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي، بالاضافة إلى الفصل 49 على أنه يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.

مناف للدستور والمعاهدات
وثيقة مشروع القانون التي تحصلت «المغرب» على نسخة منها، اعتبرت ان هذه الضوابط الهامة التي وضعها الدستور لحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك تشريعي كان أو ترتيبي أو غيره لا تتوفر في الفصل 230 من المجلة الجزائية والذي يجرم الاختيارات أو التصرفات الحميمية للفرد والتي يمارسها في فضائه الخاص مما لا يتعارض مع أي من القيود المفروضة دستوريا، فنظرا لكونه سلوك رضائي فهو لا يلحق أي أذى بالغير ويمارس في الفضاء الخاص فلا علاقة له بالآداب العامة وليس من شأنه أن يمس لا بالأمن العام ولا بالصحة العامة ويكون منعه وتجريمه متعارضا مع مقومات الدولة المدنية والديمقراطية والتي تقوم أساسا على احترام اختيارات الفرد وصون كرامتهم وحرمتهم وحياتهم الخاصة. كما اعتبروا أن الفصل 230 من المجلة متناف مع أحكام المعاهدات الدولية بما يجيزه من تحريات تحط من كرامة الفرد خاصة عند اللجوء إلى إثبات الأفعال المجرمة بمقتضاه طريق إعطاء الشرعية لأجهزة البحث من أجل التطفل على المعطيات الشخصية للمواطنات والمواطنين كالمراسلات الالكترونية او المكالمات الهاتفية و محتويات المنازل وغيرها واستعمالها لادانة الأشخاص خصوصا الفحوصات الطبية الشرجية التي يعتبرها القضاء أولى وأهم قواعد الاثبات.

وتطرق مشروع القانون إلى توصيات اللجنة الخاصة للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أن فحوصات العذرية والفحوصات الشرجية من الأفعال التي تدخل في باب التعذيب في تقريرها السنوي الصادر في 3 أكتوبر 2014 . لكن في المقابل، فإن الفصل 230 يفتح باب الفحوصات الماسة بحرمة الجسد وبكرامة الإنسان و التي تكون فحوصات قسرية في غالب الأحيان وفق ما جاء في تقارير العديد من منظمات المجتمع المدني في تونس متناقضا مع أحكام الفصلين 5 و7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو نفس التوجه التي أقرته لجنة مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة ولجنة حقوق الطفل، ولجنة مناهضة كل أشكال التعذيب والمعاملات القاسية والإحاطة من الكرامة، وأيضا اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

مزيد من التشاور
. مشروع القانون وبعد تقديم خطوطه العريضة، من المنتظر أن يتم إيداعه لدى مكتب الضبط في مجلس نواب الشعب في الجلسة الافتتاحية أو على أقصى تقدير في شهر أكتوبر، تمت الموافقة عليه إلى حد الآن من قبل 5 نواب عن كتلة حركة نداء تونس و5 نواب عن كتلة الحرة لمشروع تونس وعدد من النواب المستقلين، في انتظار مزيد تجميع إمضاءات أخرى من قبل نواب عن مختلف الكتل البرلمانية، خاصة من قبل نواب حركة النهضة حتى يمر مشروع القانون إلى الجلسة العامة بسلاسة بعد النقاش حوله في لجنة الحقوق والحريات. وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن الكتلة الحرة لمشروع تونس خولة بن عائشة لـ«المغرب» ان النواب بصدد التشاور حاليا قبل إيداع مشروع القانون بصفة رسمية سواء من خلال التنصيص على إلغاء الفصل كليا أو التنصيص على إلغاء الفحص الشرجي حينها يلغى مفعول الفصل 270 من المجلة الجزائية، واعتبرت أن النقاشات لا تزال حاليا مع بعض الكتل البرلمانية ورفقة النائب المستقل ياسين العياري على أن يتم عقد سلسلة من اللقاءات والاستماعات إلى منظمات المجتمع المدني في الأيام القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115