تم تأجيل النظر في ثلاثة مشاريع قوانين أولها مبادرة تشريعية تتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات من أجل التوافق حول مقترحات التعديل. كما تم تأجيل النظر في مشروعي اتفاقيتين بين تونس وكل من مصر والسودان، نتيجة غياب نواب الشعب والنقاش العام.
مع انطلاق الجلسة العامة، ألقى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر كلمة بمناسبة استئناف أشغال المجلس التي تزامنت مع إعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية، حيث عبر الناصر عن أمله بأن تكون المجالس البلدية الجديدة في خدمة المواطن ومصالحه ومشاغله، وأن تتبوّأ مكانتها في دعم البناء الديمقراطي. وبين أن نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي يمثل لبنة أساسية في مواصلة البناء المؤسساتي للدولة الذي ما انفك مجلس نواب الشعب يلعب دورا فعّالا في تجسيده، الأمر الذي سيساهم في ترسيخ الديمقراطية المحلّية ويجعل منها وسيلة إضافية لخدمة التنمية.
تغيير جدول الأعمال
هذا وقد أعلن رئيس المجلس عن تغيير جدول أعمال الجلسة العامّة، وذلك بإرجاء النّظر في مقترح القانون المتعلّق بالمسؤوليّة المجتمعيّة للمؤسّسات، والّذي تمّ إدراجه في النقطة الأولى لجدول الأعمال إلى النقطة الأخيرة. وفي هذا الإطار، انتقدت منظمة بوصلة هذا القرار معتبرا أنه كان من الضروري التصويت على تغيير جدول الأعمال، وهو ما يُمثّل خرقا لمقتضيات الفصل 110 من النظام الداخلي الذي ينصّ على أنه يحق لرئيس الجلسة أن يقترح تعديل جدول الأعمال على أن تقع المصادقة على التعديل بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
الجلسة العامة دخلت مباشرة في صلب الموضوع من خلال مناقشة مشروع القانون الأول المتعلق بإتمام القانون عدد 13 لسنة 1994 المؤرخ في 31 جانفي 1994 والمتعلق بممارسة الصيد البحري، المصادق عليه بــ123 نعم 01 احتفاظ و01 رفض. ويتعلق المشروع بمعاينة جرائم الصيد البحري وإثباتها، حيث يهدف المشروع إلى تمكين الأعوان المكلفين بمعاينة الجرائم من الاعتماد على المعلومات التي توفرها تجهيزات المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية لإثبات مخالفات الصيد البحري.
تجهيز المراكب بأجهزة مراقبة
النقاش العام بين نواب الشعب تطرق بالأساس إلى وضعية البحارة في تونس على غرار استهداف الثروات البحرية من قبل الأجانب، حيث قال النائب عن كتلة حركة النهضة الهادي إبراهم أنه يجب العمل عل حماية مراكب الصيد على غرار مراقبة قطاع الصيد البحري، باعتبار أن حياة البحارة في خطر دائم وهو ما يتطلب توفير جميع الظروف لحمايتهم قبل الحديث عن مكافحة الصيد العشوائي. وأضاف أن ما يزيد صعوبات عمل البحارة استباحة الثروات البحرية من قبل البحارة الأجانب. لكن في المقابل، فإن مراقبة جرائم الصيد البحري عبر الأقمار الصناعية تتطلب ضرورة توفير التجهيزات الضرورية لتكون ناجعة حسب ما بينته النائبة هاجر بالشيخ أحمد، التي أكدت أيضا أن المراقبة ستساهم في مكافحة الهجرة السرية وبيع الثروات السمكية إلى الأجانب.
كما تحدث نواب الشعب عن الصيد العشوائي بما يعرف بـ «الكركارة»، المصنفة بالممنوعة في كل دول العالم لأنها تهدد الثروة البحرية، حيث أن مراقبتها تتطلب منظومة متكاملة. في حين تساءل البعض الآخر عن خطة الوزارة ليتمكن البحارة من تجهيز مراكبهم بالتجهيزات الضرورية، خصوصا وصغار الصيادين غير قادرين على اقتنائها، بالإضافة إلى الإجراءات المتبعة في حالة رفض البعض تجهيز مراكبهم. وفي رده على تساؤلات النواب، قال كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري عبد الله الرابحي أنه لا يمكن معالجة ظاهرة الصيد العشوائي دون اللجوء إلى الإصلاحات، في ظل استنزاف الثروة السكينة، على غرار خليج قابس مثلا المستنزف بـ 45 %. وبين أنه تم تكوين 100 حرس بحريّ موزعين على مختلف الجهات، إلى جانب أن تربية الأحياء المائية ارتفعت بـ 14،2 % خلال سنة 2018 مقارنة بسنة 2017. وأكد الرابحي أن الأجهزة التي سيتم تركيزها تتعلق بالبواخر التي تتجاوز 15 متر الناشطة في مجال الصيد الساحلي، مشيرا إلى أنه تم تسجيل 1130 مخالفة في سنة 2017 بفضل مجهود الجيش وقوات الأمن.
من جهة أخرى، نظرت الجلسة العامة في مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية تعاون مبرمة بتاريخ 12 نوفمبر 2017 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية مصر العربية في مجال النقل البحري. وتهدف الاتفاقية إلى تحقيق تنسيق أفضل للحركة البحرية التجارية بين البلدين، وتفادي العوائق التي من شأنها أن تضر بتنمية النقل البحري، بالإضافة إلى تنمية التعاون الفني والتدريب وتبادل المعلومات في مجال النقل البحري والموانئ، العمل على تنسيق مواقف البلدين في المنظمات والمحافل الدولية ذات العلاقة، التنسيق والتعاون في مجال رقابة دولة الميناء وتطبيق المتطلبات الدولية.
تأجيل النظر في مشروعي قانون
وغاب النقاش العام بخصوص مشروع القانون المذكور باستثناء مداخلتين فقط للنائبين ماهر المذيوب وعمار عمروسية اللذين أكدا على ضرورة دعم تكوين الطيارين أكاديميا، وأيضا على أهمية الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية في مجال الطيران. في حين، قال وزير العلاقة مع البرلمان إياد الدهماني أن الاتفاقية ستساهم في تطوير مجال النقل بين البلدين، مؤكدا على أن التفويت في الناقلة الوطنية أمر غير مطروح بتاتا. لكن في المقابل، لم يتم التصويت على مشروع القانون، حيث تم إرجاؤه إلى موعد لاحق رفقة مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على اتفاق في مجال خدمات النقل الجوي مبرم بتاريخ 23 مارس 2017 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية السودان. تأجيل النظر في مشروعي القانون يأتي على خلفية غياب النقاش العام حيث لم يتقدم أي نائب بمداخلة على غرار عدم توفر النصاب القانوني، مما أجبر رئاسة المجلس إلى تأجيله.
وبعد تأجيل النظر في مشروعي القانون المذكورين، تم إعطاء الأولوية إلى مقترح القانون المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات مقدم من قبل 28 نائبا عن مختلف الكتل البرلمانية حتى المعارضة منها. ويهدف مشروع القانون إلى تطبيق مبدأ المسؤولية المجتمعية للمؤسسات لما سيمثله من حل لعديد المشاكل الاجتماعية والبيئية، من بينها المساهمة في تحسين مناخ العمل داخل المؤسسة وخارجها وبالتالي تحسين مردوديتها والرفع من نسق الإنتاج، المصالحة بين المؤسسة ومحيطها البيئي، المساهمة في التنمية الجهوية والمحلية وفي تنمية عادلة ومتضامنة، تحسين الحوكمة داخل المؤسسات.
مناقشة مقترح قانون المسؤولية المجتمعية
النقاش العام بين نواب الشعب حول مقترح القانون المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات تطرق بالأساس إلى أهمية لعب المؤسسات الاقتصادية دورها في التنمية المحلية والتشغيل، باعتبار أن المؤسسة لها دور اجتماعي وبيئي خاصة في الجهات التي تتمتع بأنشطة في مجال الثروات الطبيعية. وقالت النائبة عن الاتحاد الوطني الحر درة اليعقوبي أن مقترح القانون يهدف إلى تحميل المؤسسة لتبعات أنشطتها على الجهة، من أجل إحلال السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة. أغلب النواب ثمنوا مقترح القانون باعتبار يندرج في إطار التمييز الإيجابي والعدالة الاجتماعية بين مختلف المناطق. في المقابل، طالب عدد من النواب بمزيد تطوير مشروع القانون من ربط البيئة بالاقتصاد ، وأيضا في علاقة بالاقتصاد الاجتماعي التضامني.
كثرة التعديلات..
ومع انتهاء النقاش العام، تقدم أصحاب المبادرة بتقديم مقترح القانون من بينهم النائبة ليلى أولاد علي التي بينت أن مقترح القانون جاء متوافقا مع الاتفاقيات والعلاقات الدولية في مجال التنمية المستدامة. وبينت أن تحمل المسؤولية المجتمعية سيساهم في إرساء الشفافية وتطوير الحوكمة وتنقية المناخ الاجتماعي، وهو توجه جديد لدفع التنمية المحلية والتنمية المستدامة. مشروع القانون الذي يضم 11 فصلا حظي بعديد مقترحات التعديل من قبل الكتل البرلمانية، ليتم الاتفاق على إحالة التعديلات الواردة على لجنة التوافقات ثم المصادقة عليها في جلسة عامة لاحقة تحدد من قبل مكتب المجلس.