القوات الحاملة للسلاح من أجل تسريع المصادقة عليها قبل موعد الانتخابات البلدية. لكن في المقابل، فإن اللجنة تعترضها جملة من التحديات عل مستوى النقاط الخلافية بين أعضائها في أغلب الفصول الهامة الأمر الذي يجبرها على عقد توافقات بخصوصها.
تتوقف أشغال مجلس نواب الشعب على امتداد الأسبوع الحالي من أجل فسح المجال لأسبوع الجهات، على أن تستأنف أشغاله بداية من 2 جانفي 2018 من خلال عقد جلسة عامة من أجل المصادقة على مشروعي قانون، يتعلق الأول بمنح عطلة استثنائية للأعوان العموميين المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية والجهوية والبلدية، أما الثاني فيتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي (لانزاروتي).
لكن الأهم من ذلك، فقد حدد مكتب لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح سلسلة من الجلسات من أجل استكمال المصادقة على مشروع القانون المتعلق بمجلة الجماعات المحلية، بعد التوقف عن مناقشتها منذ المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2018. آخر جلسة عمل بخصوص مجلة الجماعات المحلية كانت منذ حوالي شهر تقريبا أي يوم 26 أكتوبر الفارط، حيث بلغت اللجنة حينها الفصل 87 من جملة 363 فصلا.
تعدد نقاط الخلاف والجدل
لكن في المقابل، فإن عديد النقاط الخلافية تم تأجيل النظر فيها إلى حين التوافق حولها ولعل أهمها في كيفية تركيز مبدأ التدبير الحر للجماعات المحلية، حول تفرغ رئيس الجماعة المحلية من عدمه في حدود الفصل 6، بالإضافة إلى صلاحيات الجماعات المحلية بالتحديد وفي ما يتعلق بحلول الوالي محل الجماعة المحلية في ممارسة بعض صلاحياتها الذاتية على مستوى الفصل 13. وفي هذا الإطار، انقسمت مواقف أعضاء اللجنة إلى ثلاثة مواقف، أولها المطالبة بوجوب التجاء الوالي إلى القضاء الإداري بعد معاينته للتقاعس من قبل الجماعات المحلية، أما الموقف الثاني فيتمثل في إمكانية وجود حكم ثالث يتمثل في المجلس الأعلى للجماعات المحلية، أو الرأي الأخير الذي يعتبر أنه لا يمكّن الوالي من التدخل في الصلاحيات الذاتية للجماعات المحلية إلا بشكل استثنائي.
من الملاحظ أن هناك عديد الفصول الخلافية في مشروع المجلة، حاولت اللجنة تأجيل النظر فيها بالرغم من أهميتها، حيث اختلف أعضاء اللجنة أيضا في الفصل 16 المتعلق بتقييم عملية نقل الصلاحيات بين من يرى ضرورة التنصيص على دورية التقارير التي يجب أن يعدها وينشرها المجلس الأعلى للجماعات المحلية بــ3 سنوات، وبين من يرى أن نقل الصلاحيات ستصاحبه بالضرورة عملية تقييم مستمرة. كما مثل الفصل 21 المتعلق بتنازع الاختصاص بين الجماعات المحلية في ما بينها جدلا صلب اللجنة، حيث طالب عدد من النواب ضرورة الحفاظ على الطور الصلحي بمرحلتيه، أو الحفاظ على الطور الصلحي لكن بتقليص مراحله، والرأي الأخير مع إلغاء الطور الصلحي والإبقاء على الطور القضائي فقط.
وشكلت آلية التنسيق بين رئيس الجهة ورؤساء المجالس البلدية و بين الوالي في الفصل 22، خلافا كذلك على غرار تفويض مجلس الجماعات المحلية سلطته الترتيبية لرئيسه، حيث اعتبر البعض أن التفويض يجب أن يكون استثنائيا وبقرار معلل بأغلبية معززة، وبين من يؤكد على أنه لا يجب التخوف من عملية التفويض التي تهدف الى تسهيل العمل اليومي. وبخصوص مبدأ الديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة في حدود الفصلين 28 و 29، ناقشت اللجنة استعمال لفظ المواطن أو المتساكن باعتبار أنه في إطار اللامركزية، يتم الحديث عن متساكن محلي إضافة إلى الأجنبي الذي يقوم بأداء واجبه الجبائي، مقابل أن الدستور تحدث عن المواطن وليس المتساكن.
نقاط بسيطة لكنها خلافية
من جهة أخرى، شكلت بعض النقاط التي توصف بالبسيطة بعض الخلافات كمكان إيداع جريدة الجماعات المحلية في الفصل 41، حيث طالب البعض بأن يكون إيداع الجريدة الرسمية بمقر المجلس الأعلى للجماعات المحلية الذي يجب أن يكون، وفقا للدستور، خارج العاصمة. في حين يوجد رأي ثان يعتبر أن تغيير إيداع الجريدة بمقر ولاية تونس العاصمة يجب أن يتم من خلال تنقيح قانون سنة 1993 المتعلق بإجراءات النشر. لكن في المقابل، فإن الفصل 43 يعتبر من أهم النقاط الخلافية والمتعلق بتركيبية المجلس الأعلى للجماعات المحلية، حيث انقسمت اللجنة إلى قسمين بين من يعتبر أن إدراج الجمعية الأكثر تمثيلا للمدن التونسية و رؤساء المجالس البلدية الأكبر عددا سكانيا من شأنه ضرب مبدأ التوازن بين الجهات، وبين من شدد على أنه يمكن إدراج رئيسَيْ بلدية عن كل جهة ينتخبان من قبل رؤساء البلدية بالجهة و رؤساء المجالس البلدية للأربع بلديات الأضعف من حيث مؤشر التنمية، إضافة إلى حضور ممثلين عن الجمعية الأكثر تمثيلا للمدن التونسية والهيئة العليا للمالية المحلية العمومية في الاجتماعات دون حق التصويت. كما طالب أعضاء اللجنة في الفصل 44 بالتحديد بضرورة انتخاب نائبي الرئيس مع مراعاة مبدأ التناصف، أو انتخاب نائبي الرئيس مع الالتزام بمبدأ التناصف، مع وجود رأي ثالث يعتبر أنه يجب انتخاب نائبي الرئيس بالالتزام بمبدأ التناصف مع مراعاة حالات الاستحالة.
تواصل الخلافات...
وفي إطار الشفافية، لم تتمكن اللجنة من تحديد علنية اجتماعات المجلس الأعلى للجماعات المحلية في الفصل 46 من عدمها، بعد وجود أعضاء مع العلنية وآخرين ضد هذا المبدأ. كما تواصل الخلاف أيضا على مستوى تركيبة الهيئة العليا للمالية المحلية في الفصل 56، حيث اقترح البعض إضافة 4 نواب من لجنة المالية في تركيبة الهيئة، وبين من طالب بإضافة ممثل عن المعهد الوطني للإحصاء و ممثل عن القضاء المالي، أو الترفيع في عدد ممثلي المجلس الأعلى للجماعات المحلية من 6 إلى 9. هذا وقد انحصر الخلاف أيضا في الأغلبية المخولة للتصرف في الأملاك الخاصة للجماعات المحلية في الفصل 65، وأيضا حول إعلام أمين المال الجهوي، إلى جانب المبادئ العامة لتسيير المرافق العامة المحلية، وعقود تفويض المرافق العامة في الفصل 87.