مجلس شورى النهضة: غلت القاعة وصمت البيان ورحّلت الملفات إلى فترة أخرى

لم يأت بيان مجلس شورى حركة النهضة مختلفا عن سابقيه، تثمين لمجهود الكتلة البرلمانية وإعراب عن قلق من سوء الأوضاع العامة، رغم أن سحب الدورة الـ15 ثقلت بالنَّوْءٌ، انتقادات لخيار تمرير قانون المصالحة ولخيارات سياسية للحركة في الشهر الأخير، نجح أعضاء الشورى الـ150 في احتوائها والخروج سالمين، خاصة رئيس الحركة راشد الغنوشي ورئيس كتلها نور الدين البحيري.

صدر أمس بيان مجلس شورى حركة النهضة في دورته الـ15 المخصصة لمتابعة الأوضاع العامة بالبلاد والمستجدات الأخيرة على الساحتين الداخلية والخارجية، وتضمن البيان 8 نقاط استهلت بالإعراب عن انشغال المجلس بالصعوبات الاقتصادية والاجتماعية ليدعو الجميع للعمل معا لتجاوزها. وهنا يعلن انه صادق على مقترحات الحركة بخصوص البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة في أفق 2020. كما أعلن عن عقده لدورة خاصة بإعداد ميزانية 2018.

كما لم يغب عن البيان التطرق الى مقتل القيادي الاخواني المصري محمد مهدي عاكف داخل السجون المصريّة وادانة النظام المصري، كما النظام البورمي بسبب عمليات القتل والتهجير الواسعة التي تنفذها حكومة ميانمار ضد اقلية الروهينغا المسلمة في إقليم أراكان غربي البلاد.

الذهاب إلى العموميات لم يطل أكثر من ثلاث نقاط ليعلن عن الدسم في البيان، وهو تثمين دور كتلة النهضة بالبرلمان لما ادخلته من تعديلات جوهرية على مشروع قانون المصالحة الإدارية بما جعله متوافقا مع الدستور وقانون العدالة الانتقالية، وفق نص البيان الذي تضمن دعوة الى التعجيل في تحديد تاريخ رسمي ونهائي للانتخابات البلدية.
نقطتان من البيان أعلن بهما الشورى نهاية الجدل الدائر بين أعضائه، بشأن الخيارات الأخيرة لرئيس الحركة ومكتبها التنفيذي، وهي أساسا قانون المصالحة وتأجيل الانتخابات البلدية وكيفية امتصاص تصريحات رئيس الجمهورية المنتقدة للحركة في الشهر الأخير، اذ انقسم المجلس على فرقين الاول حاول تنزيل الخيارات السياسية في إطارها وتبرير ضرورتها، من ذلك عدم استعداد الحركة لخلق ازمة لن تبقى على النظام السياسي الحالي.

قراءة انتصر أصحابها الى المكتب التنفيذي ورئيس الحركة، واعتبروا ان الشورى فوضه بان يتخذ القرارات المناسبة في قضيتين، وقدم له توصياته، الأولى قانون المصالحة بما يتماشي مع الدستور وقانون العدالة الانتقالية والثانية استكمال الانتقال الديمقراطي، من ذلك إجراء الانتخابات البلدية، هذا التيار اعتبر ان «الشيخ» تحرك في الهامش المسموح به وطيع التوصيات لتتماشى مع الواقع الذي فرض على الحركة، في قانون المصالحة وتأجيل الانتخابات البلدية. وان ما تم القيام به جنب البلاد أزمة سياسية لا تقدر على تحمل تداعياتها، ولكن في ذات الوقت ضمن مكتسبات ومنها سد الشغور في الهيئة وتاريخ اولي للانتخابات البلدية.

مقابل هذا الشق وقف المعارضون الذين اعتبر ان الخيارات المتخذة كانت مفرطة في الحماية والخوف، وان السياقات العامة التي ميزت الفترة السابقة كانت تحتاج لرد مختلف من ذلك ما يتعلق بقانون المصالحة الذي وان انتقد من قبل البعض فانه كان من حيث المضمون محل إجماع على عكس الوقائع التي رافقت تمريره، من ذلك تصرف شريكهم نداء تونس. هذا الشق يعتبر ان الخيارات الاخيرة تندرج في اطار سياسة الخوف والانبطاح ويتناقض مع حقيقة الميدان وهي ان النهضة هي الحزب الاول في البرلمان وهي الطرف السياسي الأبرز الداعم للحكومة وهي التي تمرر القوانين.

اشغال الدورة الـ15 لم تخل من انتقادات صريحة لرئيس الحركة الذي سبق واتهمه عبد اللطيف المكي «بالاستفراد بالقرار» لكن في النهاية وقع لملمة الامر بما لا يجرح في «الشيخ» الذي ترافق انتقاده مع جملة «الإجماع على شخصه» وعلى خيار التوافق، لكن الخلاف استمر في الكيفية مرة أخرى.

حدة النقاشات التي استمرت على يومين لم يغب عنها الاشارة الى خطورة التصدع ان تم في البيت النهضاوي خاصة وان «ما حدث حدث» ولا يمكن التراجع عنه وانما تحسينه وتجنب الوقوع فيه ثانية، وهنا القى الجميع بمقترحه، لينتهي الأمر إلى تقديم المشترك ومنه، إحياء ملف العفو التشريعي العام. في النقطة الـ6 من البيان، عبّر فيها المجلس عن انشغاله للتعثر الذي يواجه عددا من القضايا ذات الطابع الاجتماعي بعدد من الجهات ومن بينها قضية مناضلي العفو العام عموما وكذلك المعتصمين بساحة باردو منذ ما يزيد عن السنة والثماني أشهر، الذين يطالبون بتسوية وضعياتهم الاجتماعية وفق مرسوم العفو التشريعي والعام، وجبر الاضرار الجسيمة التي لحقتهم خلال مرحلة الاستبداد وفق ما نص عليه قانون العدالة الانتقاليّة.
هذه النقطة التي أثيرت في مجلس الشورى وصعدت من التوتر داخل القاعة، التي لم تهدأ طوال يومين في ظل تجاذب حاد، خير الجميع ان يقع ترحيله الى مرحلة قادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115