في اختتام أشغال مجلس شورى حركة النهضة وكما هي العادة، أقام رئيس المجلس عبد الكريم الهاروني نقطة إعلامية تحدث فيه عما ناقشه الأعضاء، لكن هذه المرة لم تمر تصريحات الهاروني دون ان تثير جدلا صلب الحركة، حتى وان بحث الجميع عن عدم دفع الأمور الى التطور اكثر.
الهاروني أعلن صراحة ان مجلس الشورى ناقش جملة من الملفات ومنها مضمون حوار رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي أعلن فيه عن طلبه المباشر لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بعدم الترشح الى انتخابات 2019، وقال ان موقف الحركة هو دعم الحكومة وحربها على الفساد والفاسدين، ملحقا إعلان الدعم بتشديده على أن المجلس يدعو للتفرغ والتركيز على الأولويات، كما انه لا يرى ان من مصلحة البلاد الزج بها في حملة انتخابية سابقة لأوانها.
موقف نفاه محمد بن سالم، الذي شدد على ان مجلس الشورى لم يعلن هذا الموقف، رغم عدم حضوره لأشغال الدورة 14، لكنه يعلم من قبل زملائه في المجلس انه لم يقع إقرار هذا الموقف او غيره، وهو ما المح إليه عبد الحميد الجلاصي في حوار مع «المغرب» قال فيه ان جلسة الشورى كانت طويلة وذات جدول أعمال مكثف ،فقد تمت مناقشة ملفين من الحجم الثقيل، يتعلق الأول بإصلاح الحركة وتطويرها وتحسين أدائها ومأسسة عملها بما يجعلها جاذبة للتونسيين، معبرة عنهم ،وفق ما تعبر عنه لوائح المؤتمر العاشر ، وهو الملف الذي عكفت عليه مؤسسة الشورى منذ مدة وتطرقت اليه في دورتها الأخيرة من خلال ورقتين أعدهما مكتب مجلس الشورى والمكتب التنفيذي، وفق إشارته.
اما الملف الثاني فهو متابعة استعدادات الحركة للانتخابات البلدية القادمة من حيث المساهمة في توفير المناخ السياسي المناسب و تهيئة القائمات ودفع هياكل الحركة لحسن الاستعداد. وهنا يعلن الجلاصي ان الملف السياسي لم يحض بالكثير من النقاش الا في الفقرة المتعلقة بالإصلاح والتطوير اذ ركزت مداخلات كثيرة على مقترحات تحسن الأداء السياسي و الإعلامي للحركة وتوسع دائرة الشراكة و التحالف.
تجنب الجلاصي الخوض في الجدل الحاصل في اشغال مجلس الشورى ولكن لم يغب عنه ان يعلن ان « رئيس الحركة لم يطلب من الشاهد عدم الترشح ، بل نصحه بالتركيز على المهام الأساسية لتجنيب الحكومة الخوض في تجاذبات في ظل مرحلة حساسة»، لكن ان تعلق الامر بما اعلنه الهاروني من موقف رسمي يطالب الحكومة بالتركيز على أولوياتها قال الجلاصي ان الامر لم يتم عرضه على التصويت.
ليضيف ان رئيس الحركة هو الناطق الرسمي باسمها وان لمجلس الشورى صلاحياته في المتابعة، ليعلن هنا ان النهضة بكل مؤسساتها لا يمكنها ان تطالب بما فيه شبهة تعارض مع الدستور،كما انها تفضل ان يتوجه المشهد الحزبي برمته الى التركيز حاليا على مهام المرحلة وهي التنمية ومقاومة الفساد و إنجاح الاستحقاق الانتخابي ، لا الدخول في معارك سابقة لأوانها قد تشوش على بوصلة البلاد.
تعارض التصريحات توحي بان النقاش احتد في اشغال مجلس الشورى وان الجميع يريد لزلزال التصريحات ان يتوقف لكن دون مزيد من توريط الحركة في «مواقف» خاطئة. ليشير الجلاصي في حوراه مع «المغرب» الى ان حركته ليست مع منع اي مواطن من ممارسة حقوقه، في رده على سؤال ان كان طلب الغنوشي الموجه للشاهد هدفه اقصاء هذا الاخير لصالح مرشح الحركة في انتخابات 2019.
انتخابات قال الجلاصي ان الحديث عنها «سابق لأوانه ، وحركة النهضة وان كانت معنية سياسيا بانتخابات 2019،الا انها لم تتطرق لذلك من حيث صيغ الدخول او الاسماء»، ليضيف ان للبلاد مؤسسات تحكم ، و للشعب انتظارات كثيرة ، لا يجب ان يشوش عليها كما لا يجب زيادة درجة احباط المواطنين من الطبقة السياسية .
اما عن تداعيات ما قاله الغنوشي على علاقة الحركة بالحكومة وبرئاسة الجمهورية فقد قال الجلاصي «لم تتوتر علاقتنا بالسيد رئيس الحكومة ، وجددنا له مساندتنا، وندعوه الى مزيد بذل الجهد لتحقيق طلب التونسيين ، ويعرف انه يجد فينا طرفا مسؤولا ، و البعض يتمنى توتير علاقتنا مع السيد رئيس الجمهورية ولن يحصل ذلك من اجل خدمة تونس»
محاولة الحد من خسائر خروج رئيسها لمطالبة الشاهد بعدم الترشح وما اثارته من نتائج عكسية على الحركة امر واقع فقد انتقلت كرة النار الى صلب الحركة التي تبحث عن اخمادها دون ان تضطر لخسارة اضافية، لكن هذا لا يعني انها ستصطف خلف كل ما يصدر عن دائرة المقربين من الرئيس.